أكد أن التنوع مصدر القوة لدى الأديان
«الأخوة الإنسانية» يدعو إلى مواجهة العزلة بنشر الأفكار المنفتحة
طالب المشاركون في ختام مؤتمر «الأخوة الإنسانية» الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين في العاصمة الإماراتية أبوظبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتعزيز جهود رجال الدين في مجابهة دعوات العزلة من خلال الاعتراف بالغير، وخلق روابط أكثر متانة بين البشر لإثبات أن التنوع هو مصدر القوة لدى جميع الأديان.
ودعوا إلى التعاون المشترك وتبادل الآراء في إطلاق مشاريع فكرية على مستوى العالم، لترسيخ مفهوم الأخوة عبر ربط الشرق بالغرب.
وناقش المشاركون خلال الجلسات التحديات وفرص توثيق الأخوة الإنسانية بين شعوب العالم، والتحديات والفرص أمام نشر الأفكار المنفتحة ومواجهة الانعزال، بحضور ومشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم.
وتوجه بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، في كلمته الافتتاحية، بالشكر لقيادة الإمارات لاستضافتها هذا الحدث التاريخي الذي يجمع قادة الأديان في صعيد واحد، وكذلك تحديد مفهوم الأخوة المشتركة على أنها الرابط الحقيقي الذي يجمع الناس، كونهم أعضاء في العائلة البشرية الواحدة مهما كان اختلافهم الفكري والعقائدي والاجتماعي.
وأكد أن أهمية الأخوة تكمن في أن الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق كما حددها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فالأخوة هي النقيض الحقيقي للامساواة والسبيل المؤدي إلى السلام.
ولفت إلى أن «الأخوة الإنسانية تواجه العديد من التحديات، تتمثل في تحويل العقل إلى مادة صماء لا تتحرى الحق والحقيقة، وكذلك تغليب النزعة الفردية على حساب المصلحة العامة، لذلك من واجبنا كرجال دين أن نسهم في زرع حب الآخر في قلوب الناس». ونوّه بأن الاختلاف في الدين والثقافة والرأي لا يعني العداوة بل هو إضافة تساعد على تقييم الأمور على أساس حقيقي وصادق، أما التنوع فهو ضروري للتكامل بين البشر وركيزة أساسية للتطور والاستقرار.
وتوجه رئيس المجلس البطريركي للتواصل مع المسلمين في روسيا المطران هيرومونك جريجوري، برسالة يحملها من رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وبطريرك موسكو وعموم روسيا، البطريرك كيريل، بجزيل شكره لقيادة الإمارات والقائمين على المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية لاحتضانهم هذا اللقاء للتسامح الديني مع الأخوة من بقية الأديان.
ونبه إلى أن العالم يشهد بأن العديد من الأقليات العرقية تتعرض حالياً للإبادة ناهيك بهدم لدور العبادة، ويتوجب علينا كممثلين للأديان تقديم يد العون والمساعدة لمئات الآلاف من الذين يعانون الكوارث على هذه الأرض، تطبيقاً للتعاليم الدينية السمحة.
وأكد أن فكر النخب في كل من الديانتين الإسلامية والمسيحية، الديانتين الأكبر في العالم من حيث الأتباع، تطور بشكل إيجابي على نحو ملحوظ، نظراً للجهود التي بذلت في هذا الصدد، وهذه رسائل مهمة وملهمة للعالم أجمع.
وذكر أن روسيا الاتحادية لديها خبرة فريدة في تعميق التعاون بين المسلمين والمسيحيين من خلال تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية لمجلس متخصص بالتواصل مع المسلمين في روسيا الاتحادية.
وقالت الرئيس الفخري لمنظمة تحالف الأمل العالمي والمدير العام السابق لليونيسكو إيرينا بوكوفا، إن عقد هذا المؤتمر في الإمارات ليس بالصدفة بل لأن قادة وشعب هذا البلد أعطوا أمثلة ضخمة وكبيرة في فن التعامل والتواصل مع الآخرين على نحو إنساني.
وأضافت أن ما يجعل هذا المؤتمر تاريخي وملهم هو تنظيمه المثالي والمتقن بالتزامن مع زيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، منوهة بأن زيارتها إلى جامعة الأزهر كانت ملهمة جداً، كونها وجدت الحكمة وروح الوسطية عند القائمين عليها كونها السلاح الأهم لمجابهة تحديات العصر الحالي، على حسب قولها.
وناشدت الجميع وجوب مجابهة أي حركة تدعو إلى العزلة من خلال الاعتراف بالغير وخلق روابط أكثر متانة بين البشر لإثبات أن التنوع هو مصدر القوة لدى جميع الأديان. ودعت إلى حماية الأماكن المقدسة من قبل الأجيال المتعاقبة فليس من المعقول تدمير التراث باسم الدين.
نشر ثقافة الأخوة الإنسانية
قال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين الدكتور سلطان فيصل الرميثي: «استطعنا أن نركز في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر على محاور عدة تصب في مجملها في محاولة إيجاد الحلول للعديد من مجتمعات العالم التي تقع تحت وطأة الأفكار المنغلقة»، مضيفاً: «نأمل أن تخرج المؤسسات الفكرية والدينية بمبادرات من شأنها نشر ثقافة الأخوة الإنسانية والحوار بين الشعوب بهدف الحد من انتشار الأفكار الانعزالية والتعصب بكل أشكاله».
مشاريع فكرية
قال رئيس جمعية سانت إيجيديو الإيطالية الدكتور ماركو امبليتزو، إن الجمعية تشاركت مع مجلس حكماء المسلمين في إطلاق مشاريع فكرية هدفها جمع قارات العالم وتبادل الآراء لترسيخ مفهوم الاخوة عبر ربط الشرق بالغرب. وأشار إلى أن مسار الحوار بين الإسلام والمسيحية شهد تغيرات كبيرة جداً في آخر 60 عاماً، وهذا يضع على كاهلنا مسؤولية نبذ كل ما يدعو إلى الانعزال أو الاختلاف، وتبني الحوار من أجل العيش المشترك والابتعاد عن الكراهية. وأوضح أن مهمة الدين هي التعريف بالحب الذي ينير الحياة ويعزز أواصر الأخوة الإنسانية، كون السلام خياراً ملهماً وأزلياً، داعياً أيضاً إلى وحدة العائلة الإنسانية بعيداً عن عواطف الكره والتشاؤم كونها رديفة الموت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news