أبوظبي تسخر إمكانات التنمية الصناعية لتوطين التكنولوجيا وتعزيز التنويع الاقتصادي
استقطبت إمارة أبوظبي تدفقات متزايدة من الاستثمارات الصناعية خلال الأعوام الماضية، بعد أن سخرت جهودها لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي الذي يعتبر استراتيجياً لرؤيتها الاقتصادية و"خطة أبوظبي"، عبر توفير مرافق متكاملة وإمكانات لوجستية وتنظيمية عالمية المواصفات.
ولدعم القطاع الصناعي، استثمرت إمارة أبوظبي نحو 32 مليار درهم على مدى سنوات لتطوير مناطق صناعية متخصصة تتمتع بأفضل مرافق البنية التحتية واللوجستية، على رأسها منطقة خليفة الصناعية "كيزاد" التي يخدمها ميناء خليفة، الذي يعتبر من أكثر موانئ العالم تطوراً، إلى جانب 5 مدن صناعية أخرى تحت مظلة المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة "زونز كورب"، في ظل وجود خطط لإنشاء مدن جديدة وتطوير القائمة لتوائم احتياجات نمو الأعمال.
واليوم، وصل حجم الاستثمارات في تلك المدن الصناعية إلى نحو 98 مليار درهم، موزعة على أكثر من 606 مصانع تمارس أنشطتها في مختلف مجالات التصنيع، مع إمكانات تمهد لاستقطاب عدد أكبر من المصانع قريباً.
وتستفيد المصانع المتواجدة في أبوظبي من مزايا وحوافز مجزية توفرها الإمارة، في مقدمها سهولة الحصول على المواد الخام، وتسهيل ممارسة الأعمال وتعزيز التنافسية عبر خدمات لوجستية متكاملة وأنظمة تخضع للمراجعة والتطوير المستمرين لمواءمة متطلبات قطاع الأعمال، وتوفير قنوات تصدير بقدرات تستوعب التزايد المستمر في عدد المصانع وتنوع المنتجات.
إضافة إلى ذلك، خصصت أبوظبي جزءاً من منطقة خليفة الصناعية كمنطقة حرة، ما يمهد لاستقطاب مزيد من الاستثمارات.
وأسهمت تلك الجهود بتحقيق القيمة المضافة لقطاع الصناعات التحويلية معدلات نمو متسارعة بلغت 11.2% عام 2015، ارتفاعاً من نمو قدره 6.9% خلال عام 2014.
وبلغت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بالأسعار الثابتة، أكثر من 6% خلال عام 2015، محققة أعلى مستوى لها منذ عام 2007، فيما بلغت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، حوالي 12% بنهاية عام 2015،
وارتفع رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في نشاط الصناعات التحويلية بالإمارة بنحو 11.5% عام 2016 مقارنة بعام 2015، بحسب تقديرات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة عن مركز الإحصاء – أبوظبي، لتصل إلى 19.2 مليار درهم، مشكلة نحو خمس إجمالي قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بأبوظبي.
تزامن ذلك مع تركيز أبوظبي على استقطاب الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا المتطورة، لاسيما الطيران والفضاء وأشباه الموصلات، وتوطين التكنولوجيا اللازمة للارتقاء بمستوى المنتجات الصناعية المتطورة، من خلال اتفاقات الشراكة مع كبرى الشركات الرائدة في القطاع على مستوى العالم، إلى جانب توفير شبكة اتصال بالإنترنت تعتبر الأكثر تطوراً في المنطقة والعالم. كما تستمر أبوظبي في الاستفادة من قطاع الصناعات الاستخراجية في تمكين قطاعات رديفة في صناعات البتروكيماويات واللدائن، إلى جانب دعم صناعات الصلب.
وفي الصناعات المتطورة، كثفت أبوظبي تركيزها على القطاع منذ سنوات، تماشياً مع الثورة الصناعية التكنولوجية، وهدفها الرامي إلى تطوير قطاع صناعي مستدام قائم على المعرفة والابتكار. وتمثل "مبادلة للاستثمار" مظلة لعديد صناعات متقدمة تعبر عن استراتيجيات توطين التكنولوجيا التي تبنتها أبوظبي، فأطلقت الأقمار الصناعية منذ عام 2011، ودخلت في شراكات استراتيجية مع كبرى شركات التصنيع، وأصبحت منتجات صناعات الطيران الإماراتية مدخلاً رئيسياً في صناعة طائرات "بوينج" و"إيرباص"، عبر "ستراتا للتصنيع" الآخذة بالنمو من مقرها في مجمع العين لصناعة الطيران "نبراس".
وتختص شركة "غلوبل فاوندريز"، المملوكة بالكامل من قبل شركة المبادلة للتنمية (مبادلة)، بصناعة أشباه الموصلات، وحققت انتشاراً عالمياً، وهي نتاج شراكة بين "آتيك"، والتي باتت تعرف حالياً بـ "مبادلة للتكنولوجيا" وشركة الأجهزة الدقيقة المتطورة "إيه إم دي". وتمتلك "غلوبل فاوندريز" حالياً تسعة مرافق للتصنيع، منها خمسة في سنغافورة، وواحد في دريسدن بألمانيا، وثلاثة في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي الجانب التنظيمي، يعتبر مكتب تنمية الصناعة المرجعية الرئيسية للتنمية الصناعية في الإمارة تحت مظلة دائرة التنمية الاقتصادية، وذلك بحكم تعاونه مع الشركاء الرئيسيين، وباعتباره مُكلَّفاً بالإشراف على تنفيذ السياسات والخطط والبرامج المتصلة بالقطاع الصناعي. وفي هذا السياق، يوفر مكتب تنمية الصناعة الأطر التنظيمية والقانونية والبيئية لتطوير وإنشاء المشاريع الصناعية، وإصدار تراخيص كافة أنشطة المشاريع والمنشآت الصناعية في الإمارة. كما يتولى الإشراف والرقابة عليها بالتنسيق مع الجهات التشغيلية والمطوّرين والجهات الأخرى ذات العلاقة، بما يسهم في تطوير وتعزيز تنافسية القطاع الصناعي في الإمارة، ورفع كفاءة أداء العاملين فيه وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي ظل النشاط الصناعي المتنامي في الإمارة، استضافت أبوظبي بنهاية الشهر الماضي النسخة الأولى من القمة العالمية للصناعة والتصنيع تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تعد أول تجمع عالمي للقطاع الصناعي يجمع أكثر من 1200 من صناع القرار من قادة الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني لتبني نهج تحولي في صياغة مستقبل القطاع.
ويعد القطاع الصناعي قاطرة رئيسية لبناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة والابتكار. وتتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جذب استثمارات صناعية جديدة تقدر قيمتها بأكثر من 70 مليار دولار حتى العام 2025، من اجل زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي من 14% حالياً إلى 25% بحلول العام 2025. وتعتلي الإمارات سلم سهولة ممارسة الأعمال وفق تصنيف البنك الدولي على مستوى الدول العربية، والمرتبة 31 على مستوى العالم.