السعودية.. إنجازات متفردة بين نظيراتها من الدول الحديثة
إن عظمة الأمم تُقاس بمدى ما حققته من إنجازات ملموسة على أرض الواقع، وليست بالشعارات وأدبيات التنظير المختلفة، وتُعد المملكة العربية السعودية بحق متفردة في هذا الشأن بين نظيراتها من الدول الحديثة. فقد قيض الله سبحانه وتعالى لها قادة مخلصين من أبنائها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، الذين تم على أيـديهم ما نلمسه ونعيشه وننعم به من استقرار ورخاء وأمان ونهضة تنموية شاملة، في مناحي حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
وقد شهدت المملكة تطوراً ملحوظاً على الأصعدة كافة، فبعد أن كانت صحراء قاحلة تحولت إلى واحات خضراء ومدن عامرة بأهلها، وشوارع ومتنزهات تعطي صورة زاهية لكل مواصفات المدن الحديثة. كما حدثت نقلات نوعية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، والصناعة والتجارة. أما الزراعة فقد حققت ثورة حقيقية وفاقت الإنجازات في هذا القطاع كل تصور، وباتت المملكة تحقق فائضاً في بعض المنتجات.
وهنا بعض الجوانب التنموية الملموسة التي تمثل النهضة الحديثة للمملكة:
الصناعة
المهرجانات الثقافية تهتم المملكة بالمهرجانات الثقافية والتراثية وفي مقدمتها المهرجان الوطني للتراث والثقافة والمعروف بالجنادرية، الذي تطور من سباق للهجن إلى مؤسسة ثقافية متميزة، تستقطب كل عام نخبة من المفكرين والمثقفين من العالم العربي والإسلامي والغربي ليتناقشوا في المسائل الثقافية المعاصرة. كما تُعد المهرجانات الوطنية للتراث والثقافة مناسبة تاريخية في مجال الثقافة، ومؤشراً عميقاً للدلالة على اهتمام القيادة الحكيمة بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة. كما تُعد مناسبة وطنية تمتزج في نشاطاتها عبق تاريخ المملكة العربية السعودية المجيد بنتاج حاضرها الزاهر. ومن أسمى أهداف هذا المهرجان التأكيد على الهوية الإسلامية العربية، وتأصيل الموروث الوطني بشتى جوانبه ومحاولة الإبقاء والمحافظة عليه ليبقى ماثلاً للأجيال القادمة. حظيت الزراعة بنصيب وافر من رعاية واهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي، وإن ما تحقق في هذا المجال يُعد إحدى العلامات البارزة التي تميزت بها التجربة التنموية السعودية، بل بالأحرى أحد الإنجازات الخارقة التي أذهلت المراقبين والدارسين والمتتبعين لماضي هذه البلاد وحاضرها. |
أولت الدولة القطاع الصناعي أهمية كبيرة أسهمت إسهاماً أساسياً بشكل واضح خلال خطط التنمية الخمس الماضية، حيث ازدهر القطاع الصناعي، وأكبر دليل على ذلك التطور، تضاعف نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي، حيث كان ذلك الإسهام قبيل بداية خطة التنمية الأولى 1389هـ / 1969م لا يتجاوز 2.5% فقط، بينما قفزت تلك النسبة لتصل في عام 1415هـ إلى نحو 50.4%، وتعزى هذه القفزة في حصة النشاط الصناعي بالناتج الوطني، إلى دعم الدولة لهذا القطاع، ويتضح مدى ذلك الدعم في ما صرفته الدولة ولاتزال من قروض داعمة للنشاط الصناعي، حيث أنشأت الدولة لهذا الغرض صندوق التنمية الصناعي السعودي، الذي أسهم إسهاماً أساسياً في دعم المشروعات الصناعية في القطاع الخاص، وقد ارتفع الدعم الحكومي لتلك المشروعات الصناعية من 35 مليون ريال مع نهاية فترة خطة التنمية الأولى 1395هـ / 1974م إلى 19.49 مليار ريال في عام 1415هـ / 1416هـ، وقد استثمر هذا الدعم في إقامة مشروعات نهضة صناعية مذهلة، إذ تضاعف رأس المال المستثمر في الصناعة إلى نحو 55 ضعفاً خلال الفترة من 1390هـ إلى 1415 ـ 1416هـ.
التجارة
من البديهي أن هذا التطور والنمو الصناعي للمملكة سينعكس إيجاباً على التجارة، سواء تجارة الصادرات أو الواردات، فالمقارنةغير واردة أصلاً بين الحركة التجارية في المملكة عند تأسيسها، وما وصلت إليه اليوم، إذ تحولت التجارة في هذه البلاد من تجارة محدودة موسمية (تعتمد بشكل كبير على موسم الحج مثلاً)، إلى تجارة تقوم على أسس اقتصادية ثابتة، هي بالأصح ثمرة لما وصلت إليه المملكة من تنمية شاملة في شتى المجالات الصناعية والزراعية والبشرية، ويلاحظ نمو الصادرات بشكل مطرد في الـ25 سنة الماضية، أي منذ بداية خطة التنمية الأولى، فبينما كانت قيمتها في عام 1390ـ1391هـ 1970م نحو (10.9) مليارات ريال قفزت قيمتها في عام 1415هـ 1994م إلى نحو (159.6) مليار ريال، وهذا يؤكد حقيقة تحول المملكة من دولة مستوردة لمعظم احتياجاتها إلى دولة مكتفية ذاتياً، بل ومصدرة للفائض عن ذلك الاحتياج في بعض السلع والمنتجات.
الزراعة والأمن الغذائي
حظيت الزراعة بنصيب وافر من رعاية واهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي، وإن ما تحقق في هذا المجال يُعد إحدى العلامات البارزة التي تميزت بها التجربة التنموية السعودية، بل بالأحرى أحد الإنجازات الخارقة التي أذهلت المراقبين والدارسين والمتتبعين لماضي هذه البلاد
وحاضرها، فقد استطاعت الدولة بتخطيطها السليم واستقرائها الناضج لمتطلبات العصر الحديث، وبدعمها السخي لهذا القطاع وبما يشبه المعجزة، تحويل الصحارى القاحلة المقفرة في قلب جزيرة العرب، إلى جنة وارفة الظلال وفيرة الغلال، وفي زمن قياسي لا يتجاوز ربع القرن.
ومن مظاهر اهتمام الدولة ورعايتها لهذا القطاع إنشاؤها لوزارة الزراعة والمياه، منذ بداية تأسيس المملكة العربية السعودية، لتتولى مهمة التخطيط والتنفيذ للمشروعات الزراعية والمائية. وقد قامت الدولة بإنشاء السدود وحفر الآبار الارتوازية وتوزيع الأراضي على المزارعين، واستصلاح الأراضي، ثم جاءت وثبة الزراعة وقمة تطورها، عندما بدأت المملكة تطبق نظرية الاكتفاء الذاتي الغذائي، خصوصاً من القمح وبعض المحاصيل الغذائية الأخرى. وأقيمت المشروعات الزراعية الكبرى لذلك وأنشئت الشركات الزراعية، وزاد الإنتاج وعم الازدهار الزراعي والغذائي الكثير من مناطق المملكة.
وقد أسست الدولة في عام 1392هـ /1972م المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، بهدف توفير جو من الاستقرار لأسعار الغلال.
الرعاية الصحية والاجتماعية
تسعى الدولة جاهدة إلى توفير الرعاية الصحية مجاناً للمواطنين، من خلال مستشفيات الـدولة التي تتولى إدارتها وتشغيلها وزارة الصحة، وبعض الهيئات العلمية كالجامعات ومراكز الأبحاث، وقد تطورت الخدمات والتجهيزات الصحية بالمملكة، وظهرت بشكل متميز في منطقة الشرق الأوسط، كما أن هذه الخدمات أصبحت تضاهى مثيلاتها في الدول المتقدمة، وقد حظي القطاع الصحي برعاية الدولة واهتمامها، فنالت الخدمات الصحية ما ناله غيرها من المرافق في المملكة من تطور وازدهار، فقد زاد عدد المستشفيات في المملكة من (47) مستشفى عام 1390هـ / 1970م إلى (175) مستشفى عام 1415ـ 1416هـ / 1995م، كما قفز عدد المراكز الصحية من (519) إلى (1725) مركزاً في الفترة نفسها، فيما زاد عدد الأطباء أيضاً في الفترة المشار إليها من (789) إلى (15476)، وتهتم الدولة حالياً بربط مستشفيات المملكة بالمستشفيات والمراكز الصحية العلمية بشبكة خاصة مـن الاتصالات التي يستطيع بواسطتها الأطباء السعوديون والباحثون متابعة أعقـد وأدق العمليات والتعرف إلى أحدث التقنيات الطبية، وقد حققت مستشفيات المملكة خصوصاً مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، والمستشفى العسكري، ومستشفى الملك فهد تطوراً مذهلاً في هذا المجال، حيث أجريت فيها وعلى أيدي أطباء سعوديين العديد من العمليات التي تكللت بالنجاح مثل عمليات القلب المفتوح وزراعة الكبد وغيرها من العمليات المعقدة.
وفى مجال الرعاية الاجتماعية تولي الدولة جل اهتمامها بالفئات الاجتماعية من المجتمع السعودي المحتاجة إلى ذلك، وتقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية بالدور الرئيس في ذلك، ويشمل نشاطها رعاية ذوي الظروف الخاصة من أبناء المجتمع السعودي كالعجزة والمسنين والأيتام والمعاقين والأحداث.
التعليـم
ظل التعليم هدفاً رئيساً من الأهداف التي سعى الملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده على تحقيقها لأبناء المملكة، ومحاولة تعميمه مجاناً لأهل هذه البلاد ، وقد أدرك
قادة المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز حتى الوقت الحاضر، أن تعليـم أبناء المملكة وبناتها هو الثروة الحقيقية والدعامة الأساسية لبناء دولة قوية مسلمة عصرية.
وقد تطور التعليم تدريجياً حسب إمكانات البلاد الاقتصادية والبشرية، و لكنه خطا خطوته الواعدة منذ تولى الأمير فهد بن عبدالعزيز أول وزارة للمعارف في المملكة، وقتها بدأت تظهر ملامح السياسة التعليمية وأسسها التي كانت النواة للنهضة التعليمية المذهلة، التي نعيشها في هذا الوقت، إذ تتم تهيئـة الفرص أمـام الطالب والطالبة للإسهام في تنمية وتطور المجتمع الذي يعيش فيـه.
التطور الأمني
من الحقائق البديهية المسلم بها أن الأمن والتنمية صنوان لا يفترقان، فكما يُقال: لا تنمية من دون استقرار ولا استقرار من دون أمن، وقد تنبهت السعودية لهذه الحقيقة منذ بدايات إنشائها، ولقد أولت المملكة هذه المسألة جل اهتمامها ممثلة في وزارة الداخلية التي تضطلع بالدور الأساسي والرئيس في حفظ الأمن والعمل على تعميمه والمحافظة على راحة وطمأنينة المواطنين والمقيمين، وقد تضافر العديد من العوامل التي أسهمت في ما وصلت إليه من أمن واستقرار يضرب به المثل.
الاتصالات
إن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية حافل بالمنجزات الخيرة بدءاً من إنشاء مديرية البرق والبريد، والهاتف في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز عام 1345هـ، ومن ثم إنشاء وزارة معنية بالاتصالات وتقنية المعلومات، وقد أولت الدولة الأطر التنظيمية والتشريعية اهتمامها، فأعيدت هيكلة القطاع، وأنشئت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وصدر نظام خاص بالاتصالات ويجري إقرار نظام التعاملات الإلكترونية الذي يوفر الإطار القانوني للتعاملات الإلكترونية، ويحفظ حقوق الأطراف المتعاملة إلكترونياً، وكذلك يجري إقرار نظام جرائم الحاسب الآلي والإنترنت الذي يحفظ خصوصية المستخدم، ويعاقب على إساءة الاستخدام.
وتماشياً مع التوجه العالمي نحو دمج الاتصالات وتقنية المعلومات تحت مظلة قطاع واحد، فقد تم تكليف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بمهام الإشراف على تقنية المعلومات بالمملكة العربية السعودية، وبدأت انطلاقة الوزارة والهيئة في هذا الاتجاه.
ما يعكس مدى الاهتمام الذي توليه المملكة لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وتحقيقاً للأهداف الطموحة بالتحول إلى المجتمع المعلوماتي، فهذا ما أرادتة المملكة العربية السعودية بأن تكون مملكة مجتمع معلوماتي.
تحلية المياه
كان توفير المياه الصالحة للشرب يُشكل معضلة رئيسة في جزيرة العرب قبل العهد السعودي الزاهر، ولقد ركزت حكومات المملكة المتعاقبة على تحلية مياه
البحر المالحة، وذلك بإقامة 30 محطة تحلية على البحر الأحمر والخليج العربي، وذلك نظراً لطبيعة المملكة الصحراوية وشح المياه بها. وارتفع إنتاج المملكة من المياه المحلاة إلى أكثر من (1070) مليون متر مكعب، لتجري المياه أنهاراً متدفقة عبر الأنابيب إلى المدن والمراكز في مختلف مناطق المملكة عبر أعماق الصحراء، ولينعم الإنسان السعودي بمصدر دائم ومستقر من المياه العذبة الصالحة للاستعمال دون مشقة أو عناء.
وأنهت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أخيراً إنشاء عدد من محطات تحلية المياه المالحة وخطوط الأنابيب، وبدأ الضخ عبر خط أنابيب نظام نقل المياه المحلاة إلى مكة المكرمة وجدة والطائف.
الرياضة والثقافة
تولي المملكة اهتماماً كبيراً بالرياضة والشباب والنشاط الثقافي بكل أنواعه، لذا أُنشئت الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تطورت من مديرية عام 1974م لتتولى المسؤولية عن النشاطات الرياضية والاجتماعية والثقافية، وقد شهدت الرياضة السعودية تطوراً باهراً وحققت نجاحات كبيرة، خصوصاً كرة القدم السعودية، حيث حصلت على كأس أمم آسيا ثلاث مرات (1984ـ 1988 ـ 1996)، لذا فقد امتلكت الكأس إلى الأبد. كما حصل منتخب المملكة للشباب على كأس العالم للشباب عـام 1989م ، وقد حصلت أيضاً على كأس دورة الخليج لعام 1996م.