عائشة سالم بن سمنوه: «كنا حين نعود من صلاة التراويح نجد والدتنا أعدت طبقاً واحداً بمكونات خفيفة».

«الغبقة».. تنافس بين الأسر على الإسراف في رمضان

ظهرت بين الأسر الإماراتية، خلال الأعوام القليلة الماضية، لاسيما خلال شهر رمضان المبارك، ما يعرف بـ«الغبقة» أو «الفالة»، حيث تجتمع بعض العائلات والأصدقاء والمعارف على مائدة واحدة بعد صلاة التراويح، تصل كلفتها إلى 20 ألف درهم على الرغم من أن عدد المدعوين لا يتعدى 10 أشخاص، أو أكثر بقليل.

وفيما يؤكد مواطنون أنها نوع من المظاهر التي لا تحمل مضمونا اجتماعيا حقيقيا، يرى أزواج أنها نتيجة لـ «غيرة النساء» من بعضهن البعض.

ويعود المدعوون من «الغبقة» إلى منازلهم محملين بالهدايا القيمة، إضافة إلى تخصيص «فلاتر سناب شات»، خصوصاً في المناسبة التي تظهر فيه أسماء العوائل، لينقلب مفهوم الولائم من تعميق العلاقات وصلة الرحم إلى هاجس وعبء، بسبب ما يترتب عليها من تكاليف مالية باهظة، تغطي على القيمة المعنوية المرجوة منها، خصوصاً لهذا الشهر الكريم.

وقالت المواطنة رنيم البلوشي: «كنا نعرف سابقاً الغبقة أو الفالة بأنها وجبة نتناولها بعد صلاة التراويح، أما حاليا فقد اختلف الوضع، إذ أصبحت أرى في وسائل التواصل الاجتماعي العجب من مظاهر التباهي والتبذير، بعدما أصبحت الملعقة التي يؤكل بها مزينة برموز رمضانية، ناهيك عن الإسراف في كمية الطعام، وتخصيص محال خاصة بالتزيين كان يستعان بها فقط في الأعراس والمناسبات، حتى أصبحت بعض العوائل اليوم تتعامل معها في الشهر الكريم من أجل المباهاة أمام العوائل الأخرى التي تنافسها في هذا الإسراف».

وطالبت البلوشي بتوعية المجتمع ودعوة أفراده للبعد عن هذه المظاهر، التي لا هدف من ورائها سوى التفاخر.

وأيدتها في الرأي المواطنة شيماء عبدالله الحمادي، قائلة: «إن الولائم في رمضان خصصت من أجل صلة رحم، لتقوية العلاقات الاجتماعية وكسب الأجر، ويجب أن تقتصر في رمضان على صلة الأرحام وتعزيز العلاقات الاجتماعية، على أن تكون كلفتها ضمن الإمكانات الموجودة»، منوهة بأن «التوسع في الولائم يحمّل العوائل فوق طاقتها من الإنفاق المالي، خصوصاً في ظل التزيين المبالَغ فيه.. الذي أصبح الجميع يحرص عليه، محاولا أن يتفوق على الآخرين»، لافتة إلى أن «سلبية هذا السلوك تتمثل في الإسراف».

وأعربت الحمادي عن استغرابها، لأن الدعوة إلى العزائم أصبحت من خلال توزيع دعوات، ولا تقتصر الوجبات المقدمة فيها على أنواع خفيفة أو وجبة واحدة، بل تشمل قائمة لا تقل في تنوعها عن قوائم حفلات الزفاف».

وأضافت: «أرى بعض النساء يتنافسن في تزيين الطاولات والطعام، والزينة الخاصة برمضان، إضافة إلى إعداد فلتر خاص باسم العائلة، يكلف 300 درهم، وعلى حسب مدة بقائه خلال الشهر.

وقال المواطن محمد راشد علي: «أتمنى أن تؤجل الولائم إلى ما بعد رمضان، وأن يركز المسلمون خلال الشهر الكريم على عبادتهم، فالأصل في هذه المناسبة هو الأطعمة الخفيفة، وقد تكون ما زاد من وجبة الإفطار، لكن المشكلة هي غيرة النساء من بعضهن البعض، فحين تجد المرأة صديقتها صورت زينة منزلها تعمل على تقديم أفضل منها عبر محال تنظيم الحفلات، من أجل تزيين مائدتها لالتقاط بعض الصور وإرسالها عبر برامج التواصل الاجتماعي من أجل المباهاة»، مشيراً إلى أنه فوجئ بأن زوجته ارتدت أفضل ما عندها، واستعدت وكأنها ستذهب إلى حفل زواج، إلا أنها أخبرته بأنها على موعد مع صديقاتها بمنزل إحداهن، ويجب أن تماشيهن، منوهاً بأنها عادت بهدية تصل قيمتها إلى 1000 درهم، مشدداً على أن هذه الأموال الطائلة لو أنفقت في الصدقة وعلى الأسر المتعففة، لكان أفضل من هذا التبذير.

من جانبها، أكدت صاحبة متجر خاص بتزيين الزهور وبيع الشوكولاتة في إمارة الفجيرة، نوف محمد، أنها بدأت تتلقى طلبات من بعض الزبونات، تتضمن تزيين صالات في منازلهن لإقامة الولائم، مشيرة إلى أن الطلبات تتضمن إعداد تصميم موحد باسم العائلة، يتم وضعة على الكعك والصحون وعلب الماء، إضافة إلى تصميم فلتر خاص ببرنامج «سناب شات» يتماشى مع هذا التصميم، وتزيين المائدة بالورود.

وأشارت إلى أن كلفة التجهيزات تعتمد على ميزانية الفرد، فقد تبدأ بـ5000 درهم، وتصل إلى ما يزيد على 20 ألفاً، وتشمل الاستعانة بمحال متخصصة لتزيين القاعة والمفارش بالورود وتوزيع الهدايا على المدعوين، وتجهيز كؤوس للمشروبات وأطباق للمأكولات تحمل تصميماً خاصاً بالعائلة، إضافة إلى طلب عاملات بزي موحد ومناسب لهذا الشهر، لتوزيع الحلويات والمشروبات على الزائرات.

بن سمنوه: مجالس الرجال تشكو البذخ والإسراف

قالت رئيسة لجنة الشؤون الإسلامية والأوقاف والمرافق العامة في المجلس الوطني الاتحادي، عائشة سالم بن سمنوه: «هذه الولائم لا تقتصر على النساء فقط، إنما مجالس الرجال أصبحت أيضاً تشكو البذخ والإسراف، والتجهيزات التي لم نكن نراها سابقاً، حيث أصبح من المعيب أن تزور قريباً أو صديقاً دون استئذانه قبل يومين، ليتمكن من إعداد وليمة تناسبه وترضيه، ليتم تصويرها عبر برامج التواصل الاجتماعي ويراها الآخرون».

وأضافت: «كنا حين نعود من صلاة التراويح نجد والدتنا أعدت طبقاً واحداً بمكونات خفيفة، كالبلاليط أو اللقيمات، إلا أن ما نراه الآن من إسراف يجعلنا نقف مصدومين».

- كلفة تجهيزات مائدة «الغبقة» تبدأ بـ5000 درهم.. وترتفع لتصل إلى ما يزيد على 20 ألفاً

- نساء يتنافسن في تزيين الطاولات والحرص على إعداد فلتر باسم عائلة المدعو

الأكثر مشاركة