الإمارات تنعش «التسامح الديني» بدعم الوسطية والاعتدال
أفاد تقرير أصدرته دار زايد الثقافية الإسلامية، بعنوان «جوهر التسامح»، بأن الإمارات تلعب دوراً ملحوظاً في دعم «التسامح الديني» العالمي، عبر تشجيع وتحفيز المؤسسات التي تتسم بالوسطية والاعتدال، مع احتضان الفعاليات التي تكرّس هذا النوع من التسامح.
وجاء القانون الإماراتي الخاص بمكافحة التمييز والكراهية ليتصدى لأي انتهاك محتمل لمبدأ التسامح الديني في المجتمع، ما يعزز روح التعايش والتسامح بين أطياف المجتمع، حيث نص على تجريم كل ما من شأنه المساس أو الازدراء للأديان، سواء كان ذلك بالإساءة إلى الذات الإلهية، أو الأنبياء والرسل، أو الكتب السماوية أو دور العبادة، كما نص على تجريم كل عمل يكرس التمييز بين المجتمع على أساس الدين والعقيدة والمذهب والملة أو الطائفة أو العرق واللون، سواء كان ذلك عن طريق شبكة المعلومات، أو شبكة الاتصالات، أو وسائل تقنية المعلومات، أو أي وسيلة من الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية.
وتنطلق الإمارات من دعم «التسامح الديني» من رؤيتها باعتبارها دولة متحضرة، ووفق تقرير «زايد الثقافية»، فإن المجتمعات المتحضرة تتميز بجملة خصائص اجتماعية، أبرزها التسامح مع الآخر في الفكر والسلوك، مؤكدة أن التسامح بأبعاده الحضارية يضمن للمجتمع التقدم والنمو، ويجعل للتعددية نقطة قوية تثري التجربة الإنسانية، وتوسع من المدارك الفكرية والأدبية، وتحفظ من الاحتدام المتبادل.
وذكرت الدار أن معنى التسامح لغةً السهولة والسلاسة المتبادلة، وأصلها مشتق من كلمة «سمح»، التي تدل على التساهل وعدم الشدة والتضييق في التعامل، وقد ترمز إلى الجود والكرم المعنوي أو الحسي مع الآخرين، فيما التسامح اصطلاحاً يقصد به حسن التعامل مع الآخر، وإن كان مختلفاً معك في الفكر والانتماء والسلوك، وهو يستلزم المعاملة بالحكمة والمعروف، والاحترام المتبادل للآراء والممارسات، مهما تباينت مظاهر الاختلاف، وقيل إنه يعني ترك الناس ليعبروا عن آرائهم بحرية، وان كانت مضادة للسائد.
والتسامح الديني مصطلح حديث، يعني الاحترام المتبادل بين معتنقي الديانات المختلفة، وعدم تمكين الكراهية والعنف منهم، لاختلاف دياناتهم ومعتقداتهم، مع ضمان حرية التدين من غير ممارسة أي شكل من أشكال الضغط والاضطهاد على الآخرين بسبب هويتهم الدينية والمذهبية.
وراعت مواثيق الأمم المتحدة جميع أبعاد التسامح، وطورت كثيراً من المفاهيم المرتبطة به، فأعطته مفهوماً شمولياً، يشتمل على قيم التقبل والاعتراف والتواصل الدائم مع الآخر، والانفتاح عليه، من غير تقليل أو ازدراء مباشر أو غير مباشر لثقافته ومعتقداته وممارساته المنبثقة من عقائده.
ويشكل التسامح جوهراً حضارياً وسلوكاً إنسانياً يضمن سلامة المجتمع ووحدة مكوناته، في ظل التنوع والتعددية الثقافية، مؤكدة أن مفهوم التسامح الديني ظل متأصلاً في المجتمع الإماراتي في كل العصور، خصوصاً في عصر النهضة والعمران، حيث توافدت على الدولة جنسيات متعددة الديانات والثقافات، يعيشون في وئام تام، وتؤكد التقارير الدولية أن الإمارات أصبحت الوجهة المفضلة بين دول المنطقة للهجرة، سواء للعيش أو العمل أو السياحة.
ومع ما تمثله التعددية الثقافية والدينية من تحد لقيم المجتمع وأمنه العام، إلا أن التقارير والدراسات تثبت رسوخ مفهوم التقبل المتبادل والتعايش المشترك في المجتمع المحلي، فقد ورد في تقرير مؤشر السلام العالمي أن المجتمع المحلي لدولة الإمارات معدود ضمن البلدان الأكثر أمناً في المنطقة.
وتلعب قيادة الدولة دوراً مهماً في ترسيخ قيم التسامح الديني وقيمه، بتوظيف الدولة وسائل عدة لتعزيز مفهوم التسامح الديني في المجتمع، ومن ذلك الاعتدال في الخطاب الديني الرسمي، المقدم عبر الإعلام والمؤسسات المعنية بالشأن الديني، والاعتماد على الوسطية في المناهج الدراسية بالمؤسسات التعليمية، إضافة إلى الدعوة إلى التسامح وتقارب الأمم والشعوب والأديان في المؤتمرات والمحافل المحلية والدولية.
وتحرص دولة الإمارات على دعم المؤسسات المعروفة بالاعتدال والوسطية في العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها الأزهر، كما ترعى برامج تدريب الأئمة والخطباء والمفتين.
التواصل والانفتاح
أكد ميثاق الأمم المتحدة للتسامح بين الشعوب على مبدأ التعارف والتواصل والانفتاح المتبادل، ضماناً للأمن العام، ودعماً للتعايش والاحترام المتبادل، فيما قد يأبى البعض الانفتاح على الآخر، لعدم تمييزه بين ما هو ثابت في ثقافته وما هو متغير، رغم أن الغالب في الطبائع والسمات الثقافية هو العنصر المتغير، إذ إن الثقافة كالكائن الحي تتغير مع مرور الوقت، وتتأثر بكل ما حولها.