مفارقات طريفة وتحديات واجهت أول فريق نسائي لقيادة الزوارق
نساء شرطة دبي ينافسن الرجال في البحر
اتخذت شرطة دبي تجربة رائدة بتشكيل أول فريق نسائي لقيادة الزوارق البحرية في الشرق الأوسط، بهدف تمكين وبناء قدرات العنصر النسائي في مجال تحقيق الأمن والسلامة البحرية، من خلال تأهيلهن على قيادة الزوارق البحرية، بعد إخضاعهن لبرنامج تدريبي متقدم وفق الإمكانات المتوافرة لمركز شرطة الموانئ.
وكشفت أعضاء الفريق، في حوار لـ«الإمارات اليوم»، عن مفارقات طريفة وتحديات صعبة واجهت إطلاق الفريق الأول من نوعه، أبرزها أن أعضاء في الفريق، الذي يضم 11 شرطية مدنية وعسكرية، كن يجهلن السباحة من الأساس، لدرجة إطلاق مسمى «يوم الغرق العالمي» على أول تجربة لهن في البحر ضمن البرنامج التدريبي، فضلاً عن عدم اعتيادهن على التمارين والاختبارات الصعبة المرتبطة بطبيعة العمل، لكنهن أثبتن في النهاية كفاءة كبيرة واجتزن كل التحديات، ليشكلن فريقاً له دور أساسي في أداء مهام نوعية لا يمكن أن يقوم بها سوى نساء فقط.
وقال مدير مركز شرطة الموانئ، العقيد سعيد المدحاني، إن الدافع وراء هذه المبادرة تلبية احتياجات المجتمع في بعض الفعاليات النسائية البحرية، مثل تأمين شواطئ الممزر في الأيام المخصصة للنساء، وغيرها من الفعاليات، لافتاً إلى أنه بمجرد الإعلان عن المبادرة وجد المركز تجاوباً كبيراً من مختلف العناصر النسائية في شرطة دبي، وهو ما شجعنا على تطوير البرنامج.
وأضاف أن البداية كانت بمقابلات مع العناصر المتقدمة، واختيار اللاتي يتمتعن بإمكانات مناسبة نفسياً وبدنياً، ويملكن الرغبة الكاملة في خوض هذا التحدي، ثم تم إجراء فحص طبي لاختبار لياقتهن الصحية، وبعد اختيار المجموعة التي شكلت نواة أول فريق من نوعه، بدأت الدورات التدريبية على أيدي مدربين محترفين لديهم خبرة طويلة في مجال الأمن والإنقاذ البحري.
من جهتها، قالت عضو مجلس الشرطة النسائي، المشرفة على تأهيل الفريق النسائي، النقيب عتيقة الظاهري، إنه تم ترشيح 30 فتاة للبرامج، وتأهيل وتدريب 11 منهن، ضمن برنامج تدريبي استمر لقرابة ثلاثة أشهر، مضيفة أن الدورة التأهيلية شملت الجانبين النظري والعملي، وتضمنت برامج عدة، منها: دورة السباحة، السلامة البحرية، الإسعافات الأولية، قيادة الزوارق البحرية، إجراءات طاقم الدوريات البحرية، استخدام «أجهزة تترا»، فضلاً عن دورة قيادة الدراجات المائية.
إلى ذلك، قالت عضو الفريق، عريف العنود حسين صالح، وهي زوجة وأمّ، إنها بكل بساطة لم تكن تستطيع السباحة، وكانت تشعر بخوف شديد من الفكرة، فالانضمام إلى الفريق يعني وجودها في البحر باستمرار، بل ومشاركتها في عمليات الإنقاذ، وترددت فترة قبل أن تحسم أمرها بتشجيع من أسرتها وأطفالها.
وأضافت العنود: «لا أملك رخصة قيادة سيارة، لكن لدي الآن رخصة قيادة زورق بحري»، الأمر الذي اعتبرته ذات يوم ضرباً من الخيال، لافتة إلى أن أصعب موقف واجهته حين طلب منها القفز في البحر، بعد أن تلقت تعليمات المدرب وخضعت لبعض التدريبات على السباحة.
وتابعت: «خفت من الغرق والموت، لكن بكل أمانة وجدت كل الدعم من زميلاتي اللاتي قمن بتشجيعي حتى صرت أسبح بمهارة الآن، وأستمتع بالوقت الذي أقضيه في البحر أثناء أداء مهامنا مع الفريق».
أما المدنية الوحيدة في الفريق، عائشة العبيدلي، وتعمل بالإدارة العامة للتميز والريادة في شرطة دبي، فقالت إنها تجربة مختلفة تماماً بالنسبة إليها باعتبارها مدنية، على عكس زميلاتها في الفريق، مؤكدة أنها كانت تحدياً كبيراً، لكنها تخطت كل الصعاب بفضل دعم مركز شرطة الموانئ، والروح الجميلة التي سادت أجواء التدريب مع زميلاتها على فنون السباحة والغوص والإنقاذ والإسعافات الأولية.
وتعبر العبيدلي عن اعتزازها بأن تكون ضمن أول فريق لقيادة الزوارق البحرية، لافتة إلى أن إنقاذ حياة شخص يمثل قيمة إنسانية كبيرة، لافتة إلى أنها صارت ملمة بالإجراءات اللازمة بداية من تلقي البلاغ، ثم قياس حسابات الجو، مشيرة إلى أنها وزميلاتها خضن تجربة حية بإلقاء إحداهن في البحر وعمل الباقيات على إنقاذها.
وتقول إن التجربة حملت كثيراً من المواقف الطريفة بقدر ما تضمنت من تحديات، فاليوم الأول لنزولهن البحر سماه المدربون «يوم الغرق العالمي» من باب التندر على عدم إلمام بعضهن بالسباحة، لكنه مرّ بشكل لطيف وانتهت التجربة بتجاوز عقبة السباحة.
فيما تقول عريف خولة درويش العامري إنها تعمل بقطاع خدمة العملاء في مركز شرطة الموانئ، وكانت تجهل السباحة كلياً قبل التحاقها بالبرنامج، لكنها الآن صارت ملمة بها، بل تملك رخصة قيادة طراد أو زورق بحري، فيما لا تملك رخصة قيادة سيارة.
وتضيف العامري: «هذا التحدي خلق لدي إحساساً مضاعفاً بالمسؤولية، وقدرة على تحمل الصعاب، وكان له تأثير بالغ في شخصيتي وتعاملي مع الأمور، فالبحر يعلّم الكثير، فضلاً عن أن تأمين أرواح الناس وإنقاذهم يعززان شعوري بالثقة في الذات ومراعاة لآخرين»، مشيرة إلى أنها صارت تخوض مهام خاصة، ولديها إلمام بكيفية تحرير المخالفات البحرية ورصد التجاوزات.
في الإطار ذاته، تقول الرقيب شمسة مصبح مطر الظاهري إنها كانت تعمل في وظيفة إدارية، منذ التحاقها بشرطة دبي، والآن أصبحت رسمياً تحوز إدارياً مسمى قائد زورق، وهي أول شرطية في قسم الأمن البحري، وبمثابة العمود الفقري للفريق، لأنها الوحيدة في الفريق التي تغيرت وظيفتها بعد خضوعها للبرنامج، وهو الأمر الذي يعد بمثابة تحول جوهري في حياتها، فبعد سنوات من العمل المكتبي، أصبحت محترفة في عمل ميداني صعب يتضمن كثيراً من التحديات.
وتضيف أن النساء عادة لهن اهتمامات خاصة، ويحرصن على أمور أنثوية، مثل لون البشرة وغيره، لكنها لم تعد تهتم كثيراً بذلك، بعد أن جربت حياة مختلفة تتضمن كثيراً من التحديات والإثارة، لافتة إلى أن أمها كانت ترفض في البداية لأنها تخاف عليها، ودأبت على منعها من السباحة في البحر والاكتفاء بالسباحة في الأحواض فقط، لكنها أقنعتها بذلك والآن لا تتخيل حياتها من دون ذلك، مشيرة إلى أنها تتمتع بالقدرة على تشغيل الطائرات من دون طيار، وحصلت على ترخيص بذلك، حتى يمكن استخدامها في حالة عدم قدرة الوصول بالزورق إلى مكان ما، فيستخدمن الطائرة من دون طيار، وشاركت مع زميلاتها في تغطية عدد من الفعاليات، بعضها في نادي السيدات البحري.
أما العريف طيبة عباس محمد فتمثل نموذجاً مختلفاً عن سابقاتها، فجداها لأبويها عملا بمهنة النوخذة، لذا عاشت تجربة البحر مبكراً وتعلمت السباحة، ثم التحقت بشرطة دبي في الإدارة العامة للخدمات والتجهيزات، وبمجرد فتح باب التقدم للانضمام إلى أول فريق نسائي لقيادة الزوارق، تحمست للفكرة وتقدمت وقبلت لتكون ضمن هذا الفريق الرائع، مؤكدة أنه سيكون نواة لمشروع مهم في هذا المجال.
وتقول طيبة عباس محمد إن خروجها في مهام مع الفريق لا يتعارض مع عملها الرئيس، لافتة إلى مشاركتها في مهام عملية من دون أن تترك وظيفتها الأساسية، وتستطيع الجمع بينهما بكل مرونة لشغفها بممارسة الوظيفتين المختلفتين.
وتشير إلى أن أعضاء الفريق حصلن على ست شهادات مختلفة بعد تجاوز الدورات، ومررن بتجارب صعبة، منها قيادة الطراد البحري في الظلام، وزودنه بالوقود، واستخدمن الرادار، مؤكدة أنهن إجمالاً يملكن خبرات ودراية بقيادة الزوارق والأمن والسلامة البحرية، واستخدام المعدات المختلفة مثل جهاز الإرسال والاستقبال «جهاز تترا».
وتؤكد أن لديها رغبة وشغف كبيرين في المشاركة في سباقات الزوارق ضمن فريق الشرطة، لافتة إلى أنها سقطت من فوق دراجة بحرية خلال عملها مع الفريق ولديها حب كبير للمغامرة.
دورات في السباحة والإسعافات وقيادة الزوارق
أوضح مدير مركز شرطة الموانئ، العقيد سعيد المدحاني، أن البرنامج يتضمن دورات أساسية في السباحة، ثم دورة السلامة البحرية والملاحة، والإسعافات الأولية، وقيادة الزوارق، مؤكداً أن هذه المهارات ليست سهلة على الإطلاق، ولكن أعضاء الفريق أظهرن التزاماً وكفاءة كبيرة في تلقي المعلومات، وخضن تجارب رائعة، مشيراً إلى أن الفريق يضم 11 من كوادر شرطة دبي النسائية، ويشمل عسكريات ومدنيات على السواء.
وأكد أن من الرائع أن هذه الكوادر صارت تملك الخبرات في التحقيق بالحوادث البحرية والإلمام بمناطق الاختصاص، وقراءة الإحداثيات البحرية، لافتاً إلى أن هناك خطة لصقل مهاراتهن بانتظام، وضم أعضاء جديدات لديهن القدرة والرغبة في خوض هذا الغمار الصعب.
- أعضاء بالفريق.. من عدم إجادة السباحة إلى محترفات في الإنقاذ.
- إطلاق اسم «يوم الغرق العالمي» على أول تجربة للفريق في البحر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news