محمد القدسي: التسامح نهج زايد في تسوية الخلافات داخلياً وخارجياً
ذكر المستشار الإعلامي والمحاضر الدكتور محمد القدسي، أنه من خلال معايشته القريبة جداً على مدى 34 عاماً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجد أن فكره الإنساني في التسامح لا ينفصل عن البعد الوطني في الأمور والأزمات كافة سواء الداخلية أو العربية أو الدولية.
واستعرض القدسي في محاضرة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بعنوان «الشيخ زايد والبعد السياسي في التسامح»، أول من أمس، بحضور مدير المركز الدكتور جمال سند السويدي، ونخبة من المفكرين ومجموعة من الصحافيين والكتاب، وعدد كبير من المهتمين بقضايا دولة الإمارات العربية المتحدة، ملامح البعد السياسي في تسامح الشيخ زايد على الصعيد المحلي.
وأضاف أن المغفور له كان يترجم نهج التسامح في فكره بعبارة «إصلاح ذات البين»، حيث تمكن خلال فترة حكمه منذ أن كان حاكماً للعين وممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية، ثم حاكماً لإمارة أبوظبي ورئيساً لدولة الإمارات، أن يواصل بكل إيمان وجهد وفكر نهجه في التسامح، سواء كان بين الأفراد من أبناء الإمارات أو بين الدول العربية والصديقة في خلافاتها، بل ونزاعاتها أحياناً.
وأشار إلى العديد من المواقف التي تجلى فيها هذا البعد، حيث كان المغفور له الشيخ زايد، يسعى إلى فض الخلافات حول الحدود بين إمارات الدولة أو الخلافات التجارية أو حتى العائلية من خلال التسامح.
وتحدث المحاضر في هذا الشأن عن بعض المواقف، مشيراً إلى اتفاق الشيخ زايد في 18 فبراير عام 1968 مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، على إنهاء الخلاف على الحيد البحري، الذي كان قائماً بين إمارتي أبوظبي ودبي، حيث أصبح الحيد بالكامل ملكاً لإمارة دبي.
وذكر المحاضر ما سمعه شخصياً من الشيخ زايد حين سأله الشيخ راشد عن سبب إعطائه الحيد البحري، حيث قال يرحمه الله: «لقد أصبحنا جسداً واحداً.. ولما اليد اليمنى تعطي اليسرى.. ما ضاع شيء».
وأوضح القدسي أن الشيخ زايد كان يتسامح في مثل هذه الخلافات من أجل الحفاظ على العلاقات مع الأشقاء في أمتن صورة لها.
كما استعرض القدسي ملامح البعد السياسي في تسامح الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على المستويين العربي والدولي، مضيفاً أنه بالفكر التسامحي ذاته الذي كان يتعامل به الشيخ زايد على المستوى الداخلي، فإنه تعامل مع الأشقاء في الدول العربية خلال مسيرته الحافلة التي أكدت مكانته كرجل دولة موضع ثقة الجميع.
وأشار المحاضر في هذا الصدد إلى العديد من الأمثلة التي نجح خلالها الشيخ زايد في التوسط لتسوية الخلافات بين الدول العربية، من منطلق «إصلاح ذات البين»، مثل الخلاف الذي نشب بين مصر وليبيا عام 1974 وعام 1977. والخلاف بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية، والخلاف بين الصومال وإثيوبيا عام 1977. والخلاف بين اليمن الشمالي والجنوبي، الذي انتهى إلى إعلان الوحدة اليمنية عام 1990 نتيجة الجهود التي بذلها، رحمه الله، لتسوية هذا الخلاف. إضافة إلى دوره في دعم لبنان لمواجهة ما تعرض له من دمار نتيجة الحرب الطائفية التي اندلعت عام 1975.
الشيخ زايد كان يتسامح من أجل الحفاظ على العلاقات مع الأشقاء في أمتن صورة لها.