حمدان بن محمد يطلع على آخر مستجدات تجهيز "مسبار الأمل" للانطلاق إلى الفضاء

اطلع سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي، عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء المشرف العام على مشروع مسبار الأمل على آخر مستجدات عمليات تجهيز المسبار للانطلاق إلى الفضاء لاستكشاف المريخ وذلك من خلال اتصال مرئي مع فريق العمل المتواجد من قاعدة تانيغاشيما الفضائية في اليابان، حيث تابع سموه مع الفريق الاستعدادات الجارية لتجهيز المسبار للانطلاق يوليو المقبل، والتي تستغرق نحو 50 يوم عمل.

وأشاد سمو ولي عهد دبي بجهود فريق عمل المسبار والكادر الوطني الشاب العامل في المشروع، بعدما أثبت الفريق بنجاحه في إنجاز عملية نقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى قاعدة الانطلاق في اليابان على مدار 83 ساعة متواصلة، أن شعار دولة الإمارات "لا شيء مستحيل"  -والذي سيحمله المسبار معه إلى الفضاء- يُطبق قولاً وفعلاً، وأنه "لا شيء مستحيل" في قاموس أبناء الإمارات، وذلك بعدما تغلبوا على كل التحديات الناجمة عن انتشار وباء كورونا المستجد "كوفيد 19" حول العالم وما ترتب عليها من توقف لحركة الطيران الشحن وإغلاق أغلب الدول لحدودها.

وتوجه سموه بالشكر إلى فريق عمل المسبار كونهم وضعوا هذا المشروع التاريخي كأولوية في حياتهم، وغادروا الدولة متوجهين إلى اليابان رغم الظروف الصحية الاستثنائية التي يمر بها العالم، من أجل إنجاز هذه المهمة بنجاح وفق الجدول الزمني المحدد لها.

وأشار سمو ولي عهد دبي إلى إن التحديات التي يواجهها العالم اليوم بسبب هذا الوباء أثبتت مدى أهمية بناء قطاع علوم وتكنولوجيا متقدم ومستدام في الدولة.. وأن تكون علوم الفضاء بمثابة القلب منه باعتبارها من أهم ركائز التقدم العلمي في المستقبل، بما لاكتشاف الفضاء والكواكب الأخرى ودراسة ما تمر به من ظواهر طبيعية من أثر في فهم أكبر لكوكب الأرض وكشف المزيد من أسراره.  

وخلال الاتصال عبر تقنية الاتصال المرئي مع فريق عمل مسبار الأمل، قال سموه: "أنتم قادة المستقبل، وأمل دولة الإمارات في المرحلة المقبلة بما تراكم لديكم من خبرات علمية مهمة، وعليكم نقل المعرفة التي اكتسبتموها من خلال عملكم في هذا المشروع العالمي النوعي إلى القطاعات المختلفة في الدولة، لأن تبادل المعارف وقصص النجاح وتوسيع نطاق الانتفاع بها من الأهداف المهمة لهذا المشروع".

وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن "مسبار الأمل" مشروع طموح وصعب، خصوصاً أن من خلاله ستنضم دولة الإمارات إلى نادي مستكشفي المريخ، وهي خطوة لم يقدم عليها سوى عدد محدود للغاية من دول العالم.

وأعرب سموه عن ثقته في قدرة هذا الفريق المتميز على تخطي كافة التحديات والصعوبات بعون الله وبإخلاص وتفاني أعضاء الفريق وتابع قائلاً: "واثقون أننا سننجز هذه المهمة، وسنحتفل بإذن الله بالوصول إلى المريخ عام 2021، بالتزامن مع احتفال الدولة بيوبيلها الذهبي وبمرور 50 عاماً على إعلان الاتحاد"، متمنيا سموه لهم جميعاً وفريق الدعم في دبي كل التوفيق والسداد في هذه المهمة الوطنية التاريخية.

كفاءات وطنية شابة

ويضم فريق العمل المشرف على عمليات تجهيز مسبار الأمل للإطلاق نخبة من الكفاءات الوطنية الشابة، وهم: عمران شرف الهاشمي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل، وسهيل الظفري المهيري نائب مدير المشروع لشؤون تطوير المسبار، وعمر الشحي قائد فريق عمليات تجهيز المسبار للإطلاق، ومحسن العوضي مهندس أنظمة المسبار ومسؤول إدارة المخاطر ، ويوسف الشحي مهندس الأنظمة الحرارية، وخليفة المهيري مهندس أنظمة الاتصال، وعيسى المهيري مهندس أنظمة الطاقة، وأحمد اليماحي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمود العوضي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمد العامري مهندس أنظمة الدعم الأرضي.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أعلن عبر حساب سموه في "تويتر" عن إنجاز عمليات نقل "مسبار الأمل" بنجاح إلى موقع انطلاقه إلى الفضاء من المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، وذلك تنفيذاً للمخطط له ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، تمهيداً لإطلاقه في موعده.

دعم لا محدود

من جهته، توجه مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" في مركز محمد بن راشد للفضاء، المهندس عمران شرف، بالنيابة عن فريق العمل، بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي على الدعم والمساندة اللامحدودة للمشروع ولفريق العمل.

وفي اللقاء الذي تم مع سمو ولي عهد دبي عن بُعد، قال شرف إن مسبار الأمل مثل تحدياً كبيراً منذ لحظة الإعلان عنه، ولكن بفضل دعم ومساندة القيادة الرشيدة تتوالى الإنجازات المرحلية للمشروع مع التطلع إلى الإنجاز الأكبر وهو إطلاق المسبار بنجاح ووصوله إلى المريخ في الموعد المحدد.

وأشار إلى أن نجاح عملية نقل مسبار الأمل إلى موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما في اليابان وفق الخطة المعدة مسبقاً وبأعلى مستويات الدقة، يجسد حرص فريق العمل على إتمام المشروع الأول من نوعه في دولة الإمارات والمنطقة بما يحقق رؤية القيادة الرشيدة، ويؤكد قدرة الشباب الإماراتي على توظيف المهارات والخبرات التي اكتسبوها في مراحل التصميم والتطوير والاختبار والتجميع والنقل.

تعاون الجهات الحكومية

بدوره، قال نائب مدير المشروع لشؤون تطوير المسبار  سهيل الظفري المهيري إن الدعم الكبير من قيادة دولة الإمارات وتحفيزها الدائم للفريق لمواصلة العمل في المشروع، والتعاون الكبير من العديد من الجهات الحكومية ساهم في الوصول إلى هذه المرحلة المهمة، رغم الظرف العالمي الراهن، ليبقى جدول عمل المشروع مستمراً كما هو مخطط له، مشيراً إلى أنه بعد وصول مسبار الأمل إلى اليابان بدأت مرحلة الإعداد لعمليات الإطلاق التي ستتم في موعدها إن شاء الله تعالى في شهر يوليو المقبل، بعد التأكد من صحة وسلامة المسبار، وذلك من خلال تعبئة وقود الهايدروزين والذي سيتم استخدامه خلال الرحلة إلى كوكب المريخ، كما سيتم التأكد من سلامة وصحة أنظمة الدفع ونظام الطاقة وأجهزة الاتصال.

دراسة دقيقة

وقال قائد فريق تجهيز المسبار عمر الشحي، للإطلاق إن إنجاز نقل المسبار بنجاح إلى اليابان تم بعناية لأن العملية كانت مدروسة بدقة مسبقاً وأنه تم التخطيط لنقل المسبار إلى اليابان لأكثر من سنة، ولكن مع الأزمة التي يمر بها العالم حالياً كان يتوجب علينا إعادة دراسة الموضوع بالكامل والتخطيط بدقة لنقل المسبار لليابان في الوقت المحدد وذلك للالتزام بالخطة الزمنية المحددة له.

تجربة تاريخية لا تنسى

وحول تجربته خلال مصاحبة مسبار الأمل على متن أكبر طائرة شحن في العالم من دبي إلى اليابان، قال المهندس محسن العوضي، مهندس أنظمة المسبار ومسؤول إدارة المخاطر: "كان علي طوال رحلة المسبار من مطار آل مكتوم الدولي في دبي وصولاً إلى مطار ناغويا في اليابان ولمدة 11 ساعة ارتداء الكمامة والقفزات الطبية، وهذه تجربة لن أنساها" معربا  عن خالص الشكر والثناء لسمو ولي عهد دبي على الدعم والمساندة، وإتاحة الفرصة ليكون على متن هذه الرحلة التاريخية مشاركا في هذا الحدث المهم الذي يعد جزء من رد الجميل لوطننا الغالي.

رحلة المسبار لليابان

وبسبب تفشي وباء كورونا حول العالم، وتنفيذاً للتدابير الصحية الاحترازية التي اتخذتها أغلب دول العالم لمكافحة الفيروس، تم تقسيم فريق عمل نقل مسبار الأمل إلى 3 فرق للتغلب على التحديات المرتبطة بعمليات النقل وللالتزام بالخطة الزمنية المحددة سلفاً، ووصل الفريق الأول إلى اليابان بتاريخ 6 أبريل 2020، وخضعوا بعدها للحجر الصحي ثم خرجوا منه ليكونوا في استقبال المسبار، بينما وصل الفريق الثاني مع المسبار يوم 21 أبريل، وأعضاء هذا الفريق حالياً في الحجر الصحي لمدة أسبوعين، أما الفريق الثالث الاحتياطي فمتواجد حالياً في دولة الإمارات، وهو على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والمساندة العاجلة حال اقتضت الضرورة.

تجهيز المسبار للانطلاق

ويعمل فريق العمل المتواجد حالياً في اليابان على تجهيز المسبار للإطلاق، وتستغرق هذه العملية 50 يوم عمل، وتتضمن تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بحوالي 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، كما سيتم فحص خزان الوقود والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، بالإضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم، ونقل المسبار إلى منصة الإطلاق، وتركيب المسبار على الصاروخ الذي سيحمله إلى الفضاء، وشحن بطاريات المسبار للمرة الأخيرة.

عملية نقل دقيقة عبر 3 مراحل

وكانت رحلة نقل مسبار الأمل من دبي إلى موقع الإطلاق للفضاء في جزيرة تانيغاشيما في اليابان قد مرت بثلاث مراحل رئيسية بالغة الدقة، استوجبت تفعيل إجراءات علمية محددة وتوفير الشروط اللوجستية المتكاملة لضمان إنجاز عملية نقل المسبار على النحو الأمثل.

16ساعة براً في دبي

وشملت المرحلة الأولى تجهيز ونقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى مطار آل مكتوم الدولي بدبي، واستمرت 16 ساعة، وتضمنت تجهيز وتحميل حاوية الشحن المصممة خصيصاً للمسبار، وتأهيلها بكل التجهيزات المطلوبة لتمثل غرفة نظيفة مصغرة متنقلة تحافظ على درجة الحرارة ونسبة الرطوبة المحددة، وتعمل على استخدام النيتروجين لتطهير المسبار والأجهزة العلمية الحساسة من أي جزيئات غبار في الجو.
وتلا ذلك تحميل معدات الدعم الأرضية الميكانيكية المتمثلة بالأجهزة المساندة للمسبار والتي تساعد في نقله وتحريكه، ومعدات الدعم الإلكترونية التي تساعد على مراقبة حالة المسبار أثناء الرحلة إضافة إلى استخدامها في عمليات الاستعداد للإطلاق، ومن ثم نقل حاوية الشحن الخاصة التي تضم المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى مطار آل مكتوم الدولي على متن الشاحنة على مهل وبسرعة محددة لتقليل الاهتزازات التي قد يتعرض لها المسبار، وصولاً إلى تجهيز الحاوية في المطار وتحميلها على متن الطائرة التي ستحلق إلى اليابان.

11 ساعة جواً

وامتدت المرحلة الثانية من مطار آل مكتوم الدولي في دبي إلى مطار ناغويا في اليابان11 ساعة، وشملت تحميل المسبار ومعدات الدعم الأرضية إلى طائرة النقل العملاقة الخاصة بالدعم اللوجستي من طراز "أنتونوف 124" العملاقة وهي أكبر طائرة شحن في العالم، ورافق فريق المشروع المسبار لضمان سلامته طوال الرحلة، كما رصد الفريق شدة المطبات الهوائية، في ظل ما يمكن للاهتزازات الشديدة أن تحدثه على بنية المسبار، وانتهت هذه المرحلة بتسليم المسبار لدى وصوله إلى مطار ناغويا للفريق الموجود في اليابان.

56 ساعة إلى تانيغاشيما

أما المرحلة الثالثة، فامتدت من مطار ناغويا إلى موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما، وشملت إنزال المسبار من الطائرة وفحصه والتأكد من سلامته، ثم نقله براً من المطار إلى ميناء شيماما، وبعدها نقله بحراً إلى جزيرة تانيغاشيما حيث امتدت الرحلة 56 ساعة، وبعد وصوله من الميناء المتخصص في الجزيرة عمل الفريق في موقع الإطلاق على تنزيل وفحص المسبار قبل البدء بعمليات التجهيز للإطلاق.

أفضل الممارسات العالمية

وفي ظل التحديات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، تبنى فريق عمل المسبار أفضل الإجراءات الصحية المعمول بها عالمياً في عمليات نقل مسبار الأمل من مركز محمد بن راشد للفضاء ثم إلى مطار آل مكتوم الدولي ومن ثم جواً إلى اليابان وإلى محطة الإطلاق، وذلك حفاظاً على صحة وسلامة فريق العمل، كما تم إنجاز عملية نقل "مسبار الأمل" وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

يشار إلى أن "مسبار الأمل" مشروع وطني يترجم رؤية قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة لبناء برنامج فضائي إماراتي يعكس التزام الدولة بتعزيز أطر التعاون والشراكة الدولية بهدف إيجاد حلول للتحديات العالمية من أجل خير الإنسانية.

ووفقاً للخطة المعتمدة، ينطلق مسبار الأمل في مهمته إلى المريخ منتصف يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي باستخدام منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة ( MHI H2A) ومن المتوقع أن يصل إلى مدار الكوكب الأحمر في الربع الأول من شهر فبراير 2021. ويحمل "مسبار الأمل" وهو أول مشروع عربي لاستكشاف الكواكب الأخرى، رسالة أمل لكل شعوب المنطقة لإحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية والإسلامية في العلوم، ويجسد طموح دولة الإمارات، وسعي قيادتها المستمر إلى تحدي المستحيل وتخطيه، وترسيخ هذا التوجه كقيمة أساسية في هوية الدولة وثقافة أبنائها، كما يعد مساهمة إماراتية في تشكيل وصناعة مستقبل واعد للإنسانية.

الأكثر مشاركة