علي جمعة: الإمارات موطن التسامح والتعايش
أكد عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية، فضيلة الدكتور علي جمعة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد موطناً أصيلاً للتسامح والتعايش، ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بجعْل 2019 "عاماً للتسامح"، وهو ما يعكس الأولوية المركزية لقيمة التسامح لدى القيادة الرشيدة للدولة، التي جعلت من التسامح واقعاً معيشاً في مجتمع الإمارات الذي يعيش فيه خليط متنوع من الأعراق والديانات في تناغم تام.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها الاثنين الماضي بعنوان "التسامح في الفكر الإسلامي ودوره في خدمة الإنسانية"، في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بحضور مدير عام المركز الدكتور جمال سند السويدي، ولفيف من المختصين والمفكرين والإعلاميين والمثقفين.
ونوه فضيلة الدكتور علي جمعة بالدور الحيوي الذي يقوم به المركز في مختلف المجالات التي يعمل بها، وقال إن ما أنجزه المركز عبْر ربع قرن منذ تأسيسه، جعل منه أحد الصروح الفكرية التي نفتخر بها في العالم العربي.
وسلط الضوء في محاضرته على التسامح، بوصفه أحد أهم الثوابت التي تشترك فيها الديانات السماوية؛ متطرقاً إلى بُعد مهم وبارز لمعنى التسامح في الدين الإسلامي، ألا وهو تحريم الإكراه في الدين، إضافة إلى مبادئ الإسلام السمحة في ضرورة حماية أماكن العبادات الخاصة بأهل الأديان السماوية الأخرى؛ مثل الكنائس ومعابد الديانات الإلهية، والدفاع عنها مثلها مثل الدفاع عن مساجد المسلمين.
وأكد الدكتور علي جمعة أن التسامح تحقق في الإسلام بصورة واضحة، فقد تعايش في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلم واليهودي والمسيحي مع غيرهم، واستقبل الرسول الوفود العربية من عابدي الأوثان، وتمتع الجميع بالاحترام والمواطنة وحرية ممارسة شعائر دينهم، ولم نجد أثراً لعصبية أو اضطهاد أو تمييز، وأضاف المحاضر أن تكريس التسامح في مجتمعٍ ما يحتاج إلى برنامج خاص لتربية الأفراد وتعليمهم، وتكريس قيم الانفتاح والتعايش وقبول الآخر في قلوبهم وعقولهم.
وقال إن الديانات السماوية تستقي من مَعينٍ واحد، وإن الأنبياء إخوة، لا تفاضل بينهم من حيث أصل الرسالة، مؤكداً أن التسامح يشمل التسامح مع النفس والتسامح مع الآخر، مشيراً إلى أن العقيدة لا تصح ولا تُقبل إلا بالاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي؛ لذا حرم الإسلام الإكراه في الدين. وشدد المحاضر على ضرورة احترام العُبّاد ورجال الدين وأماكن العبادة على اختلافها، مؤكداً فضيلته أن القرآن الكريم أمر بمجادلة المخالفين بالحسنى والعقل؛ وهو ما يترتب عليه وجوب احترام الآخر وتقدير إنسانيته، ومناقشة فكره وفهمه وعقيدته على أساس من التسامح والرحمة والرِفق.
وأنهى فضيلة الدكتور علي جمعة محاضرته بالتأكيد على أن التسامح يعد ركيزة أساسية لتأسيس مجتمعات عصرية يعيش فيها الفرد آمناً مطمئناً على حياته وماله وعرضه، وشدد على أن الأخلاق الحميدة تعد بمنزلة المدخل الرئيس لتحقيق قيمة التسامح، وجعلها المبدأ الحاكم للتعامل بين الناس.