«معاذ» يتحرر من عزلتــــه ويواجـه «التوحد» بمجسمات صلصالية

طوّع الشاب معاذ حسين، المصاب باضطراب طيف التوحد، مادة «الصلصال»، وجعلها وسيلة لمواجهة إعاقته، إذ أسهم تشكيله بالصلصال لنماذج مختلفة في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي لديه، كما مكنه من إجادة استخدام الحاسب الآلي، والتحدث بثلاث لغات.

ومعاذ طالب في مركز الشارقة للتوحد، التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ويبلغ 19 عاماً، وقد تمكن خلال سنوات وجوده في المركز من التفرد بمهارة تشكيل الصلصال، ما دفع المركز إلى تنظيم معرض لمنتجاته التي أثارت إعجاب جميع من شاهدوها.

التحق معاذ بالمركز وهو في الخامسة من عمره، وكان يعاني وقتها قصوراً شديداً في التواصل والتفاعل الاجتماعي، وفي العديد من التحديات السلوكية. وقيّم اختصاصيو المركز حالته، ووضعوا خطة فردية له، مع استمرار التنسيق بشكل متواصل مع أسرته عبر «خدمات الإرشاد الأسري»، التي يقدمها المركز للأهل ليكونوا شركاء في عملية التأهيل والتدريب، بحسب مدير مركز التوحد، هيثم حياري.

• تطورت قدرة «معاذ» على التواصل عبر المجسمات والصور إلى أن خلقت لديه قدرة على التواصل اللفظي بطلاقة.

• «معاذ» حقق استقلالية كبيرة خلال أعوام من التدريب والتأهيل في مركز الشارقة للتوحد.

التوحد

التوحد هو أحد اضطرابات «الطيف الذاتويّ»، ويظهر في سن الرضاعة، على الأغلب، أي قبل بلوغ الطفل ثلاث سنوات.

وعلى الرغم من اختلاف خطورة وأعراض التوحد من حالة إلى أخرى، فإن جميع اضطرابات الذاتوية تؤثر سلباً في قدرة المصاب على الاتصال مع المحيطين به، وتطوير علاقات متبادلة معهم.

وتُظهر تقديرات علمية أن عدد الحالات المشخصة، من المصابين بهذا الاضطراب، تزداد باطراد. ومن غير المعروف ما إذا كان الازدياد نتيجة للكشف والتبليغ عن الحالات، أم هو ازدياد فعليّ وحقيقي في عدد المصابين به، أم نتيجة العاملين معاً.

ويمكن للاعتناء المكثف والمبكر أن يُحدث تغييراً ملحوظاً وجدياً في حياة المصاب بهذا الاضطراب.

وقال حياري: «لاحظ المشرفون في المركز اهتمام معاذ بالموسيقى، التي أصبحت وسطاً تعليمياً غنياً لتدريبه، وتقليل تحدياته السلوكية، وتطوير قدرته على التواصل والتفاعل الاجتماعي مع ما حوله، وقد تطورت قدرة معاذ على التواصل عبر المجسمات والصور، إلى أن خلقت لديه قدرة على التواصل اللفظي بطلاقة. ومع التدريب أظهر اهتماماً بتشكيل الصلصال، وهو المجال الذي اكتسب مهارة عالية فيه، وأصبح يصنع مجسمات صلصالية بدقة وإتقان، مبدياً شغفاً كبيراً بالسيارات التي أصبحت الشكل الرئيس لإبداعاته الفنية».

وتابع أن «مهارة التشكيل بالصلصال خلقت ثقة عالية بالنفس لدى معاذ، إذ أضحى قادراً على شرح موهبته للجمهور، والتحدث عن كيفية صنع نماذج السيارات وأنواعها بالصلصال، كما أظهر قدرة مميزة على استخدام الكمبيوتر والأجهزة اللوحية».

وأضح حياري أن صنع مجسمات بالصلصال خلق لدى معاذ قدرة عالية على التواصل، ونقل الصورة التي يراها إلى مجسم صلصالي، فني، خصوصاً نماذج السيارات التي واصل صنعها بدقة عالية، الأمر الذي شجع إدارة المركز على المبادرة بتنظيم معرض خاص لمنتجاته.

وتابع: «لم يقف تحدي معاذ للإعاقة عند تشكيل نماذج بالصلصال، بل تمكن من التحدث بثلاث لغات (الإنجليزية، الأوردو، العربية). وقد حقق خلال أعوام من التدريب والتأهيل في مركز الشارقة للتوحد استقلالية كبيرة، إذ أصبح قادراً على الاعتماد على نفسه في شؤونه الحياتية»، لافتاً إلى أنه «يتوجه بمفرده إلى المحال التجارية، ويطلب من البائع الغرض الذي يحتاج إليه، ثم يحاسبه، كما أنه يساعد أمه في أعمال المنزل، ويشارك أسرته في الأنشطة الاجتماعية بفعالية واندماج كاملين».

وأكد حياري أهمية التدخل المبكر من قبل أولياء الأمور لدى شعورهم بأي مشكلة تعترض أطفالهم، وأهمية مراجعة الطبيب أو الاختصاصي للوقوف على طبيعة المشكلة، والإجراءات الواجب اتباعها للوصول إلى نتائج مرضية قدر الإمكان.

الأكثر مشاركة