صناعة الأمل لها بداية في قلب وعقل أصحاب الأيادي البيضاء ولا نهاية لها
صناعة الأمل لها بداية في قلب وعقل أصحاب الأيادي البيضاء ولا نهاية لها، فالأمل قطار تقوده الإنسانية في محطات متنوعة ومتعددة لا تقف عند مفردات المكان والزمان، ومصطلح الأمل ليس مجرد رمز يرصع شهامة روّاده، بل هو نمط معيشة وأسلوب حياة، فقد نجحت مبادرة «صنّاع الأمل»، منذ إطلاقها مطلع الشهر الماضي، التي تندرج ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. وتلقت مبادرة «صنّاع الأمل» أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشروعات ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو الإسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم. وسعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صنّاع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي. وفي قصص اليوم نجاح تدريب مئات الأردنيات على تدوير الورق وإنتاج الصابون، ورسم البسمة على وجوه آلاف الأطفال اللاجئين والمحتاجين، وانتشال عشرات الفقراء في العراق من بيوت الطين والصفيح.
زراعة الأمل من بوابة تمكين المرأة
«سيدات عنجرة التعاونية» تدرب مئات الأردنياتعلى تدوير الورق وإنتاج الصابون
سناء السيوف امرأة أردنية تعيش في منطقة محافظة عجلون بالمملكة الأردنية الهاشمية، أسهمت مع مجموعة من النسوة في تأسيس جمعية سيدات عنجرة التعاونية عام 2004، وهي جمعية تعاونية تسهم في دعم المرأة الريفية، وزيادة كفاءتها وتدريبها لتكون عضواً فاعلاً في المجتمع.
انطلقت الجمعية بهدف تمكين المرأة الأردنية في القرى النائية نتيجة لما تواجهه من تحديات يومية، واستطاعت الجمعية خلال فترة قصيرة وعبر مجموعة من الدورات التدريبية التي عقدتها، تأهيل مئات السيدات في مختلف المجالات، وإيجاد فرص عمل لهن من خلال تنفيذ أنشطة إنتاجية ملائمة.
ونفذت الجمعية العديد من المشاريع، منها مشروع تدوير الورق، ومشروع إنتاج الصابون بالتعاون مع الاتحاد التعاوني، فقد تم تدريب السيدات على صناعة الصابون بالطريقة الباردة، وتم توفير بعض الأجهزة البسيطة لهن لإنجاز المشروع إلى جانب العمل على تطوير صناعة الصابون، وترويج النباتات العطرية والطبية. كما قدمت الجمعية العديد من الأنشطة الحرفية للسيدات من خلال تدريبهن من أكثر من جهة على صناعة الخرز والقش والإكسسوارات.
وعملت الجمعية على تنظيم دورات تدريبية للأعضاء والمزارعين تسهم في تحسين إنتاجهم، بالإضافة إلى عقد ورشة عمل حول حساب الكلفة (التسعير)، لرفع قدرات وكفاءة سيدات وعضوات الجمعية العاملات وتفعيل دورهن في المجتمع المحلي.
وعلى مستوى التمكين، تعمل الجمعية على تنفيذ العديد من حملات التوعية من خلال تمكين عضواتها من حضور الاجتماعات المهمة، وقامت بدعم سيدات ترشحن لعضوية المجلس البلدي ومجلس النواب، إلى جانب تنظيم العديد من ورش العمل المتخصصة، وتعزيز مشاركة العضوات في المؤتمرات والمنتديات الرسمية والشعبية بالمملكة، والتي تنفذها مجموعة من الجهات المحلية والدولية المرموقة على رأسها المنظمات المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة.
وتمثل جمعية سيدات عنجرة التعاونية نموذجاً حضارياً للعمل النسائي الهادف والإيجابي الذي يسهم في مسيرة التنمية المستدامة للمملكة. واليوم نقول إن كان تمكين المرأة في الدول المتقدمة يشهد فصولاً من التحديات فإن أرياف الدول النامية تتجاوز كل التوقعات في حجم المعوقات، ويبقى الأمل المدعوم بإرادةٍ أفضل طريق تتخطى النساء من خلاله حواجز الصورة الذهنية، وتسرع الخطى لبناء الثقة في قدراتها على مواكبة الرجل، وربما التفوق عليه في العديد من المجالات.
«الجمعية» استطاعت خلال فترة قصيرة تأهيل مئات السيدات وإيجاد فرص عمل لهن. من المصدر
بنى 50 منزلاً ومدرسة ومركزاً صحياً وجامعاً
صفاء الشمري.. ينتشل فقراء في العراق من بيوت الطين والصفيح
صفاء حسون الشمري شاب عراقي حلم برؤية سقف وجدران تؤوي الأيتام والفقراء، وتقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، فكان له ما أراد، وبات الحلم واقعاً في أكتوبر من عام 2011 عندما افتتح مجمع الرحمة لإيواء الفقراء والأيتام في مدينة الرفاعي شمال محافظة ذي قار، بتمويل كامل من أهل الخير.
مجمع الرحمة ارتقى بحياة العشرات الذين كانوا يسكنون بيوت الطين والصفيح، وقد أسهم الشمري بيديه في وضع حجارته، ومن قبل ذلك قام بجولات بين المدارس والدوائر والمحال والبيوت لجمع التبرعات البسيطة في حجمها العظيمة في معناها وتأثيرها. كما استخدم منصة «فيس بوك» لتعزيز انتشار رؤيته بين جيل الشباب فجاءت النتائج لتتجاوز التوقعات.
وكان التبرع المطلوب من كل شخص راغب في دعم المشروع يبدأ بـ5000 دينار عراقي (نحو 15 درهماً إماراتياً فقط)، ومن خلال حجم التبرعات الذي جمعه الشمري نجح في بناء 50 منزلاً مؤثثاً إلى جانب مدرسة ومركز صحي وجامع بمساحة 10 دونمات، في مسيرة بدأت لبناء حياة الأيتام تربوياً واجتماعياً وصحياً ودينياً.
اليوم يؤوي المشروع عشرات الأطفال والأسر الفقيرة، وبات نموذجاً يحتذى على مستوى الجمهورية، فتم استنساخه في العديد من المدن العراقية بعدما سلطت وسائل الإعلام الضوء عليه وشهد تفاعلاً جماهيرياً كبيراً. كما شكل نجاح هذا المشروع دعماً معنوياً لصفاء الشمري وأصدقائه، فباتوا يسعون وراء إنشاء مستشفى لعلاج أمراض السرطان وفي جعبتهم الكثير من الطموح لصناعة أمل بمستقبل أفضل.
مجمع الرحمة ارتقى بحياة العشرات الذين كانوا يسكنون بيوت الطين والصفيح. من المصدر
طفلة غادرت العالم غرقاً وأبقت إرثاً إنسانياً
فريق دانة التطوعي.. يرسم البسمة على وجوه آلاف الأطفال اللاجئين والمحتاجين
منال المسلم شابة كويتية، أمّ وزوجة، لم تكن تتوقع أن تفقد طفلتها دانة ذات السنوات الخمس في حادث غرق أليم، وما كادت الوالدة المكلومة تجفف دمعها حتى قررت العمل على تخليد ذكرى طفلتها من خلال تأسيس فريق تطوعي حمل اسم الطفلة، وعكس أحاسيس الطفولة بأعمال نبيلة يشهد لها، فقام فريق دانة التطوعي بكفالة 800 طالب من أبناء الأشقاء السوريين في بلاد اللجوء، كما قام الفريق منذ عام 2013 بتنفيذ برنامج إغاثي بعنوان «رحلة روح الأمل»، تحت إشراف الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، واشتمل البرنامج على زيارات عدة لمجموعة من دول المنطقة لتقديم العون للمحتاجين، خصوصاً الأطفال الأيتام.
اليوم شعار الفريق لوحة رسمتها دانة بأنامل البراءة، قبل أسبوع من وفاتها، لطفلة يتيمة تحمل بالوناً ملوناً في أجمل تشبيه للحب والشعور بالسعادة والأمل والإيجابية. والفريق جسد شعاره برسم الابتسامة على شفاه آلاف الأطفال خلال السنوات الأربع الماضية، وأدخل السعادة في قلوب المرضى، وخفف حزن الناس على حالهم.
غادرت دانة الطفلة الجميلة المفعمة بمشاعر الحب والعطف والرحمة والأمل الدنيا لتبقى ذكراها حاضرة في أذهان الناس من خلال فريق لم يحمل اسمها فقط، بل كرس من خلال عمله النبيل مقولة السعادة ليست بالحصول على ما لا نملك بل هي أن نفهم وندرك قيمة ما نملكه. والأمل بحياة أفضل الذي زرعه الفريق لدى مئات العائلات يبقى حاضراً اليوم في قلوبهم التي لامست الأيادي البيضاء، ويبقى الأمل محفوراً في وجدانهم وذاكرتهم على امتداد العمر.
شعار الفريق لوحة رسمتها دانة بأنامل البراءة قبل أسبوع من وفاتها. من المصدر