منها أفكار مبتكرة لإنقاذ مرضى وتجارب تعليم مميزة
«صنّاع الأمل» تجذب آلاف قصص الإلهام
نجحت مبادرة «صنّاع الأمل» منذ إطلاقها نهاية فبراير 2018، في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي، يتطلعون إلى الإسهام في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي، إذ تلقت المبادرة آلاف قصص الأمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشروعات ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس، وتحسين نوعية الحياة، أو الإسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم. واستعرضت المبادرة بعض قصص صنّاع الأمل، التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي، من المحيط إلى الخليج، سعياً لمشاركتها كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل.
«سافينو».. مبادرة مبتكرة للتبرّع بالدم
نظرة السعودية، معدية العمري، طالبة الطب في جامعة أم القرى، للحياة تغيرت تماماً، بعد الحادث المروّع الذي تعرضت له إحدى صديقاتها، واستلزم نقل كميات كبيرة من وحدات الدم لها، حيث واجه الأطباء صعوبة في توفير حاجتها، بسبب ندرة فصيلة دمها. من هذه التجربة المؤلمة، نفذت العمري فكرة مبتكرة لإنقاذ المرضى والجرحى، الذين يحتاجون إلى نقل دم دون أن يتوافر دائماً ما يكفي لذلك، من خلال إنشاء منصة إلكترونية، وتطبيق على الهواتف المحمولة، يشجع على ثقافة التبرع بالدم بين الرجال والنساء، ويربط المتبرعين وبنوك الدم والمستشفيات، من أجل توفير احتياجات المرضى من الدم بكل يسر وسهولة.
تحمل المنصة اسم «سافينو»، الذي يشير إلى اسم «الوريد الصافن الطويل»، أي الوريد السطحي للساق، وهو أطول وريد في الجسم على طول الطرف السفلي، ويكون مغموراً تحت الجلد.
وتضم المنصة أسماء متبرعين، وبالتالي يمكن توفير الدم من أكثر من متبرّع في وقت واحد، فضلاً عن تحديد الموقع الجغرافي للمتبرعين الموجودين ضمن المنطقة ذاتها للمحتاجين.
ومنذ إطلاقها عام 2017 حتى الآن، بلغ عدد المستفيدين من المنصة 532 شخصاً، كما استفاد من خدماتها 30 بنكاً للدم. وتتضمن المنصة أسماء لأكثر من 1200 متبرّع ومتبرّعة من مختلف فئات المجتمع السعودي، لديهم استعداد للتبرّع بالدم فوراً.
وتأمل العمري أن توسع نطاق عمل «سافينو»، لتوسيع دائرة الأمل، من خلال زيادة قاعدة المتطوعين المسجلين في المنصة، وعقد شراكات مع جهات عدة.
مريض الشلل الرعاش يصنعُ الأمل لذوي الهمم
بالنسبة إلى بعض الناس، قد يكون المرض العضال عائقاً أمام ممارسة حياتنا اليومية، وقد يحدّ من طموحهم ويجعلهم ينكفئون على أنفسهم. لكن هناك من يجدون في المرض تحدياً يمكن تجاوزه، وفرصة لتحويله إلى طاقة إيجابية، هذه هي حكاية رزق المصري، الذي لم يسمح للمرض بأن يعطله عن رسالته في الحياة: صناعة الأمل.
رزق، أردني، في العقد السادس من عمره، اتخذ من العمل التطوعي رسالة، ترجمها إلى عمل دؤوب لا ينقطع، حتى حين أصيب بمرض الباركنسون (الشلل الرعاش) قبل 13 عاماً.
رحلة رزق مع العمل التطوعي تمتد لأكثر من 35 عاماً؛ فهو أسهم في إدخال رياضة كرة السلة على كرسي متحرك لأصحاب الهمم في مطلع الثمانينات، حيث بدأ العمل التطوعي مع الاتحاد الأردني للمعاقين في عام 1981، ومنذ ذلك الحين وهو يُلازم أصحاب الهمم على اختلاف فئاتهم، يساعدهم ويرشدهم، ويضيء لهم طريق الأمل.
تولى المصري إدارة الاتحاد الدولي لمنطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا للكراسي المتحركة، في الفترة من 1990 حتى 1997، بهدف تشجيع أصحاب الهمم على ممارسة الرياضات المحببة لهم، واستثمار أوقاتهم بصورة ممتعة، تجعلهم يقبلون على الحياة، ويتجاوزن التحديات التي تخلقها إعاقاتهم، ليشعروا بأنهم قادرون على تحقيق إنجاز لهم.
وجنباً إلى جنب مع اهتمامه بذوي الإعاقات، من أصحاب الكراسي المتحركة، كرّس المصري جانباً من جهوده التطوعية لرعاية أصحاب الهمم، من «الصم والبكم» المنتسبين إلى جمعية رعاية الصم والبكم، منذ عام 1990، حيث أسهم في دعم أحد أهم أهداف الجمعية، المتمثل في حثّ الجهود الرسمية والشعبية للتفاعل مع قضايا الإعاقة بشكل عام، والصم بشكل خاص، ووضع قضايا الإعاقة على أجندة صنّاع القرار.
ويتحدث رزق عن تجربته قائلاً: «واصلتُ العمل والقيام بهذه المهام التطوعية طيلة السنوات الماضية، دون انتظار عائد مادي، خصوصاً مع الجمعية»، ويضيف: «رغم إصاباتي بمرض باركنسون (الشلل الرعاش) منذ عام 2006 إلا أنني لم أتوقف عن أداء رسالتي التطوعية». في النهاية، اختار رزق أن يمضي في طريق الأمل، وبالتأكيد لا يوجد أي شيء يمنعه عن المضي فيه.
«احتواء».. تجربة تعليم فردية مميزة
كان يمكن لحياة أحلام يوسف، معلّمة اللغة الإنجليزية في مدرسة «جدحفص» الثانوية للبنات، في مملكة البحرين، أن تمضي بصورة عادية، بحيث تقوم بواجبها المهني كما هو مطلوب منها، وكفى، لكن أحلام لم تشأ أن تحصر رسالتها «المقدسة» كمعلمة وفق منظومة التعليم القائمة، أو أن تجعلها حبيسة الصف، أسيرة المنهج، فبالنسبة لها، رسالة المعلم معنية بالدرجة الأولى بالطالب، ولتلبية احتياجاته التربوية، ولأجل طالباتها، طوّرت أحلام مبادرة «احتواء»، التي تقوم على تقديم تجربة تعليم فردية مميزة.
تعنى مبادرة «احتواء»، التي استفادت منها 116 طالبة، بمساندة ودعم طالبات المستوى الثاني والثالث الأدبي، من مختلف فئات التحصيل العلمي، مع التركيز على ذوات التحصيل المتدني والمتعثرات دراسياً، وصاحبات الهمم، إلى جانب الطالبات اللاتي يعانين ظروفاً خاصة، ويحتجن إلى احتواء نفسي وأكاديمي من نوع خاص، وذلك في مادة اللغة الإنجليزية، ولهذه الغاية، أطلقت أحلام، في عام 2014، مبادرتها حيث بلورت من خلالها استراتيجية مبتكرة أطلقت عليها اسم «تفريد التعليم»، أي تقديم تجربة تعليمية فردية مصمّمة وفق مواصفات خاصة، تناسب كل طالبة حسب ظروفها، وحسب قدراتها وإمكاناتها.
وبفضل المبادرة، التي لاتزال مستمرة حتى اليوم، أظهرت نتائج الطالبات المعنيات تحسناً ملحوظاً في أدائهن الأكاديمي، محقّقات نسب نجاح تفوق المؤشر الوطني في البحرين. لكن الأهم من النجاح وتحقيق الدرجات، هو التحسن الكبير في الحالة النفسية للطالبات، وهو ما انعكس على علاقتهن بالأسرة والمجتمع من حولهن، حيث أصبحن أكثر تفاعلاً وانخراطاً مع من حولهن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news