بدء العد التنازلي لإطلاق «مسبار الأمل» إلى الفضاء
بدأ رسمياً العد التنازلي لإطلاق «مسبار الأمل» في مهمته التاريخية من المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، تنفيذاً للمخطط له ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ الذي يسير وفقاً للجدول الزمني المعتمد، على الرغم من التحديات الناجمة عن تفشي العالمي لوباء كورونا المستجد (كوفيدـ19).
وتحدد يوم 15 يوليو المقبل موعداً مستهدفاً لإطلاق المسبار، وهو اليوم الأول ضمن «نافذة الإطلاق» الخاصة بهذه المهمة الفضائية التاريخية، وتمتد هذه النافذة حتى 13 أغسطس 2020، علماً بأن تحديد موعد «نافذة الإطلاق» يخضع لحسابات علمية دقيقة، تتعلق بحركة مدارات كل من كوكبي الأرض والمريخ، وبما يضمن وصول المسبار إلى مداره المخطط له حول المريخ في أقصر وقت ممكن وبأقل طاقة ممكنة. وتمتد فترة «نافذة الإطلاق» لأيام عدة، تحسباً للظروف المناخية وحركة المدارات وغيرها.
ويأتي الإعلان رسمياً عن بدء العد التنازلي لإطلاق «مسبار الأمل» إلى المريخ، بالتزامن مع الجهود الدؤوبة التي يقوم بها فريق العمل الموجود حالياً في المحطة الفضائية باليابان لتجهيز المسبار للانطلاق، كما يأتي هذا الإعلان بعد إنجاز عمليات نقل المسبار من دبي إلى اليابان في رحلة امتدت لأكثر من 83 ساعة براً وجواً وبحراً، وتم فيها التغلب على كل التحديات الراهنة الناجمة عن تفشي وباء «كوفيد-19» عالمياً.
ووفقاً للمخطط له، ينطلق مسبار الأمل في مهمته إلى المريخ عند الساعة 5:51:27 صباحاً بتوقيت اليابان (00:51:27 بعد منتصف الليل بتوقيت الإمارات)، يوم الأربعاء الموافق 15 يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي باستخدام منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة ( MHI H2A)، وتم اختيار شركة «ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة»، نظراً لأدائها المتميّز وسمعتها الحسنة في أوساط تكنولوجيا الفضاء حول العالم، وسجلها الحافل بواحدة من أعلى نسب نجاح إطلاق مركبات فضائية وأقمار اصطناعية عالمياً، ومنذ إطلاق برنامج ياباني لتطوير صواريخ الفضاء، اعتمدت اليابان على «ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة» في مختلف جوانب التصنيع حتى إطلاق الأقمار الاصطناعية، وتمتلك الشركة نسبة قياسية من نجاح عمليات إطلاق الأقمار الاصطناعية، ما يجعلها لاعباً أساسياً على مستوى الأنشطة الفضائية في اليابان والعالم، وسبق لدولة الإمارات الاستعانة بها في إطلاق القمر الاصطناعي «خليفة سات».
ومن المتوقع أن يصل «مسبار الأمل» إلى مدار كوكب المريخ في شهر فبراير 2021، بالتزامن مع احتفالات دولة الإمارات بيوبيلها الذهبي، ومرور 50 عاماً على إعلان الاتحاد عام 1971.
وأكدت وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، سارة بنت يوسف الأميري، أن بدء العد التنازلي رسمياً لانطلاق «مسبار الأمل» في مهمته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر، وفقاً لما هو مخطط له وتنفيذاً للجدول الزمني المعتمد، يعد رسالة أمل وطاقة إيجابية جديدة للإنسانية في ظل التحديات والظروف الراهنة التي يعيشها العالم.
وقالت إن التحديات التي تغلب عليها فريق عمل «مسبار الأمل»، الذي يضم نخبة من الخبراء والمهندسين الإماراتيين، من أجل الوصول إلى هذه المرحلة من الإنجاز، يؤكد أن شعار دولة الإمارات «لا شيء مستحيل» الذي سيحمله معه المسبار إلى المريخ، أصبح ثقافة عامة وممارسة معتادة لدى شابات وشباب هذا الوطن الغالي.
وأضافت أن «مسبار الأمل» يجسد طموحات الإمارات ورسالتها الإيجابية للمنطقة والعالم بأهمية مواصلة العمل بشغف ومواجهة الظروف والمتغيرات والتحديات بإصرار لإيجاد الحلول الهادفة لخير الناس والإنسانية، ما يعكس رؤى القيادة الرشيدة للدولة في هذا الشأن.
وشددت على أن أهم إنجاز حققه مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، رغم تعدد إنجازاته حتى الآن، هو الخبرات العلمية المهمة التي اكتسبها فريق العمل الوطني، والتي تؤهله لقيادة عمليات بناء قطاع فضائي متقدم ومستدام في الدولة، باعتباره من أهم ركائز التقدم العلمي في المستقبل، وهذا الفريق هو أمل دولة الإمارات في هذا الشأن خلال المرحلة المقبلة، بما تراكم لديكم من خبرات علمية مهمة بعملهم في هذا المشروع العالمي النوعي.
ومنذ وصوله بنجاح إلى المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، يخضع «مسبار الأمل» لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق، وتستغرق هذه العمليات 50 يوم عمل، وتتضمن تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بنحو 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، وفحص خزان الوقود، والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، إضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم، ونقل المسبار إلى منصة الإطلاق، وتركيب المسبار على الصاروخ الذي سيحمله إلى الفضاء، وشحن بطاريات المسبار للمرة الأخيرة.
وتوجد حالياً مجموعة من الكوادر الإماراتية الشابة لقيادة عمليات التجهيز، والإشراف على كل جانب من جوانب إعداد المسبار للانطلاق في مهمته الفضائية التاريخية. كما سيكون أحد الكوادر الإماراتية الشابة، عمر الشحي، ضمن فريق العمل المشرف على عمليات إطلاق المسبار إلى الفضاء عبر الصاروخ H-IIA «إتش 2 إيه».
يشار إلى أنه وبسبب تفشي وباء كورونا في العالم، وتنفيذاً للتدابير الصحية الاحترازية التي اتخذها معظم دول العالم لمكافحة الفيروس، كان قد تم تقسيم فريق عمل نقل «مسبار الأمل» إلى ثلاثة فرق للتغلب على التحديات المرتبطة بعمليات النقل، وللالتزام بالخطة الزمنية المحددة سلفاً، ووصل الفريق الأول إلى اليابان بتاريخ السادس من أبريل 2020، وخضعوا بعدها للحجر الصحي، ثم خرجوا منه ليكونوا في استقبال المسبار، بينما وصل الفريق الثاني مع المسبار يوم 21 أبريل، وأعضاء هذا الفريق حالياً موجودون ضمن الكوادر الوطنية في القاعدة الفضائية، بعد انقضاء فترة خضوعهم للحجر الصحي لمدة أسبوعين، أما الفريق الثالث الاحتياطي فموجود حالياً في دولة الإمارات، وهو على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والمساندة العاجلة حال اقتضت الضرورة.
83 ساعة من دبي إلى اليابان
امتدت رحلة نقل «مسبار الأمل» من دبي إلى موقع الإطلاق للفضاء في جزيرة تانيغاشيما في اليابان، لأكثر من 83 ساعة، ومرت بثلاث مراحل رئيسة بالغة الدقة، استوجبت تفعيل إجراءات علمية محددة، وتوفير الشروط اللوجستية المتكاملة لضمان إنجاز عملية نقل المسبار على النحو الأمثل.
وشملت المرحلة الأولى تجهيز ونقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى مطار آل مكتوم الدولي بدبي، واستمرت 16 ساعة، وامتدت المرحلة الثانية من مطار آل مكتوم الدولي في دبي إلى مطار ناغويا في اليابان 11 ساعة، وشملت تحميل المسبار ومعدات الدعم الأرضية إلى طائرة النقل العملاقة الخاصة بالدعم اللوجستي من طراز «أنتونوف 124» العملاقة، وهي أكبر طائرة شحن في العالم، أما المرحلة الثالثة، فامتدت من مطار ناغويا إلى موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما، وشملت إنزال المسبار من الطائرة وفحصه والتأكد من سلامته، ثم نقله براً من المطار إلى ميناء شيماما، وبعدها نقله بحراً إلى جزيرة تانيغاشيما، حيث امتدت الرحلة 56 ساعة، وبعد وصوله من الميناء المتخصص في الجزيرة، عمل الفريق في موقع الإطلاق على تنزيل وفحص المسبار قبل البدء بعمليات التجهيز للإطلاق.
- موعد الإطلاق المرتقب 15 يوليو المقبل عند الساعة 00:51:27 بعد منتصف الليل بتوقيت الإمارات.
- منذ وصول «مسبار الأمل» إلى المحطة الفضائية في اليابان يخضع لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق.