مراهق يلجأ إلى الشرطة لاستعادة ثقة والديه
استعان مراهق عربي ( 16 عاماً) بمركز حماية الدولي في شرطة دبي، لاستعادة ثقة والديه اللذين تعاملا معه بحدة وتطرف بالغين، إثر اعترافه لهما بتدخين السجائر، فحرماه من حريته ومصروفه وهاتفه ونبذاه، بحسب مدير المركز، العقيد عبدالله الخياط، الذي أكد أن الاحتواء هو الحل الأمثل، لتفادي تفاقم أي مشكلة تتعلق بجنوح الأبناء.
وقال الخياط، لـ«الإمارات اليوم»، إن المراهق لجأ إلى والديه، حينما تعرض صديقه في المدرسة لأزمة صحية بسبب التدخين، ما ضاعف شعوره بالخوف والقلق، ودفعه إلى مصارحة أبويه بتدخين السجائر ليساعداه في الإقلاع عنها، لكنه فوجئ برد فعل عنيف، تمثل في مصادرة هاتفه، وإغلاق حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحرمانه من المصروف، ووضعه تحت الرقابة المشددة، واختراق خصوصيته في المنزل، إضافة إلى نبذه وتجاهله أمام أشقائه في المنزل، وتعنيفه نفسياً بعبارات مهينة وقاسية.
وأضاف أن اعتراف الابن لوالديه بالتدخين شكل نقطة تحول سلبية في حياته، لأنهما بالغا في عقابه، وتصرف الأب بعنف، فيما كانت أمه ترفض الاستماع إليه لأنه خيب أملها، ونتيجة لذلك حُرم على مدار عام كامل من مصروفه وحريته وأصبح مراقباً على مدار الساعة، كما تمت مصادرة هاتفه وتدنى مستوى احترامه بين أشقائه إلى أدنى المستويات، ولم يُسمح له بالخروج من المنزل مع أصدقائه وفُرضت عليه عزلة منزلية.
وأشار إلى أنه عرف مشكلة المراهق مصادفة، حينما كان مع أعضاء فريق حماية موجودين بمدرسة لعقد دورات توعية، واقترب منه أحد الطلبة، وطلب نصيحته في مواجهة مشكلة أسرية دون إخبار والديه، منعاً لتفاقمها.
وتابع الخياط: «وعدت الطالب بمساعدته في سرية تامة، وبعد عرض معاناته، لمست لديه تردداً كبيراً، وشعرت بأنه نادم على مصارحة والديه، ووصل الأمر إلى حد شعوره بالكبت والرغبة في التمرد والثأر لكرامته، وفي المقابل شعرت بأن هناك إمكانية لتعزيز المشاعر الإيجابية لديه، وتشجيعه على استعادة ثقة والديه، فحرصت شخصياً على زيارته في مدرسته، كونها وسيلة التواصل الوحيدة بيننا، وزرعت في نفسه الأمل، وقدمت له الدعم النفسي والمعنوي، وطلبت منه أن يكون أكثر صبراً وتحملاً، وأن يسعى جاهداً لكسب حب واحترام عائلته من جديد، وأن يبتعد عن أصدقاء السوء».
وبمرور الوقت آتت هذه الجهود ثمارها، وحدث تطور إيجابي في علاقة المراهق بوالديه، إذ أظهرت والدته شيئاً من اللين، وتدخلت لإقناع والده بتجديد الثقة فيه، ومنحه فرصة أخرى.
وأكد الخياط ضرورة عدم المبالغة في عقاب الأبناء، ومحاولة استيعابهم واحتوائهم بشكل إيجابي، بدلاً من التعنيف الذي لا يولد سوى الكراهية والنفور والتمرد، وسهولة الانجراف نحو الإدمان وأصدقاء السوء.
وقال: «يجب أن نساعد أبناءنا على العودة مرة أخرى إلى طريق الصواب، وأن نوجههم ونرشدهم إلى ما فيه صلاحهم وسلامتهم، وأن نكون عوناً لهم على تجاوز أي مشكلات أو تحديات قد تواجههم في المدرسة أو الجامعة أو الأماكن العامة»، مؤكداً أن القسوة لا تجدي نفعاً، والصراخ والضرب يجردان الأبناء من كرامتهم، ويضاعفان الرغبة لديهم بالانتقام من خلال العناد والإصرار على الخطأ، وربما الهروب من المنزل، وارتكاب الجرائم.
وأضاف أنه بالنظر إلى أهمية دور الأسرة في مواجهة الإدمان والجريمة عموماً، تم تخصيص أحد محاور جائزة «حماية كليب»، لتسليط الضوء على كيفية تعامل الأسرة مع الأبناء، في حال اكتشاف وقوعهم في براثن الإدمان، أو مواجهتهم لأي مشكلات.
«حماية» تواصلت مع المراهق، ووفرت له الدعم النفسي، حتى تجاوز محنته.