«جنود الخير».. بصمات فريدة

تميّزت تجارب «صنّاع الأمل»، الذين سمّاهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «جنود الخير» ببعدها الإنساني الفريد، إذ استهدفت مساعدة أكبر شريحة ممكنة من الناس، ومثلت كل تجربة منها بصمة فريدة من نوعها في المجال الذي اختاره صاحبها ليكون ميداناً أو مسرحاً للتعبير عن ارتباطه العميق بمحيطه، وإصراره على إحداث تغيير إيجابي فيه.

كما توافرت التجارب المشاركة على تفاصيل إنسانية نادرة، أثارت إعجاب جمهور الحفل الختامي لتتويج الفائز بلقب «صانع الأمل الأول»، ومثلت مصدر إلهام للكثيرين.

هاتف لا يغلق

«هاتفي لا أغلقه على مدار الأسبوع، وهو ذاته الذي استخدمه منذ سنوات طويلة ويتواصل معي عبره كل من يريد أن يصل إلى صقلية التي أعيش فيها». هذا ما بدأت به نوال الصوفي، من المغرب، الفائزة الأولى، خلال حديثها عن تجربتها مع اللاجئين من سورية إلى الدول الأوروبية.

وأكدت أنها تعرف معاناتهم لأنها مهاجرة، وترى ما يحدث للمهاجرين منذ كان عمرها 14 عاماً، وتأثرت بهم، وحاولت أن تساعدهم قدر استطاعتها، بتقديم ملابس وأغذية لهم كانت تأخذها من منزلها.

وأوضحت أن الكثيرين يلقبونها بـ«ماما نوال»، ومعظمهم من اللاجئين السوريين الذين خرجوا من وطنهم مغامرين بحياتهم في عرض البحر بحثاً عن الحياة الكريمة، وهرباً من النزاعات.

هجرة للإغاثة

استقرت الكويتية معالي العسعوسي منذ 2007 في اليمن بعد أن شهدت قصصاً حزينة ومؤلمة لأطفال وعوائل تعيش تحت خط الفقر، وتفتقد أبسط أساسيات الحياة، قائلة: «انتقلت الى اليمن قبل 10 سنوات، وهو بلد فيه أمراض كثيرة، ولم يكن انتقالي متعلقاً بالتطوع فقط، بل بتغيير حياة».

نفذت العسعوسي 30 حملة إغاثية، استفاد منها نحو 250 ألف شخص في اليمن. كما ساعدت على تقديم العلاج لـ60 ألف شخص، وتسهيل إجراء أكثر من 5000 عملية جراحية لمكافحة العمى، إضافة إلى مشاركتها في إنشاء 15 مشروع مياه في مختلف مناطق اليمن.

وأوضحت: «كنت في البداية أسافر إلى اليمن لأسهم في مساعدة الآخرين لفترات تصل إلى شهر أو شهرين، ومن ثم أعود إلى الكويت، لكن بعد مضي أشهر عدة اخترت البقاء في اليمن»، مضيفة أن السعادة التي أحست بها وهي تساعد غيرها من الأطفال والنساء والأسر اليمنية جعلتها تنسى في كثير من الأحيان أن تعود إلى المنزل، وتفضل أن تعيش بينهم. وتمكنت خلال السنوات الماضية من ضم قيادات كثر حملوا الرسالة، مضيفة أنها ستصنع قيادات أخرى في الوطن العربي ليتمكنوا من تغيير حياة غيرهم.

«ماما ماجي»

كرّست ماجدة جبران، من مصر، آخر 28 عاماً من حياتها لمساعدة سكان الأحياء الفقيرة، خصوصاً مدينة الزبالين في مصر، وتمكنت خلال هذه السنوات من تأسيس 92 مركزاً لرعاية 18 ألف طفل في تلك المناطق، وقيادة فريق مكون من 2000 متطوع.

وقالت «ماما ماجي» إن أهم ما في الإنسان أن يعرف نفسه، وأن يجد الرسالة التي ينبغي إيصالها إلى العالم. وأضافت «أولادي الثلاثة بعد أن انتهت فترة رعايتي لهم سافروا إلى ليبيا، وتغربوا ليعملوا، منهم من تزوج، ومنهم من أراد الرجوع إلى الدولة للزواج، إلا أنهم أثناء وجودهم في ليبيا وبسبب ارتدائهم الصليب الذي أفخر بارتدائه اليوم، قتلهم إرهابيو (داعش)».

البيت العراقي للإبداع

وضع هشام الذهبي، هدفاً نصب عينيه، فور عودته إلى موطنه العراق هو أن يختار أرضاً في بغداد، لبناء دار لرعاية الأيتام من الصبيان والفتيات، في مبنيين منفصلين، موضحاً أن هذا المشروع سيتيح للجميع المشاركة في تمويله مستقبلاً، وإعطاءهم الفرصة لإنجاحه ومساعدة أطفال العراق.

وأكد الذهبي، الذي يعمل على مساعدة الأطفال منذ 13 عاماً في «البيت العراقي للإبداع»، أن أبناءه في الدار متفوقون أكثر من أبنائه الحقيقيين.

وأضاف: «عندما يبلغ الواحد منهم سن الـ18 عاماً أحثه على العمل، وأجد له وظيفة تليق به، وبعد مرور عامين على الوظيفة، أحثه على الزواج»، متابعاً أن أحد الآباء طرق بابه في أحد الأيام يشكو أن ابنه يقول له: متى تموت يا أبي لأعيش مع عمي هشام؟

وذكر الذهبي أنه في 2006 تبنى أول طفل في الدار، ليحمل اسمه، إلا أنه واجه رفضاً كبيراً من أسرته، خصوصاً والده الذي غضب منه وقاطعه ثلاثة أشهر، إلى أن اقتنع بجدوى أعماله الإنسانية التي تغير حياة كثيرين.

191 شهيداً

فقد فرسان الدفاع المدني السوري، أو الاسم المتعارف عليه «الخوذ البيضاء»، وهي منظمة بدأت بـ25 متطوعاً مع وقفة عيد الأضحى في 2013 لإنقاذ المتضررين السوريين من تحت الأنقاض خلال الأحداث الدامية في سورية، لكنها كبرت شيئاً فشيئاً حتى قدمت 191 شهيداً أفنوا حياتهم في إنقاذ غيرهم، وإعطائهم فرصة جديدة للحياة. رئيس المنظمة، رائد الصالح، قال إن أهم شعار اتخذوه هو قول الله تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، مؤكداً أن «رسالة الله أوضح من أي رسالة أخرى، ونحن نحاول خلال فترة عملنا إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص في أقل وقت ممكن». وأوضح أن «ما غيّر حياته كان الغرفة المظلمة التي تدرب فيها مع 25 من الإطفائيين، الذين وصفهم بالشجعان، في مركز تدريب البحث والإنقاذ في سورية»، شارحاً: «طلبوا منا دخول غرفة مظلمة، وأن نتدرب فيها. اعتقدنا أنه لابد من أن نخرج من الغرفة دون إصابات، وفوجئنا بمدربنا يسألنا عما وجدناه في الغرفة، التي اتضح بعدها أنها مليئة بالخزانات المقلوبة، والطاولات التي يرقد تحتها آخرون يمثلون دور الجرحى».

الأكثر مشاركة