«منتدى السلم»: التسامح متأصل في الشخصية الإماراتية
نوّه منتدى السلم للمجتمعات المسلمة برسوخ قيمة التسامح داخل المجتمع الإماراتي منذ القدم، وتعمقها وتجذرها منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حتى الآن.
وشارك رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشيخ عبدالله بن بيه، في الندوة التي أقامها مركز الإمارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، أخيراً، بعنوان «الإمارات وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش محلياً وعالمياً»، وأكد تكريم الله، عزّ وجلّ، البشر جميعاً على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم، بنفخة من روحه في أبيهم آدم، مصداقاً لقوله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً».
وأضاف أن التسامح في القرآن يعبّر عنه بأربعة مصطلحات، هي: العفو والصفح والغفران والإحسان، ويقول النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، «بعثت بالحنيفية السمحة»، مشيراً إلى أن الشريعة الإسلامية حنيفية في التوحيد، سمحة في التعامل.
وقال إن التسامح في الإسلام هو أن تعطي من حرمك، وتحب من كرهك، وتقرّب من ابتعد عنك، مؤكداً أن الإسلام يؤمن بالحوار مع الآخر، ويعترف بالتعددية، ويحترم معتقدات الآخرين، ويعمل على تعزيز الكرامة الإنسانية.
ونوّه باختيار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عام 2019 عاماً للتسامح، مؤكداً أن التسامح الإنساني من أسمى أنواع النبل والكرم والأخلاق الفاضلة، وأنه والسماحة صنوان لهما أصول واحدة في الشخصية الإماراتية.
وأشار إلى الدور الذي يلعبه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في ترسيخ قيم التسامح بين البشرية جمعاء، لافتاً إلى أن الكرامة الإنسانية سابقة في التصور والوجود على الكرامة الإيمانية، وأن التسامح في الإسلام يستند إلى الحوار والتفاهم مع الآخر، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو معتقداته.
وذكر أن المجلس يعمل على تقديم الصورة الصحيحة والحقيقية عن الإسلام، والرؤية السليمة للسلم، عبر معالجة شاملة وتجديد فكري يستند إلى قيم السلم والتسامح، وإعطاء أولوية لها.
وأشار إلى إعلان مراكش التاريخي في يناير 2016، الذي أعد بمشاركة 300 شخصية من علماء المسلمين ومفكريهم ووزرائهم ومفتيهم على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم من أكثر من 120 بلداً، بهدف وضع الأسس المعرفية لهذا المسعى من خلال الكشف عن المبادئ الكلية للخطاب الإنساني في الإسلام.
وأضاف أننا ننطلق في المنتدى من الإيمان بأن التأويل المقارب الذي يجيده العلماء الراسخون هو السبيل الصحيحة، والإطار الأمثل الذي يعيد للدين طاقته الإيجابية، ليغدو بلسماً لجراح الإنسانية، ودواء لمآسيها، وسكينة تنزل على القلوب، وحباً يسكن في النُّفوس.
وأشار إلى أن صحيفة المدينة، مثلت إطاراً ناظماً لترسيخ ثقافة التسامح، من خلال التأسيس للتعددية الاختيارية، وبناء عقد اجتماعي على أساسه تقدم مصالح التضامن والتعاون، في شكل حقوق وواجبات، فكانت هذه الصحيفة بحق وثيقةً مؤسسة للمفهوم القانوني للمواطنة المحققة والضامنة للتسامح.
وذكر بن بيه أن التعدد هو سنة كونية، وفطرة بشرية، فالناس من فطرتهم أن تختلف رؤاهم وتصوراتهم ومعتقداتهم ومصالحهم. ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام إلا معترفاً بهذا المبدأ، ومعلناً بضرورة احترامه، مشيراً إلى أن الآخر في رؤية الإسلام ليس عدواً ولا خصماً، بل هو على حدّ عبارة الإمام علي بن أبي طالب: «أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلْق»، مضيفاً أن الآخر هو كما تقول العرب الأخ بزيادة راء الرحمة والرأفة والرفق، وإنه الأخ الذي يشترك مع الإنسان في المعتقد أو يجتمع معه في الإنسانية.
التسامي عن السفاسف
أكد رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه، أن التسامح يعني التسامي عن السفاسف، ويتضمن عفّة اللسان عن الأعراض، وسكون اليد عن الأذى، أي أنه التجاوز عن الزلات، والتجافي عن الهفوات، متابعاً أن التسامح هو «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».
وأضاف أن التسامح معنى فوق العدل، الذي هو إعطاء كل ذي حق حقه، لأن التسامح هو بذل الخير من دون مقابل، فهو من قبيل الإحسان، الذي يمثل قمة البر، وذروة سنام الفضائل.