التكنولوجيا الذكية.. سلاح ذو حدين
منذ أن شهد العالم انطلاق الشرارة الأولى للتكنولوجيا، كان محتوماً أن تدخل جميع مفاصل حياة الإنسان، لما فيها من إبداع استطاع أن يجعل حياتنا أكثر سهولة وراحة.
ومن أبرز نتائج هذه التكنولوجيا انتشار ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي أو «السوشيال ميديا»، كما هو متعارف عليه، التي تحوّلت إلى إدمان يومي لدى مختلف شرائح المجتمع، وسيطرت بشكل كبير على جيل الشباب، الذي بات مأخوذاً بسحرها وبما تقدّمه من تفاعل ومتعة وأنشطة غير مألوفة، فأصبحت أهم مصادره المعرفية والترفيهية، وفتحت أمامه آفاقاً رحبة، وشرّعت نوافذها على العالم الآخر، لتنقله من خلف جهاز صغير إلى آلاف الأماكن بكبسة زر.
ولعلّ وسائل التواصل الاجتماعي قدّمت لنا من الفائدة والمتعة ما لم نكن نتخيله، وتطوّرت من مجرّد وسائل للتعارف وتبادل الأحاديث إلى أدوات فاعلة ومؤثّرة، فأسهمت في تطوير مدارك الشباب، وتعريفهم بكثير من مجالات العمل، واستطاع بعضهم إدارة مشروعات مربحة ومبادرات ناجحة، وقد شهدت الإمارات العديد من قصص النجاح التي لاقت صدى عالمياً ونجاحاً باهراً في المجتمع، بفضل الاستخدام الإيجابي والتوظيف السليم لوسائل التواصل الاجتماعي.كما أنّ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ومساحة حرية التعبير التي تقدّمها، أتاحا للشباب أن يعبّروا عن آرائهم بثقة، وأسهم ذلك في تكوين فئة من قادة الرأي المتميزين، الذين باتوا قدوة لأقرانهم، ويمتلكون موهبة التأثير في جيل بأكمله، وهؤلاء تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة، لأنّ ما ينشرونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعدّ بالنسبة لشريحة واسعة من الشباب مثالاً يقتدى به.
لكن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدّين، نظراً لسرعة انتشارها، وسهولة الوصول إليها، إذ في مقابل قادة الرأي الذين تعاملوا معها بإيجابية وحكمة، نجد فئة اتخذتها مطيّة لتحقيق مآرب وغايات تزعزع استقرار المجتمع، من خلال نشر أفكارهم الهدّامة في مختلف المجالات، لكي يؤثّروا في الشباب، محاولين غسل أدمغتهم، سواء بالأفكار الدينية المتطرفة، أو بالأفكار والآراء التي تبتعد كلّ البعد عن عادات وتقاليد مجتمعنا، أو حتى بتدنيس الهوية الوطنية، ومحاولة فتح الطريق أمام الشباب للوصول إلى الـ«لا مكان» في بحثهم عن هويات زائفة، تتعارض مع هويتنا التي نفخر بها.
قد يحصل ذلك بعفوية ودون قصد، أو عبر أجندات وخطط مدروسة، لكن علينا أن نتذكر دائماً أنّ وسائل التواصل الاجتماعي قتلت «الخصوصية»، وفتحت المجال لنعرف ماذا يتناول مرتادوها على طاولاتهم من طعام أو شراب، وأن نتعرف إلى أسماء وصور أطفالهم، وأن نرافقهم في رحلاتهم.
وهم إن لم يدركوا خطورة هذا الأمر فستكون بانتظارنا كارثة اجتماعية، لأنّ موت الخصوصية يعني اطلاع الجميع على تفاصيل حياتك، وتعريض نفسك لأخطار ما كنت لتتعرض لها.
من فريق برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز