تدخلات علاجية ووقائية استباقية ضد ثقافة العنف والكراهية والإرهاب
مجلس الإمارات للإفتاء يتصدى لـ «الفتاوى المارقة»
عقد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، في أبوظبي، أمس، أول اجتماعاته بعد قرار مجلس الوزراء تشكيله برئاسة العلّامة الشيخ عبدالله بن بيه، الذي أكد في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، امتلاك المجلس صلاحيات كبيرة ومهمة في ما يتعلق بالتصدي للفتاوى المارقة، التي ألحقت ضرراً كبيراً بالأمة الإسلامية، وكانت سبباً رئيساً لاستحلال الدماء، مشدداً على أنه من بين الإجراءات التنظيمية للمجلس تولي الإشراف على كل المراكز المعنية بإصدار فتاوى داخل الدولة، بجانب حظر الظهور في أي وسيلة إعلامية للإفتاء على الناس من دون تصريح أو إذن المجلس.
وتفصيلاً، أكد بن بيه، أن قرار القيادة تشكيل مجلس الإفتاء يشكل خطوة جديدة في إطار نهج التسامح وفلسفة التعايش السعيد، الذي وضع لبناته الأولى مؤسس الدولة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين الأوائل من حكام الإمارات، مشدداً على أن المجلس يتمتع بصلاحيات كبيرة ومهمة في التصدي للفتاوى المارقة، الناجمة عن انحراف مسار الفتوى، الذي صار بمثابة سلاح للمتطرفين وحملة الفكر المأزوم.
مظلة مجلس الإفتاء أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الدكتور محمد مطر الكعبي، رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» بشأن تنسيق الأدوار ما بين مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ومركز الإفتاء الرسمي، أن المركز الرسمي للإفتاء سيواصل عمله المعتاد في تلقي الاستفتاءات من الجمهور بنفس آليات وتقنيات عمله، لكن هذا العمل سيكون تحت مظلة مجلس الإمارات للإفتاء، ووفق منظومته. فيما قال مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي العلّامة الشيخ عبدالله بن بيه، إن المجلس يعمل حالياً على ترجمة قرار تأسيسه عملياً وعلى الأرض، من خلال الإشراف على كافة المراكز المعنية بالفتوى في الدولة، ومتابعة المنهجيات التي تسير عليها تلك المراكز بهدف توحيد الفتوى، مؤكداً أن المجلس لن يكون أشبه بمحاكم الاستئناف فيما يتعلق بما سيصدر من فتاوى، ولكن سيكون له دور استباقي في صناعة الفتوى. • المجلس حظر ظهور المفتين إعلامياً دون تصريح.. ويشرف على المراكز الإفتائية في الدولة. • مهمة الفتوى تتمثل في تنزيل أحكام الشرع على واقع المكلفين. |
وقال: «يبدو الواقع اليوم معقداً في تركيبته، وفي إكراهاته، وفي تقلباته وتغيراته، ما يلزم الدولة أن تتدخل لنزع سلاح الفتوى من أيدي الإرهابيين والمتطرفين، وتستعمل السلاح نفسه في مواجهتها المباشرة وغير المباشرة للتطرف، وفي تدخلاتها العلاجية والوقائية الاستباقية ضد ثقافة العنف والكراهية والإرهاب، وتحصين المجتمع بفتاوى رصينة ضد الفتاوى المارقة التي تفضي إلى المفاسد دون المصالح، وتغذي نيران الحرب المجنونة، بدل السلم بيئة لكل الحقوق، ومظلة لكل مكونات المجتمع».
وأضاف أن قرار مجلس الوزراء تشكيل مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، يأتي في سياق تحقيق غاية ضبط الفتوى ومأسستها، وتوحيد مرجعيتها، ليمثل مع غيره من المؤسسات في الدولة سياجاً وحصناً من الفتاوى المارقة، والتيارات الهدامة التي تهدد الأمن الروحي والسلم الأهلي والاجتماعي والإقليمي، بل الدولي، ولا يقف هذا المجلس عند هذه الغاية، بل سيكون معلماً وملهماً ليس فقط للعلماء المفتين في هذه الدولة الكريمة المباركة، ولكن لنظرائهم وزملائهم، والمجالس والهيئات الأخرى في العالم الإسلامي، إذ سيكون محاوراً لها، ومشاركاً معها، كما نص على ذلك القانون التأسيسي.
وأوضح بن بيه أن مهمة الفتوى تنزيل أحكام الشرع على واقع المكلفين، ولذلك فهي ترتبط بحياة الناس ومعايشهم، ومصالحهم في العاجل والآجل، ما يحتم على المفتي مراعاة مقاصد الشارع، ولذلك فإن المطلوب من المفتي هو معرفة الواقع بكل تفاصيله، وليس الواقع بمعنى اللحظة الحاضرة، ولكنه الواقع الذي يعني الماضي الذي أفرز الحاضر وأسّس له، الذي من دون تصوره لا يمكن تصور حاضر، هو امتداد له وحلقة من سلسلة أحداثه وإحداثياته، غير أن ذلك لن يكون كافياً دون استشراف مستقبل تتوجه إليه تداعيات الحياة وتفاعلات المجتمعات، وذلك ما نسميه بالتوقع.
وأفاد بأن العولمة أنتجت واقعاً جديداً معقداً، فرض نفسه على الدول والمجتمع والأسرة والتعليم، والسياسة والاقتصاد، بصور مغايرة للصور التي نزلت فيها الأحكام الجزئية، ما يعني أنه ليس أمام المفتي سوى فهم الواقع بتركيبته ومتغيراته وإكراهاته، المرتبط بتركيبة الكينونة البشرية في سعتها وضيقها، ورخائها وقترها، وضروراتها وحاجاتها، وتطوراتها وسيروراتها.
وتحدث بن بيه عن مفهوم الوسطية في الفتوى، فقال:«إذا كان الاعتدال محبباً للإنسان كله، فإنه بالنسبة لنا نحن المسلمين وفي دولة الإمارات يعني الوسطية النابعة من تعاليم الإسلام ودعوته بالحكمة والموعظة، تلك الوسطية التي تقدم الإسلام كما هو في قيمه وتفاعله البناء مع الحضارات الأخرى، في ما هو إنساني مشترك عام، فهي الميزان الشرعي الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، هو نبذ المبالغة والمغالاة».
وأكد أن الوسطية تقضي مراعاة مسألتين، الأولى أن يكون المفتي ناظراً في المآلات، متطلعاً إلى المتوقعات، والثانية أن يكون عارفاً بتوازنات المصالح والمفاسد، وتوازنات الأدلة، مرتكباً أخف الضررين، وأهون الشرين، مراعياً أصلح المصلحتين وخير الخيرين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news