مؤتمر دولي في أبوظبي يحذر من استدراج الشباب في التنظيمات الإرهابية عبر "التواصل الاجتماعي"
حذّر مشاركون في مؤتمر دولي حول مكافحة الجريمة والتطرف العنيف، عقد أمس في أبوظبي، من محاولات استدراج الشباب إلى التنظيمات الإرهابية عبر منصات التواصل الاجتماعي، داعين إلى إنشاء منظمة دولية متكاملة تعنى بالمسؤولية المجتمعية، يكون مقرها دولة الإمارات.
وتفصيلاً، افتتح رئيس مجلس إدارة جمعية واجب التطوعية الشيخ خليفة بن محمد بن خالد آل نهيان، أمس، فعاليات مؤتمر «التصدي للجريمة والتطرف العنيف.. مسؤولية مجتمعية»، الذي تنظمه جمعية واجب التطوعية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي.
وقال الشيخ خليفة بن محمد، في كلمة في افتتاح المؤتمر، إن «انعقاد هذا الحدث الدولي على أرض الإمارات، يأتي في إطار تفعيل الشراكة المجتمعية المؤسسية التي تحرص جمعية واجب التطوعية على تعزيزها بين أفراد المجتمع، بما يسهم في ترسيخ الجانب الوقائي، والارتقاء بمسيرة الأمن المجتمعي، التي تعدّ أساساً للتنمية والنهضة والرخاء الاقتصادي والفكري».
وأكد أهمية المؤتمر في مناقشة قضية في غاية الأهمية لنا جميعاً، خصوصاً مع مشاركة نخبة من الخبراء والمختصين على المستوى المحلي والدولي، الذين يتاح لهم نقل وتبادل تجاربهم في مكافحة الجريمة، والتي تعتبر أحد أهم الدعائم الاستراتيجية لصون المكتسبات والمقدرات، وتعزيز مكانة الأوطان وريادتها في مستويات الأمن المجتمعي.
بدوره، أكد ممثل نائب الأمين العام للأمم المتحدة، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، القاضي الدكتور حاتم علي، أهمية نبذ التطرف والتمييز والانغلاق الفكري وتصويب الأفكار الخاطئة، من خلال إبراز ونشر القيم الحقيقية للديانات السماوية السمحة، التي تقوم على الاعتدال، وتدعو إلى الانفتاح والوسطية، ودحض الكراهية والتعصب التي تتسبب في عرقلة كل تطور، الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود، والدخول في شراكات مع المؤسسات المعنية في العالم بما يسهم في نشر قيم التسامح وتعزيز التعايش السلمي.
وأكد أن الأمم المتحدة تسعى دوماً إلى حماية المجتمعات من الفكر المتطرف من خلال تعزيز وسائل التوعية الأسرية والمجتمعية، ضارباً أمثلة على الحالات التي يتم خلالها استدراج الشباب إلى التنظيمات الإرهابية عبر منصات التواصل الاجتماعي، والطرق الواجب اتباعها لحمايتهم من هذه الجريمة وتطرفها العنيف.
من جانبها، طالبت عضو مجلس إدارة الجمعية، رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي، المستشارة مريم محمد الأحمدي، الجمعيات ذات النفع العام على المستوى الدولي، بتجاوز أدائها التقليدي، وممارسة نهجها المكتسب الذي نشأت من أجله في تعبير المسؤولية المجتمعية، وإثراء الأنشطة والفعاليات التطوعية، لتكون عوناً مسانداً للجهود الوطنية والدولية من أجل تحقيق التنمية المستدامة لدى الأوطان، مشيرةً إلى أن جمعية واجب التطوعية، مارست هذا الدور من خلال تنظيم هذا المؤتمر لتتحمل جانباً من المسؤولية المشتركة.
كما طالبت بإنشاء منظمة دولية متكاملة تعنى بالمسؤولية المجتمعية، يكون مقرها دولة الإمارات، تضم تحت جناحيها جمعيات النفع العام الفعّالة، وفق القوانين المرعية، لتكون جداراً منيعاً في مواجهة القضايا الطارئة، منها حماية المجتمعات من الأفكار الضالة والجرائم العابرة للحدود.
وأشار رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، الإعلامي حمد الكعبي، إلى النهج الذي اتبعته الإمارات، من خلال الإطار القانوني الشامل للوقاية من الجريمة والتطرف العنيف، وإطلاق العديد من الفعاليات الوطنية، هدفت إلى ترابط وتكاتف مختلف مكونات المجتمع في التصدي للفكر المتطرف.
ودعا الكعبي المهتمين والخبراء في المؤتمر إلى دراسة «النموذج الإماراتي في مواجهة الجريمة والتطرف العنيف»، مستعرضاً الجهود الواسعة في هذا المجال كإنشاء «مركز صواب» لتصويب الأفكار الخاطئة، واستضافة «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، و«ديمقراطية المجالس المفتوحة» التي يلتقي من خلالها المحكوم مع الحاكم دون قيود، و«التمكين السياسي المتدرج» لتعزيز المشاركة السياسية، وإدخال مادة «التربية الأخلاقية» إلى المنظومة التعليمية في البلاد، باعتبارها أداة رئيسة لتكوين جيل متسامح بعيد عن التعصب والتطرف.
وتطرّق إلى دور «الإعلام الإماراتي» الذي نجح في صناعة رأي عام لمواجهة الجريمة والتطرف العنيف، وكشف خبث الخطاب المتطرف، عبر المهنية والموضوعية والصدقية، ما جعل الإعلام الإماراتي الأقرب لعقول ووجدان أبناء الوطن والجماهير العربية، واكتسابه ثقة الجميع محلياً وعربياً وعالمياً.
وضمّت الجلسة النقاشية الأولى، أربع أوراق عمل، الأولى تحت عنوان «اتجاهات وأنماط الجريمة الناشئة والتطرف العنيف الذي يؤدي إلى الإرهاب على المستوى العالمي»، وتحدّث فيها عادل السيد سبار، رئيس بالإنابة لبرنامج مشاركة وتمكين الشباب في مكتب مكافحة الإرهاب في نيويورك، والثانية بعنوان «الاتجاهات والأنماط الناشئة للجريمة والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب على المستوى الإقليمي»، وتحدّث فيها الرائد ثامر أحمد الحركان، رئيس قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في جهاز الشرطة الخليجية، والثالثة بعنوان «تهديدات الجريمة والتطرف العنيف على السلامة العامة»، تحدّث فيها أستاذ القانون الجنائي المقارن والدولي بكلية الحقوق في نورثمبريا الأستاذ الدكتور محمد بدر، أما الورقة الرابعة فجاءت بعنوان «أهمية التصدي للجريمة والتطرف العنيف في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030»، تحدّث فيها القاضي الدكتور حاتم علي.
واستعرضت الجلسة النقاشية الثانية، أربع أوراق عمل متنوعة، الأولى بعنوان «الاستراتيجية الأمنية لوزارة الداخلية الإماراتية في الوقاية ومكافحة الجريمة»، تحدّث فيها مدير إدارة المعلومات الأمنية الاتحادية في وزارة الداخلية العميد عبدالعزيز الأحمد، والثانية بعنوان «تحليل البيانات الحالية والتهديدات المستقبلية للتطرف العنيف»، وتحدّث فيها نائب المدير التنفيذي في مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف (هداية)، ايفو فينكامب، أما الثالثة فجاءت بعنوان «التصدي للجريمة والتطرف العنيف - نهج قائم على المعرفة» تحدّث فيها مستشار المكتب الإقليمي لمكافحة الإرهاب علي يونس، فيما تحدّثت محلل الأمن الالكتروني في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلهام بوزيت، عن «الإرهاب الالكتروني ونهج الدولة: معضلة تهريب الإرهاب الإلكتروني وإطاره القانوني».
واختتم اليوم الأول للمؤتمر بعقد ورشة عمل بعنوان «حرية التعبير في منصات التواصل الاجتماعي والجريمة: هل هو حق مطلق؟»، تطرّقت إلى شروط التقييد المشروع للحقوق غير المطلقة في التصدي للجريمة والتطرف العنيف، حاضر فيها، مستشار المكتب الإقليمي لمكافحة الإرهاب علي يونس، وأستاذ القانون الجنائي المقارن والدولي بكلية الحقوق في نورثمبريا الدكتور محمد بدر.
وتخللت جلسات المؤتمر، مناقشات تفاعلية بين الحضور والمتحدثين، شملت العديد من النقاط الحيوية، والمحاور المهمة، ركزت على أفضل الممارسات لمكافحة الجريمة والتطرف العنيف، بما تنعكس آثارها الإيجابية على المجتمعات بصورة عامة.
ويطرح المؤتمر في يومه الثاني، غداً، موضوعات أخرى مهمة، تتضمن مشاركة نخبة جديدة من الخبرات الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الجريمة والتطرف العنيف.