كيف تتصرف إذا اكتشفت أن ابنك المراهق يدخن؟
يبدأ كثير من الأبناء في سن المراهقة عادة التدخين، لأسباب عدة قد تتعلق بأصدقاء السوء أو غياب الرقابة الأسرية أو من باب التقليد، ولا تستطيع بعض الأسر حماية أبنائها من هذا الخطر ولا تعرف طريقة إقناعهم بالإقلاع عن هذه العادة السيئة .
وفي هذا السياق شكت قارئة من أن زوجها يدخن بشراهة، وتخشى على أولادها من اكتساب هذه العادة السيئة من والدهم بالتقليد أو الاقتداء، فماذا تفعل؟
يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري، بالقول : إن الطفل في مراحله المبكرة يتقمص شخصية أقرب الناس إليه بوجه الخصوص، ويقلد كل ما يشاهده على وجه العموم، أو يسمعه بأذنه، أو يدركه بعقله، أو يلاحظه بعينه، وكلما كانت علاقة الابن بشخص ما قوية كان تقمص شخصيته أسرع، وتقليد ما يقوم به أشد، فالمسألة متعلقة بسرعة اكتساب الابن العادات والمعتقدات والقيم، فقد يكتسب في اليوم الواحد كَمّاً هائلاً من المعلومات المرئية والمنطوقة، ويتدرب على عدد كبير من المهارات السلوكية والأخلاقية.
فذاكرة الطفل نقية خالية، تلتقط المعلومات بسرعة كما يلتقط جهاز التصوير دقة المشهد بوضوح الشكل واللون والصورة، يرصد بقدرة عجيبة كل ما يدور حوله أو ما يحدث أمامه أو ما يدبر خلف، فمن خلال المشاهدة يحاول أن يُجرّب، ومن خلال تكرار الحدث يحاول أن يُقلد، ومن خلال احتكاكه بشخص يحبه يحاول أن يتخذه قدوة في حياته، فيجب أن ندرك المخاطر والتهديدات التي تواجه حياة الأبناء، فقد تكون ناتجة من أخطاء الآباء الساهية وسلبيات الأمهات العفوية.
وعادة التدخين من أخطر العادات السيئة السريعة في التأثير، وتأتي على مراحل وخطوات تدريجية قد يصعب علاجها نظرا لاحتكاك مادة الإدمان بالدم، فتتمركز حول مناطق الإدراك والوعي والتحكم، والأم في هذه الحالة يقع على عاتقها العبء الأكبر في التربية، لتضع أولا الضوابط والقوانين حتى تحد ابنها من اكتساب هذه العادة السيئة، وتقوم بالتصدي لها بالوقاية السلوكية والمعرفية، فتبعده عن الاحتكاك السلبي، وتسمو واعية بكل ما يحدث من تطورات طارئة أو مفاجئة، لتوضح له خطورة هذه الممارسات الخاطئة وإن بدرت من أقرب الناس إليه، حتى تبين له الفرق بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي.
ولا تغفل عن مراقبة الابن، وتوجيهه بأن التقليد لا يكون إلا في الخير، فلا يقلد أي سلوك سلبي حتى لو نتج من الوالدين، بل تعلمه الصواب ترغيباً في الخير وترهيباً في الشر، فقد يلجأ الابن إلى التدخين كسلوك سلبي بمقصد إيجابي، وهو البحث عن القوة والرجولة، فمن أراد علاج هذه المشكلة عليه أن يحتفظ بالمقصد الإيجابي، وهو البحث عن القوة والرجولة بسلوك آخر غير التدخين يجد منه المقصد نفسه، كبعض الألعاب القتالية مثلاً أو التدريبات الرياضية تغذي في نفسه هذا الشعور، وهو المقصد الذي كان يبحث عنه من خلال تقليد غيره على التدخين.
وغالبا ما يأتي العلاج من خلال خطوات مدروسة، بقوة الإصرار من قبل الأهل، وإرادة النفس من قبل الأبناء تربية بالترهيب والتضييق والاقناع، ومن أهم الخطوات العلاجية هو أن يكف الآباء أولا عن التدخين، فتحاول الزوجة بأسلوب ذكي توضيح الحكم الشرعي أمام زوجها أولا وتعليم أبناء ثانيا، وعلى الزوج أن يفكر في صحته وصحة أسرته، فلا يدخن أمام أبنائه أو داخل المنزل أو في السيارة، حتى تبقى الأسرة روضة تربوية وبيئة طاهرة من أي عادة سيئة مكتسبة، حرصا على الخير، وتعاونا على البر، وتضرعا بالدعاء.
وأخيراً، يبقى تعويد الأبناء على الصلاة وتنمية الوازع الديني، هما الدرعان الواقيان من كل عادة سيئة أو سلوك سلبي، فكم وجدنا من أطفال صغار كانوا سببا لتوجيه آبائهم، وهدايتهم نحو الخير، وإرشادهم نحو القيم السامية والأخلاق الحميدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news