مواطنون يستنكرون «سلوكـيات مشينة» لفرق شعبية بالأعراس
استنكر مواطنون «ظهور سلوكيات دخيلة على التراث الشعبي في أعراس»، مؤكدين أن وجود فرق نسائية في حفلات مخصصة للرجال مشهد غير مألوف ومرفوض، في المجتمع الإماراتي، وأن مثل هذه الفرق تستخدم فقط في الأعراس المخصصة للنساء، مطالبين الجهات المعنية بالتأكد من ترخيص فرق تدعي أنها شعبية إماراتية، ومراقبة الفنون التي تقدمها.
تقديم فنون شعبية تخالف التقاليد الأصيلة غير مقبول عرفاً وتراثاً. |
وأشاروا إلى أن وجود مثل هذه السلوكيات في الأعراس قد يشوّه التراث الإماراتي أمام الآخرين ويسيء للمرأة الإماراتية، مؤكدين أن تراث الدولة عريق يعود للأجداد الذين رسخوا معاني الاحتشام.
فيما قال مختصون بالتراث الشعبي إن أي زيادة أو إضافة إلى تراث أي بلد تضعف هويته الوطنية، مؤكدين أن «النعاشات» تراث إماراتي، تقدمه نساء بملابس فضفاضة من خلال تحريك شعرهن فقط دون أجسادهن، ولا يخالطن الرجال، مطالبين الجميع بالحفاظ على التراث الإماراتي الشعبي ومظاهر الاحتفال بالأعراس، وعدم الاستعانة بفرق من دول وثقافات أخرى.
فيما أكد صاحبا مكتبين لتجهيز الأعراس أن مظاهر الاحتفال بالأعراس والمناسبات المختلفة يحددها صاحب المناسبة، لافتين إلى وجود مكاتب خاصة توفر فرق الأغاني والأهازيج، مشددين على أن أعراس الرجال تقتصر على الفرق التي تكون عناصرها من الرجال فقط.
وتداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعرس في المناطق الشمالية، تظهر فيها نساء يؤدين رقصات في حضور الرجال، أشبه بما تؤديه «النعاشات»، بصورة لاقت رفضاً كبيراً في الشارع الإماراتي، وحملت حسابات التواصل الاجتماعي عبارات غاضبة مطالبة بالتصدي لمثل هذه الفرق التي ترتكب «سلوكيات مشينة».
استنكر مواطنون عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي «وجود نساء في عرس يرقصن بساحة الرجال مع فرق شعبية»، لافتين إلى أن هذا الأمر بعيد تماماً عن الفن الشعبي المتعارف عليه.
وتداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعرس في المناطق الشمالية، تظهر فيها نساء يؤدين رقصات في حضور الرجال، أشبه بما تؤدية «النعاشات»، بصورة لاقت رفضاً كبيراً في الشارع الإماراتي، وحملت حسابات التواصل الاجتماعي عبارات غاضبة مطالبة بالتصدي لمثل هذه الفرق التي ترتكب «سلوكيات مشينة».
وعلق رئيس معهد الشارقة للتراث الدكتور عبدالعزيز المسلم على هذه المقاطع بأن «تقديم أي فن شعبي يخالف التقاليد الأصيلة هو أمر غير مقبول عرفاً وأصالة وتراثاً»، مطالباً الجهات المعنية بمنع الدخلاء على الفنون التراثية باعتباره سمة الأصالة لأي دولة، كما أن لكل فن أهله المختصين بتأديته.
ودعا المسلم الجميع «للحفاظ على التراث، خصوصاً مظاهر الاحتفال بالأعراس، وتحري الأصالة في هذا الأمر عبر عدم الاستعانة بفرق من دول وثقافات أخرى»، مؤكداً أن «دولتنا تتميز بالجمع بين الحداثة والأصالة عبر كفين قويتين، إحداهما تمسك بالماضي وأخرى بالمستقبل، إذ نعمل على استعادة التراث بما يُمكّننا من حفظ الهوية الوطنية بسماتها الأصيلة».
وتابع «أي زيادة أو إضافة إلى تراث أي بلد تضعف هويته الوطنية»، موضحاً أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، وضعت ستة معايير لاعتماد أي شيء متعلق بالتراث، وأهم هذه المعايير هو «الأصالة»، بمعنى أن يكون له وجود راسخ ومضامين قوية في الوجدان الشعبي، مشيراً إلى أنه «حين قدم آباؤنا وأجدادنا الفن الشعبي حرصوا على تضمينه صفاته الأصيلة من حيث الأداء والتعبير الحركي والشكل العام».
واستنكر الخبير التربوي الدكتور عبدالله الحمادي السلوكيات الدخيلة على التراث والتي يقوم بها البعض في الأعراس والمناسبات الخاصة، مشيراً إلى أن «مظاهر الاحتفال في الأعراس بوجود نساء أمام الرجال هي مشهد غير مألوف في مجتمعنا»، لافتاً إلى أن «تكرار سلوكيات شعبية تحت مسميات تراثية أصيلة قد يجعلها تترسخ في أذهان الأجيال الحالية وتتوارثها منهم الأجيال المقبلة، لذا لا بد من وقفة حاسمة من أجل بتر مثل هذه السلوكيات والقضاء عليها قبل أن تتحول إلى ظاهرة تتطلب منا مجهوداً كبيراً من أجل وقف نموها ودخولها ضمن مفاهيم التراث الإماراتية الأصيلة».
وشدد على ضرورة أن يحرص الوالدان على تعليم أبنائهما التراث الأصيل ومراقبة كل ما يصلهم من أمور سلبية دخيلة على التراث، مشيراً إلى أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أوجد سلوكيات غير مقبولة، خصوصاً في ما يخص مظاهر الاحتفال بأي مناسبة.
وطالب عضو المجلس الوطني الاتحادي، جاسم عبدالله النقبي، باتخاذ إجراءات رادعة تجاه فرق غير مرخصة تدعي أنها شعبية، مؤكداً أن الجهات المعنية بالتراخيص في الدولة لن تسمح بأن تحصل مثل هذه الأمور في أعراس الرجال، خصوصاً إدخال العنصر النسائي بلباس غير محتشم وغير لائق للتعبير عن تراث الدولة العريق.
وأكد أن عروض «النعاشات» تراث إماراتي عريق، إذ تحرك بعض النساء بملابس فضفاضة شعورهن فقط دون الجسد في قاعات النساء، بعيداً عن الرجال، مشيراً إلى أن نشر مقاطع فيديو تعود لأحد الأعراس تشارك فيه نساء الرجال بعرض «الرزيف» يعد «أمراً غير لائق ولا يتقبله المجتمع الإماراتي الذي لا يتخلى عن الحشمة في كل مناسباته».
وتابع النقبي «لا منفعة من وجود مثل هذه السلوكيات في الأعراس والتي قد تؤثر على نقل التراث الإماراتي للأطفال والمراهقين وللدول الأخرى بشكل مشوه»، مشدداً على «ضرورة مراقبة مثل هذه الفرق التي تدعي أنها فرق شعبية، ومتابعتها للتأكد من أنها مرخصة».
وعلق عضو المجلس الوطني الاتحادي سالم عبيد الشامسي، بأن «رقص فتيات في أعراس أمام رجال هو أمر دخيل على مجتمعنا، ومرفوض على جميع الأصعدة، كون هذه السلوكيات لا تمت بأي صلة لتراثنا، ولمظاهر احتفالاتنا في الأعراس، إذ لدينا أجيال تتأثر بما يحدث أمامها، ولابد من تنشئتها على التراث الأصيل والعادات العريقة»، مطالباً الجهات المعنية بالرقابة المباشرة على جميع الفرق التي تحيي حفلات الأعراس والمناسبات المختلفة، والتأكد من حصولها على ترخيص، وفق أطر قانونية.
وشدد الشامسي على ضرورة رصد السلوكيات المخالفة التي تؤدى في الأعراس، وإيجاد إجراءات قانونية حيالها، وتطبيق هذه الإجراءات، مؤكداً أن ما تم رصده في أحد الأعراس بإحدى إمارات الدولة من قيام نساء بالرقص أمام الرجال هو أمر مرفوض وغير لائق.
فيما قال المواطن عبدالله محمد، من إمارة الفجيرة، إنه فوجئ حين رأى مقطع فيديو منتشراً على مواقع التواصل الاجتماعي لفرق نسائية بلباس تراثي في عرس خاص بالرجال وهن غير مواطنات، مشيراً إلى أن التراث الإماراتي لم يكن على هذه الشاكلة أبداً إنما هو تراث عريق يعود لأجدادنا الذين رسخوا في نفوسنا معاني الحشمة.
وعلقت المواطنة أسماء علي آل علي، من إمارة الفجيرة، بأن «مثل هذه الفرق تستخدم لأعراس النساء والأعياد الوطنية للنساء فقط»، منوهة بأن «الملامح التي تحملها المؤديات اللاتي ظهرن في مقاطع الفيديو ليست إماراتية، ويستحيل أن تقوم مواطنة بهذا الأمر الذي يسيء للدولة». وأكدت أن مكانة المرأة الإماراتية محفوظة، ولا يمكن أن تشوهها مثل هذه الفرق التي لا تمت للتراث الإماراتي بصلة.
إلى ذلك، قال صاحب مكتب لتجهيز الأعراس في الشارقة أشرف عبدالحق، إن مظاهر الاحتفال بالأعراس والمناسبات المختلفة يحددها صاحب المناسبة، ويقتصر دور المكتب على توفير ما يطلبه صاحب الاحتفال ضمن الشروط المحددة لنشاط المكتب في الرخصة التجارية، مشيراً إلى أن «الفرق الغنائية والرقص الشعبي لا نوفرها إلا بالشكل المناسب اجتماعياً، واللائق بعادات أهل الدولة، حيث تكون الفرق النسائية في قاعات أفراح خاصة بالنساء، والتي تكون عادة مغلقة، أما الفرق الرجالية ففي الساحات أو القاعات الخاصة بالرجال، وفق العرف الدارج في الدولة وكما جرت عادة تنظيم الأفراح».
وأضاف أن هناك «مكاتب متخصصة في توفير فرق الأغاني والأهازيج، التي قد يطلبها صاحب الفرح»، مشيراً إلى أن معظم مكاتب تجهيز الأفراح غير مختصة بتوفير مثل هذه الفرق، بل يقتصر دورها على تجهيز القاعات وتوفير أسطوانات الأغاني الموسيقية، لافتاً إلى «وجود فرق غنائية عدة غير مرخصة يتم طلبها من قبل أصحاب الأعراس والاحتفالات».
وتابع: «في حال طلب منا أحد الزبائن توفير فرق رقص شعبي أو فرق غنائية سواء كانت من الرجال أو النساء، نستفسر منه مسبقاً عن أمور عدة، منها المكان الذي ستؤدي فيه الفرق استعراضاتها سواء كانت في قاعات النساء أو الرجال، وعليه يتم الاتفاق بيننا على هذا الأمر والالتزام به».
فيما قالت مديرة مكتب لتنظيم حفلات الأفراح في الشارقة، كريمان عبداللطيف، إن «طلبات توفير الفرق التي يتلقاها المكتب غالباً تكون خاصة للنساء للقيام برقصات متعددة».
وأشارت إلى أن «أعراس الرجال تقتصر على الفرق الحربية والتراثية التي تكون عناصرها من الرجال فقط»، مشيرة إلى أنها لم تتلق أي طلب مسبق بخصوص فرق استعراضية تراثية عناصرها من النساء يرقصن في أعراس مخصصة للرجال، واستنكرت استخدام بعض الفرق عناصر نسائية في أعراس الرجال بلباس تراثي، مؤكدةً أنها لا تقبل أي طلب يأتيها بهذا الخصوص.
الظنحاني: معظم الفرق الشعبية بالأعراس غير مرخصة
قال رئيس جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون والمسرح، عبدالله محمد الظنحاني، إن فن الرزيف الحربي من أهم أنواع فنون البادية على الإطلاق، ويستخدم في الأعراس والمناسبات الاجتماعية والوطنية، ويعد من مظاهر الشجاعة وقوة الشخصية وهيبتها، وعلامة من علامات الفروسية العربية، وهو فن خاص بالرجال ويخلو أداؤه من أي عنصر نسائي، حيث يقف صفان من الرجال لا يقل عدد كل منهما عن 10 رجال.
وتابع: «يقف الصفان متقابلان، وبينهما حملة الطبول لا يتجاوز عددهم أربعة ولا يقل عن اثنين، بينما يرتدي من فيهما أزياءهم الشعبية، ويلف كل واحد منهم حول وسطه حزاماً له جيوب كثيرة محشوة برصاص البنادق، وأحياناً يعلق في الحزام جراباً خاصاً لوضع خنجر بوضع مائل ويسمى (المحزم)».
وأشار إلى أن هذا الفن يمتاز بترديد الأشعار، إذ يقوم الرزيفة بأداء بيت شعر يرددونه، وهو عبارة عن مدح لحاكم إمارة أو شيخ قبيلة، أو شعر غزلي تكون لغته حسب بيئة المنطقة سواء كانت جبلية أو بحرية أو صحراوية، كذلك يتميز هذا النوع من الرقص بتفاوت الأداء بين البطء والسرعة وبين الهدوء والصياح، حسب نوع الشعر، فشعر الشجاعة والوطنية يختلف أداؤه الحركي عن شعر الغزل.
وقال إن معظم الفرق الشعبية التي تقوم بالمشاركة في إحياء حفلات الأعراس غير مرخصة من قبل جمعيات النفع العام التابعة لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة، مطالباً الجهات المعنية بكشف الفرق غير المرخصة ومراقبة ما تقدمه من فنون، وما مدى توافقه مع التراث الشعبي الإماراتي الأصيل.
وأكد أن الإمارات تمتلك إرثاً فنياً وثقافياً مهماً، مكتسباً من العادات والتقاليد السائدة، مشيراً إلى أن هناك العديد من الفنون في الدولة متداخلة مع فنون شعبية لدول أخرى، خصوصاً تلك الموجودة في منطقة الخليج العربي، ودول شرق إفريقيا، حيث ذابت هذه الفنون الوافدة في المجتمع الإماراتي، وغدت جزءاً من تراثه التقليدي، بعد أن لاقت الاستحسان والقبول.
وقال إن الفنون الشعبية دخلت الإمارات في إطار تبادل الثقافات المختلفة أو نتيجة الرحلات التجارية البحرية من وإلى سواحل الإمارات، مؤكداً الدور الفاعل لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة في دعم وتحفيز فرق الفنون الشعبية، لإيمانها العميق بأن تنمية الهوية الوطنية قضية التزام وطني وديني وتاريخي، وبناء على ذلك تختار أفضل العناصر الفنية المتميزة في التجمعات الفنية والشعبية، وتدربها لتصبح كوادر متميزة، لأن تنمية الهوية الوطنية هدف رئيس لاستراتيجيتها وخططها الحالية والمستقبلية، كونها تعد نفسها جهة اجتماعية وأخلاقية ترتبط بتفاصيل حياة الشعب، وتعنى باستحضار جوهر وجوده واستقراء أسباب بقائه، حفاظاً على هذا الوجود من تحديات التشتت والزوال، فضلاً عن التفكك والإلغاء.
عبدالله محمد الظنحاني. من المصدر
المسلم: مشهد دخيل على تراث الإمارات
قال رئيس معهد الشارقة للتراث الدكتور عبدالعزيز المسلم، إن مشهد العرس الذي شاركت فيه نساء بساحة الرجال «مشهد دخيل على تراث الإمارات».
وقال: «النعاشات» هن مجموعة من الفتيات يؤدين حركات تراثية أمام فرق العيالة أو الرزيف «الحربية»، وعادة تكون هذه الفرق مكونة من مجموعة من أفراد أسرتهن أو أفراد قبيلتهن المقربين، لافتاً إلى أنهن لا يؤدين هذا الفن أمام الغرباء، وفي السابق لم يكن هناك فتيات دخيلات يؤدين هذا الفن سواء في الأعراس أو المناسبات، إذ إنه لا بد أن يُراعي هذا الفن العادات والتقاليد.
من جانبه، قال مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي الشاعر والإعلامي راشد شرار، إن فن «النعاشات» هو فن يُؤدى في الأعراس قديماً من قبل فتيات في عمر 12 حتى 14 عاماً، بالتزامن مع أداء فرق الحربية، وهم مجموعة رجال يؤدون بعض الأهازيج والأشعار، موضحاً أن «النعاشات» كن يؤدين هذا الفن وهن مرتديات الثوب الإماراتي المحتشم والفضفاض الدال على عراقة التراث.
وأكد أن «الاستعراض الجسدي مرفوض في مجتمعنا، حتى الشعراء لم يكونوا يتعرضون بدقة في أشعارهم لجسد المرأة».
عبدالعزيز المسلم.
راشد شرار.