المرشد الأسري
أب متخوف من تأثير تنوع مسؤولياته وتعدد واجباته وكثرة مشاغله، في قدرته على تربية أبنائه، إذ يشعر بأنهم عرضة للانحراف والضياع.. فماذا يفعل؟
يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:
الأبناء فلذة أكبادنا، وهم أمانة في أعناقنا، وتربيتهم مسؤولية في حياتنا، ولا نجعل مشاغلنا أهم من تربيتهم، فالآباء ينقسمون على حسب تربيتهم للأبناء إلى ستة أصناف:
الأول: يهدم ولا يبني، يفسد ولا يصلح، نظراً إلى سلوكه السلبي وكلامه البذيء، وهو أسوأ الآباء في التربية، فكم من مفسدٍ يتوهم أنه مصلح، بل يدعي أنه المعلم والمربي الأمثل، وهو جاهل في التوجيه، متعصب في الرأي، وقدوة سيئة للأبناء.
الثاني: ليس له دور في التربية، ولا أثر له يذكر، إن دخل البيت فهو جسد بلا روح وقلب بلا عاطفة، صامت لا يتحدث، إن رأى عيباً سكت، وإن واجهته مشكلة انسحب، وإن ناقشته هرب، وإن وكّلته بمهمة أهمل، إن حضر لم يُعرف، وإن غاب لم يُفقد، وجوده كعدمه، ليس له دور يذكر.
الثالث: يتوهم أنه لا يجد وقتاً كافياً من أجل تربية أبنائه، نظراً إلى تعدد مسؤولياته وتنوع واجباته، أو بسبب بُعده عن أبنائه.
الرابع: العنيف، الفظ، غليظ القول، شديد المعاملة، يلقي الرعب وينشر الذعر، متعصب، يتوهم أن ما يقوم به يعد أسلوباً ناجحاً في التربية، يروض أبناءه على السمع والطاعة، عسكري السلوك والأوامر، وجوده في المنزلة خوف وذعر، وغيابه أنس وفرح، وعلى الرغم من شدة سلوكه وتعصب أوامره إلا أن بعضهم يُقَوّم السلوك ويضبط التربية وينظم الوجهة والمسار.
الخامس: أب حنون على أبنائه، رحيم بهم، هادئ السلوك، خفيف الظل، طيب الحس، إن دخل المنزل فالكل يعانقه، وإن غاب عنهم دمعت عيونهم، إن قال فأذن صاغية، وإن طلب شيئاً تنافس الكل في تلبية أوامره، كلامه مؤثر، وأفعاله ترجمة سلوكية في حياتهم، إلا أن المتمرد من أبنائه يجد قوة في مخالفة أمره، ومهاجمة آرائه، ومغالطة أقواله.
السادس: يجمع بين اللين والشدة، والحب مع الحزم، والرحمة مع الهيبة، يربي أبناءه بمنهج، يخطط حياتهم برؤية، ويترجم خبراته بعلم، فإن كان تاجراً اكتسب أبناؤه مهارة التجارة، وإن كان طبيباً أصبح أكثر أبنائه أطباء، وإن كان عالماً خرّج عباقرة وعلماء، وإن كان قائداً غرس فيهم القدوة، وبنى الشخصية، وجعلهم بين الناس أئمة وقادة، ويعد هذا الصنف أفضلهم في التربية، لأنهيجمع بين القوة والحزم كما في الصنف الرابع، والحب واللين كما في الصنف الخامس.
المستشار الأسري