المرشد الأسري
-- يقول قارئ: نشأتُ في أسرة متسامحة، إن أخطأتُ فعليّ الاعتذار، وإن أخطأ غيري فيجب أن أبادر بالاعتذار، حتى أصبح الاعتذار جزءاً من شخصيتي. وأجد زوجتي لا تتقبل مني هذه الصفة، ولا أجد ذلك حلاً لمشكلاتنا الزوجية.
- الاعتذار سمة من محاسن العظماء، وصفة من أخلاق العقلاء، ويُعد من أسرع الأدوية للعلاج، وأفضل العقاقير لحل المشكلات. ولكي نستفيد منه يجب اتباع التعليمات الصحيحة، والمعايير الدقيقة في فن التعامل مع الاعتذار، فهو كالدواء إن تركه صاحبه زاد المرض، وإن استخدمه بطريقة خاطئة ظهرت مشكلة أخرى، وإن جاء في غير وقته تأخر العلاج، وإن زاد على حده فَقَدَ تأثيره وتأزمت الحالة ولم يعد ينفع.
وقد يكون الاعتذار جزءاً مركباً في بعض الشخصيات الفطرية، كما يظهر من خلال هذه الأسرة، التي تجد اندفاعاً في التعامل مع لغة الاعتذار، فقد تكرر الاعتذار عند شعورها بالتقصير أو الخطأ أو الذنب. والزوج الذي اعتاد أن يعتذر حتى لو أخطأ غيره قد يصبح عرضة للاستغلال.
وتتميز هذه الشخصية بتقديم التسامح والتنازل بحثاً عن سلامة العلاقات، وإن كان ذلك على حساب نفسها، لأن الاعتذار جزء من طبيعتها. وكل ذلك من أجل إرضاء الذات والآخرين، وطلباً للسكن الداخلي والهدوء النفسي. أو من أجل إنهاء الخلافات أو النزاعات بأسرع الطرق، فالاعتذار في اعتقاده عبارة عن كلمة واحدة هي الحل الأمثل لجميع الخلافات. وتتأصل هذه الخصلة، بل تقوى، إذا امتزجت شخصية المعتذر الفطرية بالمكتسبة. وهناك شخصيات متنوعة في الاعتذار، منها الشخصية الفطرية الخالصة، الاعتذار جزء مركب من تفكيرها ومشاعرها وقراراتها منذ الصغر حتى الكبر، وأخرى شخصية مكتسبة، تظهر صفة الاعتذار فيها بالترويض والتربية. والزوجة تتقبل من زوجها الاعتذار إذا وجدت منه الاعتراف بالخطأ والمبادرة بالكلمة الطيبة، والسعي نحو تصحيح الأخطاء، فإدراك الخطأ ذكاء، والاعتراف به فضيلة، وتصحيحه خبرة، وعدم تكراره حكمة.
أما الاعتذار بلا تصحيح للأخطاء فهو يفقد الصدقية، ويعد استهزاء بالزوجة وتقليلاً من مكانتها، لذا تفقد كلمة الاعتذار الخالية من المبادرة والصدقية تأثيرها وقيمتها.
لذا يجب على الزوج أن يكون حكيماً في استخدام هذه المهارة: متى يعتذر، وكيف يعتذر، ولماذا يعتذر، فالمعاملة الحسنة وتصحيح المسار أفضل عند بعض الزوجات من كلمات الاعتذار الجامدة أو المعتادة.
والأخلاق الراقية من الزوج هي وحدها الكفيلة بتصحيح الخطأ وتعديل المسار، والناس بأخلاقهم لا يحتاجون إلى اعتذارٍ، أو تبرير أخطائهم، فهم يعالجون المواقف بالحكمة، ويتعاملون مع الأخطاء بالإحسان، ويعطرون العلاقة بالوفاء والإكرام.
المستشار الأسري
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news