محمد بن راشد: مواردنا المالية والبشرية تحتاج إلى إعادة توجيه
وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بعقد سلسلة من الجلسات الحكومية المكثفة، تضم وزراء ووكلاء ومجالس تنفيذية، وخبراء عالميين، لبدء صياغة استراتيجية دولة الإمارات لما بعد «كوفيد-19» (تفشي وباء فيروس كورونا المستجد)، داعياً سموه إلى وضع سياسات تفصيلية، على المديين القريب والبعيد، لتحقيق التعافي واستئناف النشاط الاقتصادي في الدولة، وذلك بما يعود على القطاعات كافة، الاقتصادية والمجتمعية في الإمارات، بالنمو والاستقرار.
كما شدد سموه على أهمية حشد العقول والخبرات المحلية والعربية والعالمية، للمشاركة في ندوات فكرية وتحليلية شاملة، تشكل مخرجاتها أطراً نظرية وتطبيقية لرسم السياسات ووضع الرؤى والتصورات، لبناء مرتكزات وآليات عمل جديدة في القطاعات كافة، مع الأخذ في الاعتبار القطاعات الحيوية ذات الأولوية التي تشكّل أساس الحراك التنموي والمجتمعي، وفي مقدمتها الصحة والتعليم والتكنولوجيا والأمن الغذائي، بحيث يكون العنصر البشري، لجهة سلامته وأمنه ورفاهه وبنائه النفسي والصحي، أساس هذه الخطط والسياسات، مؤكداً سموه ضرورة العمل، بالتوازي، على توجيه سياسات الدولة الخارجية، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بما يكفل بناء منظومة تعاون اقتصادية وجيوسياسية للتصدي الأمثل للكوارث الصحية والبيئية واحتوائها والتقليص من نتائجها.
جاء ذلك خلال ترؤس سموه اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقد، أمس، بتقنية الاتصال المرئي (عن بُعد)، بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، حيث اعتمد المجلس في أجندته عدداً من القرارات والتشريعات، في إطار تطوير منظومة العمل الحكومي الاتحادي في الدولة، في ظل الإجراءات الاحترازية الوطنية التي تنفذها الحكومة، ووضع إطار عام لاستراتيجية شاملة، تضم خطط عمل وسياسات لمرحلة ما بعد «كوفيد-19»، وتأخذ في الاعتبار القطاعات الاقتصادية والمجتمعية الأكثر إلحاحاً في المستقبل المنظور.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «عالم جديد ينتظرنا، يتطلب أدوات مختلفة، وأولويات جديدة، ودولتنا ستكون الأكثر استعداداً، والأسرع نهوضاً، بإذن الله»، مؤكداً سموه أن «الاستعداد لما بعد (كوفيد-19) هو استعداد لمستقبل جديد لم يتوقعه أحد قبل أشهر عدة فقط. التعليم والصحة والعمل الحكومي والاستثمار والتجارة وبنيتنا الإلكترونية.. كلها ستشهد تطورات جديدة لمواكبة مستقبل مليء بفرص مختلفة».
ولفت سموه إلى أن فِرَق العمل الجديدة، التي شكّلها مجلس الوزراء، مطلوب منها العمل بطريقة أسرع وأشمل، وأكثر استجابة لمتغيرات يومية، وأكد سموه: «تعلمنا من هذه الأزمة أن فِرَق العمل الحكومية، اتحادياً ومحلياً، ومؤسسات القطاع الخاص، هي في الحقيقة فريق واحد تحركه مصلحة واحدة وهدف واحد ومكتسبات واحدة، الجميع مسؤول عنها».
وأضاف سموه: «أولوياتنا الوطنية بحاجة إلى مراجعة لعالم ما بعد (كوفيد-19)، مواردنا المالية والبشرية بحاجة إلى إعادة توجيه، أمننا الطبي والغذائي والاقتصادي بحاجة إلى ترسيخ أكبر من خلال برامج جديدة ومشروعات استثنائية».
وانطلاقاً من استراتيجية دولة الإمارات لما بعد «كوفيد-19»، سيتم رسم خطط عمل ووضع أهداف محددة ومستهدفات عاجلة وآجلة، لتلبية الاحتياجات التنموية الملحّة، والتصدي للتحديات الحالية الناجمة عن أزمة تفشي وباء فيروس كورنا المستجد في دولة الإمارات، بحيث تؤخذ في الاعتبار المستجدات والتطورات، في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية والمجتمعية والخدمية والتكنولوجية، في إطار المحيط الإقليمي للدولة وضمن المنظومة العالمية ككل، إلى جانب صياغة سياسات استشرافية للتعامل مع تحديات بيئية ووبائية وطبيعية مماثلة، ومعاينة مَوَاطن الخلل في القطاعات التي واجهت صعوبات أكثر من غيرها في التعامل مع الأزمة، وتدعيم القطاعات التي أثبتت قدرتها على التكيف، ونجحت في تطوير آليات عمل مرنة، بما أسهم في دعم عجلة الإنتاج، وتقديم الخدمات بكفاءة كبيرة في ظل الأوضاع الصعبة.
وستعمل الفِرَق المعنية بصياغة استراتيجية دولة الإمارات لما بعد «كوفيد-19»، استناداً إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على بناء أكبر منظومة بحثية وفكرية وتحليلية على مستوى الدولة، من خلال عقد جلسات وملتقيات اقتصادية وعلمية، بالتنسيق مع المراكز والمؤسسات البحثية في الإمارات، وبالاستعانة بنخبة من أبرز الخبراء والمفكرين والباحثين في المنطقة والعالم، لوضع أهم القضايا والتحديات في عالم ما بعد فيروس كورونا المستجد على طاولة البحث، من ذلك التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتغير موازين القوى الاقتصادية في العالم، وأثر ذلك في بناء نظام عالمي جديد، وكيف يمكن أن تتكيف دولة الإمارات مع الواقع الاقتصادي والجيوسياسي ما بعد «كوفيد-19»، وما سبل تعزيز القطاع الصحي في الإمارات، وآليات تعزيز الأمن الغذائي في الدولة، بما يجعلها في منأى عن أي خلل قد تتعرض له سلاسل إمدادات الغذاء العالمية في الكوارث والأزمات، وضرورة دعم منظومة التعلم عن بعد في الإمارات، وإلحاقها كأداة تعليمية أساسية في منظومة التعلم التقليدية حتى في الظروف والأحوال الطبيعية، إلى جانب صياغة ملامح منظومة عمل حكومة المستقبل، وتحديد أولويات الإنفاق الحكومي والتوجيه الأمثل للموارد، واستعراض آفاق مستقبل العمل، الحكومي والخاص، عن بعد، وآفاق تطوير البنية التحتية والرقمية في الدولة وتعزيز كفاءتها، وتصميم مدن المستقبل، ووظائف المستقبل، ودور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة في تسيير عجلة الإنتاج، وكيفية تدارك المخاطر المستقبلية وغيرها من قضايا وتساؤلات حيوية.
وتقوم الاستراتيجية على مبدأ جوهري مفاده أن تكون القرارات والسياسات كافة المتخذة في هذا الخصوص، في إطار الحفاظ على الصحة النفسية والعاطفية للمجتمع الإماراتي، وتكريس منظومة الرفاه المجتمعي، التي تقوم على تأمين السلامة والأمان والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وبأن الإنسان هو عماد الدولة ومرتكزها الأول والأخير، وذلك بما يجسد الهدف الرئيس للقيادة الإماراتية، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وشهدت أجندة اجتماع مجلس الوزراء اعتماد جملة قرارات تعكس متطلبات المرحلة الحالية، من بينها تشكيل فريق عمل لدراسة ملف الصناعات الوطنية والطبية والدوائية في الدولة، لتعزيز القدرات الإنتاجية للقطاع الصحي في الدولة، واعتماد مشروع تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي بشأن الشركات التجارية، وإصدار قانون اتحادي بشأن تنظيم اتحاد الملاك، واعتماد الدليل الإرشادي لحصر متطلبات تنفيذ القرارات الهيكلية في الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى اعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة العدل، وغيرها.
واعتمد المجلس خلال جلسته تشكيل فريق عمل لدراسة ملف الصناعات الوطنية الطبية والدوائية في الدولة، برئاسة وزارة الطاقة والصناعة، وعضوية عدد من الجهات الاتحادية والمحلية في الدولة، بهدف تطوير فرص استثمارية في قطاع الصناعات الطبية، والتركيز على المنتجات ذات الأولوية، وتطوير القدرة الإنتاجية المحلية، إلى جانب اقتراح السياسات والتشريعات والحوافز المطلوبة لدعم نجاح الفرص في هذا القطاع الحيوي، وضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستعداد المستمر لأي تحديات مستقبلية.
ويعد قطاع صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية أحد القطاعات الاستراتيجية لقطاع الصناعة في الدولة، بمعدل نمو إجمالي سنوي بلغ 6% خلال السنوات الخمس الماضية، ومعدل نمو صادرات نحو 4% خلال الفترة ذاتها، ويوجد أكثر من 70 مصنعاً وطنياً على مستوى الدولة، تتنوع منتجاتها لدعم القطاع الصحي بين مختلف أنواع الأدوية والمحاليل الطبية، والغازات الصناعية، كالأوكسجين والفيتامينات والمستلزمات الطبية، وغيرها.
وفي الشؤون التشريعية، اعتمد المجلس، خلال جلسته، مشروع تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي بشأن الشركات التجارية، الهادف إلى تعزيز ورفع مستويات الدولة في عدد من المؤشرات التنافسية العالمية، وتوفير بيئة أعمال جاذبة تدعم الاقتصاد الوطني، حيث يستهدف القانون قطاع الشركات، والمستثمرين الأجانب من الشركات والمؤسسات العالمية وصناديق الاستثمار.
كما اعتمد المجلس إصدار قانون اتحادي بشأن تنظيم اتحاد الملاك، في إطار تعزيز استدامة البنية التحتية، وزيادة المشاركة المجتمعية في الحفاظ عليها، ضمن قطاع مشروعات الإسكان والمجمعات السكنية، وحفاظاً على الأملاك المشتركة في المجمعات واستدامتها.
واعتمد المجلس، في اجتماعه، الدليل الإرشادي لحصر متطلبات تنفيذ القرارات الهيكلية في الحكومة الاتحادية، الذي يمثل مرجعاً للجهات الاتحادية لإدارة وتنظيم عمليات الشؤون المالية، وشؤون الموارد البشرية، والحوكمة، والإدارة المؤسسية، والتكنولوجيا، والخدمات، وذلك في حال إنشاء أو إلغاء أو دمج الجهات الاتحادية، أو نقل اختصاص وحدة تنظيمية إلى جهة اتحادية أخرى أو جهة محلية، حيث يستهدف الدليل توفير آلية سهلة ذات كفاءة عالية للجهات، ومساعدة أصحاب القرار على اتخاذ وتنفيذ القرارات بسهولة وسرعة وكفاءة، وتسهيل الإجراءات ضمن منظومة تشريعية متكاملة تنظم عمل الجهات الاتحادية.
واعتمد المجلس الهيكل التنظيمي لوزارة العدل، في إطار الارتقاء بمنظومة العمل في الوزارة بكل قطاعاتها، وتعزيز التشريعات وسيادة القانون والارتقاء بالخدمات التي تقدمها الوزارة للمتعاملين، بما ينعكس إيجاباً على مؤشر التنافسية في الارتقاء بمركز الدولة على المستوى الدولي.
واعتمد المجلس أيضاً مواصفة قياسية إماراتية إلزامية للفحص الفني الدوري للمركبات في الدولة، بهدف تطبيق نظام فعال لإدارة صيانة المركبات وفحص سلامتها، وتطوير معايير الفحص وتوحيدها على مستوى الدولة، وتحسين البعد البيئي والتقليل من الانبعاثات لغازات عوادم المركبات التي تؤثر في جودة الهواء.
وفي الشؤون الحكومية، اطلع المجلس على عدد من الموضوعات لمتابعة سير العمل في الجهات الاتحادية، منها الاطلاع على المجلس الوطني الاتحادي حول مناقشة موضوع سياسة وزارة الصحة ووقاية المجتمع، في شأن تعزيز الصحة النفسية في الدولة.
نائب رئيس الدولة:
«أمننا الطبي والغذائي والاقتصادي بحاجة إلى ترسيخ أكبر، من خلال برامج جديدة ومشروعات استثنائية».
«تعلمنا من الأزمة أن فِرَق العمل الحكومية، اتحادياً ومحلياً، ومؤسسات القطاع الخاص، فريق واحد تحركه مصلحة واحدة وهدف واحد ومكتسبات واحدة».
«اعتماد مواصفة قياسية إماراتية إلزامية للفحص الفني الدوري للمركبات».
«تشكيل فريق عمل لدراسة ملف الصناعات الوطنية والطبية والدوائية».
«التعليم والصحة والعمل الحكومي والاستثمار والتجارة وبنيتنا الإلكترونية.. كلها ستشهد تطوّرات جديدة».
«عالم جديد ينتظرنا يتطلّب أدوات مختلفة وأولويات جديدة.. ودولتنا ستكون الأكثر استعداداً والأسرع نهوضاً».
«الاستعداد لما بعد (كوفيد-19) هو استعداد لمستقبل جديد لم يتوقعه أحد قبل أشهر قليلة».
«الفِرَق التي شكّلها مجلس الوزراء مطلوب منها العمل بطريقة أسرع وأشمل، وأكثر استجابة لمتغيّرات يومية».
ضمن أجندة الاجتماع
■تشكيل فريق عمل لدراسة ملف الصناعات الوطنية الطبية والدوائية في الدولة، لتطوير فرص استثمارية لقطاع الصناعات الطبية، وتعزيز القدرات الإنتاجية.
■اعتماد مشروع تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي، بشأن الشركات التجارية، لتعزيز ورفع مستويات الدولة في عدد من المؤشرات التنافسية العالمية.
■إصدار قانون اتحادي بشأن تنظيم اتحاد المُلّاك، لتعزيز استدامة البنية التحتية، وزيادة المشاركة المجتمعية، ضمن قطاع مشروعات الإسكان والمجمعات السكنية.
■اعتماد الدليل الإرشادي لحصر متطلبات تنفيذ القرارات الهيكلية في الحكومة الاتحادية، لتسهيل الإجراءات، ضمن منظومة تشريعية متكاملة تنظم عمل الجهات الاتحادية.
■اعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة العدل، للارتقاء بمنظومة العمل في الوزارة بقطاعاتها وخدماتها كافة.
■ تطبيق نظام فاعل لإدارة صيانة المركبات وفحص سلامتها، وتطوير معايير الفحص وتوحيدها على مستوى الدولة.