المرشد الأسري
- يقول أب إنه يخشى فقدان الاحترام من أبنائه، وضعف سيطرته عليهم، بسبب شخصيته المازحة معهم.. فماذا يفعل؟
-- يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري، بأن مدارس التربية اختلفت بين قائل: إن المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب، وآخر يقول: من كثر مزاحه زالت هيبته، ومن كثر خلافه طابت غيبته.
وفريق آخر يرى المزاح جزءاً مهماً في التربية، وله وظائف عدة، فهو يلطف الأجواء، ويؤلف القلوب، ويدخل السرور إلى البيت، ويزيل الملل من الأسرة.
وتعرف بعض الشخصيات بكثرة المزاح، لكن الإكثار منه غالباً يجرح المشاعر، ويسبب الأذى إن استخدم بطريقة خاطئة أو مفرطة، وقد يتحول إلى آفة في السلوك، وداء في المعاملة، فقد جاءت بعض الحكم القديمة تحذر من ذلك بأن «أي شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده»، والمزاح بدوافعه الإيجابية يُعدّ وسيلة ناجحة للتربية.
فالأبناء بالمرح تزول بينهم وبين الآباء الحواجز، والتسلية تبني علاقات الود في نفوسهم، فالحياة التي يغلب عليها الجد تتحول غالباً إلى الملل، فيلوذ الابن إلى شيء من الدعابة، مثل جلسة قصيرة للاستراحة، تعيد إليه النشاط والحيوية، ولابد من تدريب على هذه المهارة، فالمدرّس في الحلقة الدراسية يحتاج إلى وسائل يُدخل بها على طلابه - أحياناً - المرح والفرح، ليبعد عنهم الملل والسآمة، والأوائل من علماء الأدب والتربية لهم مناهج متخصصة في الفكاهة.
كما أن كتب النحو والبلاغة تتخللها قصائد مضحكة، وحكم فيها شيء من الطرب والمداعبة، وتعد هذه الوسيلة متميزة في التجديد والتنوع اللذين يعيدان إلى الذهن نشاطه، ويدفعان العقل إلى التعلم، فحاجتنا إلى المزاح واللعب مع أبنائنا كحاجة الطعام إلى الملح، إن زاد فسد وإن قلّ لم يعط الطعام نكهته، فالمزاح يعمل أحياناً على التخلص من القلق والزعل والغضب، لأنه باب من التسلية، ونافذة تدخل منها نسمة عليلة من البهجة والسرور. وأفضل الآباء تربية الذي يجمع بين الجد والمرح، فتبقى هيبته، ويأنس الأبناء برؤيته.
والمطلوب هو بناء بيئة أسرية هادئة بالتربية والتعليم، بعيدة عن الروتين، متميزة بالجاذبية، مرحة بالمتعة، مفعمة بالتفاعل.
وعندما يمتزج المرح بالتوجيه، ويلتقي الفرح بالإنجاز، تتغلغل في النفس روح الاعتزاز التي تدعم التربية وتنقلها تلقائياً إلى سجل التميز والنجاح.
المستشار الأسري