علي الكندي: «الظــفرة» لها مكانة خاصة فـي قلب زايد
قال مستشار التراث في منطقة الظفرة، علي أحمد الكندي المرر، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يكن محبة خاصة لمنطقة الظفرة ويوليها أهمية كبيرة، لذلك بذل جهوداً كبيراً لتطويرها وتعميرها، وتوفير مختلف وسائل الحياة الكريمة لسكانها، مشيراً إلى أن اعتزاز المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالظفرة يظهر بوضوح في قصيدته «بينونة»، التي دعا فيها بالغيث لمنطقة الظفرة وبينونة، وكذلك في زياراته المتكررة للمنطقة.
وأوضح الكندي، في حواره لـ«الإمارات اليوم»، أنه كان شاهداً في طفولته على زيارات المغفور له الشيخ زايد للظفرة، متابعاً: «شاهدت الشيخ زايد كثيراً في طفولتي خلال زياراته المتكررة لمنطقة الظفرة، كما كنت أوجد في مجلس شعراء البادية الذي أمر بإنشائه وكلّف والدي الشاعر أحمد الكندي برئاسته. ومازالت أذكر حواره معي وكنت وقتها في الصف الثالث الابتدائي، حيث سألني عن اسمي وعندما أجبته قال لي: (أنت ابن الشاعر أحمد الكندي وحفيد القاضي مصبح الكندي)، فأجبته بالإيجاب».
وأضاف: «سألني المغفور له الشيخ زايد عن دراستي وهل استفيد منها، وهل تعلمت القراءة والكتابة والحساب أم لا، فأجبته بالإيجاب. ثم أخذ ينصحني بالاهتمام بالدراسة، وقال: (إن الوطن ينتظر أبناءه المتعلمين، ليحملوا مسؤولية بنائه وتطويره)».
وذكر الكندي أن هذه المحادثة مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان لها أكبر الأثر في نفسه، حيث كانت حافزاً له على التفوق في الدراسة، وعندما كان يتكاسل قليلاً عن المذاكرة، كان والده ووالدته يذكرانه بوصية المغفور له الشيخ زايد، فيستعيد رغبته في النجاح والتفوق.
حكمة زايد
موقف آخر يذكره الكندي، يعكس الاهتمام الذي كان يوليه المغفور له الشيخ زايد للتعليم؛ عندما كان خاله طاهر مصبح الكندي يدرس في المدرسة وكان الطالب الوحيد في صفه، لذلك فكرت إدارة المدرسة في إلغاء هذا الصف لعدم وجود سوى طالب واحد، ثم جاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في زيارة للمدرسة، وعلم بتفكير إدارتها في إغلاق الصف، فأمر باستمراره حتى لو لم يكن فيه سوى طالب واحد. وبعد سنوات من هذه الواقعة؛ حصل خالي على درجة الدكتوراه، وحرص على أن يذهب إلى الشيخ زايد ويهديه الشهادة التي حصل عليها، ويذكره بأنه الطالب الذي كان بمفرده في الصف، وفرح الشيخ زايد فرحاً كبيراً به وبنجاحه وتفوقه.
وعن علاقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالظفرة، أشار أن الوالد المؤسس منذ توليه حكم أبوظبي في 1966، توالت زياراته إلى منطقة الظفرة، وعمل على توطين البدو بها، حيث كان يعرف جيداً مختلف القبائل هناك، ولتحقيق ذلك اتجه إلى بناء مدن جديدة في المنطقة مثل مدينة زايد والمرفأ وغياثي وليوا والرويس والسلع، وحرص على أن تكون مدناً متكاملة الخدمات والمرافق.
وأشار إلى حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال زياراته، على أن يجلس مع الناس ويتعامل معهم عن قرب، ويسألهم عن حاجاتهم ويلبيها لهم. في المقابل؛ كان أهل المنطقة يكنون له، طيب الله ثراه، محبة واحتراماً عميقين، وكانوا ينتظرون زياراته لهم بلهفة.
اهتمام بالشعر والشعراء
جانب آخر من شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يتطرق إليه الكندي في حديثه، هو ارتباطه بالشعر واهتمامه بالشعراء. موضحاً: «أن الشيخ زايد كان شاعراً ومهتماً بالشعر، كان يعرف أن الظفرة تضم عدداً كبيراً من الشعراء الكبار، وكان يهتم بهم ويحرص على لقائهم، ولذلك فكر في إنشاء مجالس تجمع الشعراء ويلتقون فيها لتبادل أشعارهم والحديث في أمور الشعر، فتم إنشاء مجلس وأطلق عليه (شعراء البادية)، وأسند الشيخ زايد رئاسته إلى والدي، وأمر أن يدعو إليه الشعراء الكبار وكذلك الصغار حتى يتعلموا من الكبار، كما تم تخصيص برنامج إذاعي عن المجلس، حيث لم يكن هناك تلفزيون حينها، ثم أصبح البرنامج تلفزيونياً في عام 1982، وكنت أذهب مع والدي في ذلك الوقت وأجلس أتابع ما يجري».
وذكر الكندي أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لم يكتفِ فقط بعمل مجالس للشعراء، لكنه خصص لهم رواتب شهرية لتشجيعهم ودعمهم. وأضاف «وأذكر عندما أنشأ الشيخ زايد مدينة غياثي في بداية السبعينات، دعا الشعراء لنظم قصائد عن المدينة، فقد كان يرى أن الشعر وسيلة لتوثيق الأحداث وحفظ التراث والعادات والتقاليد، وقتها كان والدي في مدينة زايد فلم يحضر، فسأل عنه وأمر بإحضاره، وبالفعل جاء والدي ونظم قصيدة عن المدينة الجديدة».
وأوضح أنه، من خلال دراساته، وجد أن شعر الشيخ زايد يتصف بسمات رئيسة عدة، من أبرزها اعتماده في أغلب القصائد على وزن «الردح» لأنه وزن مرتبط بالإمارات وعمان، حيث كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حريصاً على أن يحافظ على إرث المنطقة ويحتفي به، والسمة الثانية تتمثل في استخدامه اللهجة المحلية الأصيلة، باعتبارها مكوناً أساسياً من مكونات الهوية الوطنية للإمارات، وبصفته حاكماً حريصاً على توجيه شعبه نحو ما فيه خير الإنسان والمجتمع؛ اشتمل شعر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على الكثير من الحكم والنصائح والدعاء بالخير لشعبه وبلاده، بالإضافة إلى كتابته قصائد في الأغراض الشعرية المختلفة، مثل الغزل والفخر والحماسة، ومجاراة العديد من الشعراء.
اهتمام بالتراث
قال علي أحمد الكندي المرر إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يولي التراث اهتماماً كبيراً، وبذل جهوداً حثيثة للحفاظ عليه والاحتفاء به. موضحاً أن عناصر التراث مثل سباقات الخيول والهجن والسباقات البحرية والصقارة والفنون الشعبية مثل الحربية والتغرودة والونة، متجذرة في نفوس أهل الظفرة، لكن صعوبة الحياة قديماً كانت تمنعهم من ممارسة هذه الفنون بشكل منتظم، واقتصرت في الأغلب على الأعياد والأعراس، لذلك عمل الشيخ زايد على إحيائها، فكان يأمر بتنظيم السباقات في كل زيارة له إلى المنطقة، ورصد جوائز قيمة لتشجيع أصحاب الهجن على الاهتمام بهجنهم ورعايتها، وأعانهم على ذلك.
- لم يكتفِ الشيخ زايد بإنشاء مجالس للشعراء، لكنه خصص لهم رواتب شهرية لتشجيعهم ودعمهم.
- الشيخ زايد حرص على الجلوس مع الناس، والتعامل معهم عن قرب، وسؤالهم عن حاجاتهم وتلبيتها.