العالم يصلي غداً لإنقاذ البشرية من جائحة «كورونا»
يشهد العالم غداً حدثاً تاريخياً فريداً دعت إليه اللجنة العليا للأخوّة الإنسانية التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، إذ يتوحّد شعوب وقادة ومسؤولو الدول لأداء أول صلاة متعددة الأديان، والتوجه إلى الله لإنقاذ البشرية من جائحة كورونا.
وأطلقت لجنة الأخوة الإنسانية موقعاً رسمياً مخصصاً للصلاة التي تحمل اسم «الصلاة من أجل الإنسانية»، يُعنى بتوثيق مشاركات المصلين والمتفاعلين مع المبادرة من جميع أنحاء العالم، خصوصاً في ظل إعلان تفاعل وتضامن عدد كبير من قيادات ورؤساء ومسؤولين دوليين مع المبادرة.
وتفصيلاً، أعلنت لجنة الأخوّة الإنسانية المنبثقة عن «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، التي وقّعها في أبوظبي فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، إطلاق موقع رسمي مخصص لمبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية» التي اختارت غداً الخميس، ليكون يوماً للصلاة والصوم والتوجه لله تعالى بصوت واحد ليحفظ البشرية، وأن يوفقها لتجاوز جائحة كورونا، ويعيد إليها الأمن والاستقرار والصحة والنماء.
وقال الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، المستشار محمد عبدالسلام: «في الرابع من فبراير 2019 توجهت أنظار العالم إلى أبوظبي حين اجتمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مع قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفي ظهر القامتين الدينيتين الأبرز في العالم كان أبناء حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وأبناء رفاقه حكام الإمارات، الذين وضعوا أيديهم في يد الإمام الطيب والبابا فرنسيس من أجل الإنسانية».
وأضاف عبدالسلام، خلال مؤتمر صحافي عقدته اللجنة مساء أول من أمس عن بعد: «في هذا اللقاء التاريخي وقع الرمزان أهم الوثائق الإنسانية في العصر الحديث، واستلهاماً لمبادئ وثيقة الأخوة وسعياً لتطبيقها على أرض الواقع، أطلقت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية دعوة لجميع الناس في العالم أن يتوجهوا إلى الله بالصلاة والدعاء في 14 مايو، وهي دعوة لاقت ترحيباً دولياً واسعاً من جانب عدد كبير من القيادات والمؤسسات حول العالم، يتقدمهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وبابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب شخصيات سياسية من بينها قادة وملوك ورؤساء ورؤساء وزراء حاليون وسابقون وعديد من الشخصيات العامة والمؤثرة وقادة الأديان المختلفة».
وأوضح أن الترحيب الدولي بالمبادرة يعد دليلاً واضحاً على قدرة العالم على تنحية الخلافات للاتحاد تحت مظلة الأخوة الإنسانية، من أجل الدعاء للإنسانية جمعاء بالخلاص من هذا الوباء وتبعاته المختلفة وأن يوفق الله العلماء لإيجاد لقاح لهذا الوباء، معتبراً أن «هذا النداء هو دعوة روحية تستهدف تحريك الطاقات الإيجابية في جميع البشر، التي لا يخلو منها أي إيمان بعقيدة، لاسيما وأن المشاركة في الفعالية تعني التوجه إلى الله الخالق، كل حسب عقيدته وشعائره الدينية المتوافقة مع معتقده، فيشترك الجميع في التضرع إلى الله بالدعاء، بأن يرفع عن البشرية كلها هذا الوباء».
وأكد عبدالسلام، أن إطلاق الموقع الرسمي للمبادرة، يمثل قناة تواصل فاعلة لجميع المشاركين في هذه المبادرة، وسيكون بمثابة التوثيق الرقمي للبيانات والفعاليات ومشاركات الناس من جميع أنحاء العالم، وليكون النواة لأرشفة جميع المبادرات والفعاليات والأنشطة والأحداث المستقبلية الخاصة باللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
من جانبه، أكد السكرتير الشخصي لقداسة بابا الفاتيكان، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، المونسنيور يوأنّس لحظي جيد، أن اللجنة تأمل من هذه الدعوة توحيد الجميع في الدعاء لله، كي يرفع عن البشرية هذه الجائحة، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تتجمع فيها البشرية جمعاء من أجل هدف واحد، وهو الصلاة كل بحسب إيمانه ودينه، للتأكيد على أن الإيمان بالله يوحّد ولا يقسّم.
وقال لحظي إن «أزمة كورونا جعلتنا ندرك حاجتنا إلى التوحد كأخوة، وأننا لا يمكننا الخروج من الأزمة بشكل منفصل، فإما أن نخرج منها معاً، وإما لن يخرج منها أحد، لأن هذا الفيروس لا يفرّق بين الأغنياء والفقراء، أو بين الغرب والشرق، ولا بين الدول الغنية والنامية، فنحن متشابهون ومتساوون، وإخوة في الخطر وفي مجابهته».
وأوضح أن مبادرة الصلاة من أجل الإنسانية تجمع في جوهرها بين العلم والدين، لأن الصلاة هدفها التوجه إلى الله كي يلهم العلماء والباحثين ليكتشفوا قريباً لقاحاً، وهذا تأكيد على أنه لا يوجد تناقض بين الإيمان والعلم، بل تكامل، فالعلم دون إيمان يبقى دون أفق، والإيمان دون علم يبقى دون دعم.
وشددت المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، إيرينا بوكوفا، على أن العالم يواجه أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية مع عواقب سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة، مؤكدة أن جائحة كورونا وصلت إلى كل دولة، مع ما يقارب أربعة ملايين حالة إصابة مؤكدة، وأكثر من 270 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، وذلك قبل الوصول إلى ذروة المرض في أفقر دول العالم.
وقالت بوكوفا: «النتيجة المدمرة من الأزمة هي في الاقتصاد الآخذ في الانكماش وفرص العمل، وزيادة التفاوتات وتصاعد الفقر، والخطر على جهود مكافحة تغير المناخ وضمان المسار المستدام للتنمية، وستكون الدول النامية هي الأكثر تضرراً والأكثر ضعفاً، ولاسيما تلك التي ليس لديها أنظمة صحية قوية وقدرة اقتصادية أو مالية للاستجابة لأزمة بهذه النسبة».
وأضافت أن الفيروس يؤثر بالفعل بشكل مأساوي على ملايين اللاجئين والمشردين والأشخاص في المناطق المتضررة من النزاع، مشيرة إلى أن العالم يدخل فترة خطيرة للغاية، فالفيروس لا يعرف الحدود الجغرافية أو السياسية، إلا أن آثار الوباء ليست موزعة بالتساوي بأي حال من الأحوال.
واختتمت بوكوفا كلمتها بالقول، إن «العالم يحتاج إلى قيادة حتى تتمكن البشرية من المرور بأوقات عصيبة بأمل وتعاطف ورعاية لكل فرد، وهذه هي القيادة التي أظهرها قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر، بدعوة العالم للصلاة من أجل السلام في 14 مايو».
الدين لا يتناقض مع العلم
رداً على أسئلة ممثلي الصحف ووسائل الإعلام خلال المؤتمر الصحافي، أكد الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية، المستشار محمد عبدالسلام، أن العالم بحاجة إلى هذه المبادرة اليوم والأمس وغداً، فالتوجه إلى الله في كل المحن أوصت به جميع الأديان، مشدداً على أن هذه الدعوة تعني أن الدين لا يتناقض مع العلم.
وقال عبدالسلام: «الجميع مطالب بالصلاة والدعاء من بيته مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، منها التباعد الاجتماعي وعدم التجمع في حشود من أجل الصلاة في أي مكان».
كيف نصلّي؟
في ما يتعلق بحصر أعداد المشاركين في المبادرة من قيادات دولية وشخصيات عامة، قال سكرتير قداسة البابا فرنسيس، المونسنيور يؤانس لحظي: «حتى هذه اللحظة لا يوجد لدينا حصر للأرقام، لكن أؤكد أن جميع أعضاء اللجنة فوجئوا بالأعداد الكبيرة التي تزيد كل لحظة من قادة الدول والهيئات والفنانين والشخصيات العامة التي أعلنت مشاركتها في المبادرة»، منوهاً بأنه لا يوجد نص محدد أو طريقة للصلاة والدعاء، بل كل أتباع دين أو طائفة أو مذهب مطالبون بالدعاء والصلاة كل بطريقته.