الرأي.. والانتقاد

أحترم كثيراً الأشخاص الذين يعرفون دورهم في الحياة تماماً، بين الرأي والانتقاد فرق كبير جداً، لكن البعض اختلطت عليه هذه المسميات، وأطلق على نفسه ناقداً، دون أن يدرس أصول النقد، أو يعرف أساسياته، والكثير من الأمور الأخرى.

أن تبدي رأيك في رأيك أمر، وأن تنتقد أمراً ما أمر آخر، وفي كلتا الحالتين تحتاج إلى أن تعرف الأمور التي تبدي رأيك فيها أو تنتقدها، عن نفسي لا أعد نفسي ناقداً، لأن النقد يحتاج لدراسة لكن دائماً أبدي رأيي في الأفلام التي أشاهدها، أو الموسيقى التي أسمعها، أو الكتب التي أقرأها من باب أنني متذوق لجميع هذه الأمور، ودائماً أحرص على أن أتّبع الأساسيات التي أعرفها وتعلمتها من التجارب التي مررت بها.

في أحد الأيام، شاهدت «بوستر فيلم» (ملصق)، أود مشاهدته لكنه لم يشدني وكذلك الاسم، لكن قلت في نفسي إنني سأشاهده لحاجة في نفسي، ما أن شاهدت الفيلم حتى تغيرت نظرتي له للأفضل، حيث إن الاسم و«البوستر» ظلما الفيلم كثيراً، لكن لا يحق لي كمشاهد أن أحكم على الفيلم دون مشاهدته، هذا ما يحدث تماماً في الوقت الحالي مع الكثير من الأشخاص، وهذا الأمر يغضبني كمتذوق للأدب والفن.

عزيزي الشخص إذا أردت أن تبدي رأيك في أي شيء بالحياة أو تنتقده، فيجب عليك أن تعرف جميع العوامل المهمة لهذا الشيء، فلن أقبل منك رأياً في فيلم لم تشاهده، وإنما فقط سمعت عنه، ولن أقبل منك رأياً في كتاب لم تقرأه وإنما سمعت عنه.

إبداء الرأي والانتقاد حق مشروع للجميع، لكن بأسس وضوابط معيّنة، هذا الأمر يتكرر كثيراً في عالم الثقافة والأدب، وهناك أشخاص أعتبرهم دخلاء على هذا العالم، ويعيثون فيه فساداً، لم يفعله أحدٌ من قبلهم، شخص ما شنّ هجوماً على كاتب معيّن دون أن يقرأ عمله، ودون أن يعرف عنه، للأسف الشديد في العالم العربي أصبح من لا منصة له، منصة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هناك يبدأ تصفية حساباته، هؤلاء الأشخاص أشفق عليهم تماماً، لأنهم في أحد الأيام تنمّر عليهم شخص معيّن، وسبّب لهم جرحاً كبيراً، ومنذ ذلك اليوم لا يستطيعون التخلّص من هذه العقدة.

ما أجمل أن يكون الشخص مسالماً وواقعياً، ومنطقياً في آرائه وانتقاداته، ويتبّع الأسس والنظم التي يعرفها، فضلاً عن العشوائية والبربرية.

دائماً أقول إن الانتقاد سهل جداً، وأسهل من أي شيء آخر، لكن الإنجاز قد يكون أصعب شيء في هذه الحياة، خصوصاً أن يتفرّد المنجز بإنجاز فريد ومختلف من نوعه، فيبدأ المصابون بالعقدة بالهجوم عليه، لأنه استطاع أن يلامس مكان الجرح الذي يعانونه.

أحد الأشخاص مسالم وطيّب وحنون، أعرفه تمام المعرفة، لكن إذا انتقده شخص لا يعرف معنى كلمة انتقاد، يتحوّل إلى وحش كاسر.

الأكثر مشاركة