المستشار الأسري

- يقول قارئ: ابني طالب مقبل على الجامعة، لكنني لا أدري كيف أوجّهه للحرص على العلم والتميز في الدراسة والنجاح. أرجو منكم توجيهنا وإرشادنا في هذا الأمر؟

- يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

لست أول من اكتشف نظرية «رقم 1 في الهمّة والتميّز»، فهناك من سبقني في هذا الموضوع. وعن هذه القاعدة الذهبية في التفوق والنجاح، أقول لك: ما سطع عالمٌ، ولا تميز طالبٌ، ولا تقدمت حضارةٌ، ولا تفوقت مؤسسةٌ، إلا من خلال هذه النظرية التنافسية، التي تعمل من خلال محركات الإرادة، وأدوات التحدي، وآليات العزيمة والإصرار.

عندما كنت مع ابني، المقبل على الجامعة هذا العام، شرحت له هذه النظرية. فقل له: يجب أن تكون الأول في دخولك الجامعة في السنة التي ستبدأ فيها الدراسة، الأول في حضور الحصص الجامعية، الأول حتى في مكان الجلوس، الأول بين من يتسلمون الكتب والمساقات والمستلزمات التعريفية للجامعة، الأول في التعرف إلى الأساتذة، وتحليل شخصياتهم، وتفهم طرق تدريسهم، الأول بين من يجاوبون ويسألون، الأول بين من يشاركون ويستوضحون، الأول في المذاكرة والحفظ والمراجعة، وتحضير المواد، وحل الواجب، وكتابة الرسائل والبحوث والمذكرات، الأول في احترام الأساتذة وتقديرهم.

يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا ...

              كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي ... يبني وينشئُ أنفساً وعقولا؟

قل له: يجب أن تحرص على أن تكون الأول في التعاون ومساعدة زملائك الطلبة، الأول في القيم والخلق والأدب، والأول في المبادرة والإبداع والتفوق، والأول في كل صغيرة وكبيرة.

يجب أن نغذي عقول أبنائنا بأن الذي يُذكر هو الأول، والذي يُخلد في التاريخ هو الأول، والذي ينال أعلى المراتب وأفضل الفرص هو الأول، وصاحب الحظ في هذه الحياة هو الأول. هكذا تُبرمج العقول وتربّى النفوس على الهمة والتميز، فلا مكان للأجسام الهازلة والنفوس الذابلة.

وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً ...

                 تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ

الأول.. كما يقول الشاعر:

               تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الْحَيَاةَ فَلَمْ أَجِدْ ...

لِنَفْسِي حَيَاةً مِثْلَ أَنْ أَتَقَدَّمَا

                والأول.. كما يقول شاعر آخر:

مَنْ لِي بِمِثْلِ سَيْرِكَ الْمُدَلَّلِ ...

              تَمْشِي رُوَيْداً وَتَجِي فِي الْأَوَّلِ

وأختم هذه النظرية وهذه القاعدة النادرة في الهمة والتميز، بقول الله تعالى:

«وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ». الأنعام (163)

المستشار الأسري

 

الأكثر مشاركة