محمد بن راشد: المرحلة المقبلة تتطلب الاستثمار العلمي الموجه في ثروتنا البشرية
أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن «مسبار الأمل» قد قطع نحو خمس المسافة المقررة إلى الكوكب الأحمر، بعد شهر من انطلاقه في رحلته التاريخية إلى المريخ، كأول مهمة لاستكشاف الفضاء الخارجي تقودها دولة عربية.
نائب رئيس الدولة: - «خلال أقل من 170 يوماً سنحتفي بدخول المسبار الإماراتي مدار الكوكب الأحمر». - «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يحدث نقلة نوعية في قطاعات الصناعات الفضائية في الدولة». |
ونشر سموه على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» صورة التقطها «مسبار الأمل» بواسطة جهاز تتبع النجوم، مغرداً سموه بالقول: «اليوم تجاوز المسبار 100 مليون كم في رحلته للكوكب الأحمر.. المريخ أمامنا وكوكبا زحل والمشتري خلفنا كما في الصور.. الوصول المتوقع فبراير 2021 بإذن الله.. وحفظه.. وتوفيقه.. الوصول لأهدافنا يتطلب أن لا نلتفت».
وقال سموه: «خلال أقل من 170 يوماً سنحتفي بإذن الله بدخول المسبار الإماراتي مدار الكوكب الأحمر، وستصنع الإمارات فصلاً مدهشاً في تاريخ البعثات المريخية في العالم».
وأضاف سموه: «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سيحدث نقلة نوعية في قطاعات الصناعات الفضائية في دولة الإمارات.. وسيفتح آفاقاً علميةً جديدةً نحو مهمات فضائية أخرى».
ولفت سموه إلى أن «المرحلة المقبلة في مسيرتنا التنموية تتطلب الاستثمار العلمي الموجه في ثروتنا البشرية.. نريد عقولاً إماراتية تقودنا إلى المستقبل من بوابة التفوق العلمي والمعرفي».
وأنهى «مسبار الأمل» الإماراتي، أمس، ما يزيد على 20% من المسافة المقرر أن يقطعها للوصول إلى مداره بـ«الكوكب الأحمر»، بعدما اجتاز 100 مليون كيلومتر، خلال فترة لم تتجاوز 35 يوماً منذ انطلاقه يوم 20 يوليو الماضي، فيما يتبقى أمامه 393.5 مليون كيلومتر أخرى يقطعها على مدار الشهور الستة المقبلة، ليستقر في مداره المحدد، والذي سيكون مداراً بيضاوياً.
وبحسب مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، فإن المسبار يقوم خلال رحلته الفضائية، بتغيير موضعه من وقت لآخر، من أجل توجيه ألواحه الشمسية باتجاه الشمس بهدف شحن بطارياته، وإعادة توجيه لاقط الموجة الخاص به باتجاه كوكب الأرض، بهدف المحافظة على الاتصال مع مركز العمليات والمراقبة.
- «مسبار الأمل» يحدد موقعه بدقة بشكل دائم للتمكن من الاتصال بكوكب الأرض. - «مسبار الأمل» ينهي 20% من رحلته إلى الكوكب الأحمر في 35 يوماً. |
ويقوم المسبار بتحديد موقعه بدقة في الفضاء بشكل دائم، للتمكن من الاتصال بكوكب الأرض، من خلال توجيه اللاقط الخاص به صوب الأرض، ولهذا يعتمد المسبار على مجسّات تعقّب النجوم مستخدماً أنماط التجمعات النجمية، فيما يشبه إلى حد كبير الأسلوب الذي اعتاده البدو أو البحارة في قديم الزمان للاستدلال على طريقهم.
ووفقاً للجدول الزمني، ففي بداية عام 2021 سيقترب المسبار كثيراً من كوكب المريخ، وستكون تلك لحظة حاسمة تحبس فيها الأنفاس، لمسؤولي هذا المشروع والملايين من متابعيه، حيث سيَتعيّن على المسبار استخدام دافعاته كفرامل ليخفف سرعته، متأهباً للدخول إلى مدار كوكب المريخ، وتكمن صعوبة هذه اللحظة في أن المسبار في ذلك الوقت سيكون بعيداً لدرجة تتأخر معها الإشارات اللاسلكية من 13 إلى 20 دقيقة لتصل كوكب الأرض، الأمر الذي يجعل من عملية التحكم اللحظي بالمسبار، أمراً غير ممكن، ولهذا السبب تم تصميم برمجيات المسبار بحيث يكون ذاتي التحكم قدر المُستطاع، وقادراً على اتخاذ القرار لتصحيح مساره دون الحاجة إلى أي تدخل بشري لحظي.
وفور وصول «مسبار الأمل» إلى محطته النهائية على مدار المريخ، سيتخذ مداراً بيضاوياً حول الكوكب الأحمر، على ارتفاع يراوح ما بين 20 ألفاً و43 ألف كيلومتر، يستغرق فيه المسبار 55 ساعة لإتمام دورته الأولى الكاملة حول المريخ.
ويُعد المدار الذي اختاره فريق الإمارات لاستكشاف المريخ مبتكراً للغاية وفريداً من نوعه، كونه سيسمح لـ«مسبار الأمل» بإمداد المجتمع العالمي بأول صورة على الإطلاق لديناميكيات الغلاف الجوي لكوكب المريخ وطقسه على مدار ساعات اليوم وطوال أيام الأسبوع.
ومع كل انتقالة للمدار، سيتمكّن المسبار من تعقّب المواقع المختلفة من مداريه الأسفل والأعلى، وسيتم في نهاية المطاف، جمع البيانات لتكوين صورة متكاملة لتلك المواقع على امتداد 24 ساعة (نهاراً وليلاً)، إلّا أن الأمر قد يتطلب ثلاث دورات مدارية لأي موقع محدد من أجل تكديس معطيات الدورة النهارية الكاملة.
وأفاد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، بأن «مسبار الأمل» سيمر بأربع مراحل، منذ إطلاقه وحتى نهاية مهامه المحددة، أولها الرحلة الفضائية التي بدأت من يوم انطلاقه في يوليو الماضي، حتى بداية عام 2021، ثم مرحلة الوصول إلى مداره في كوكب المريخ، والمتوقعة في فبراير المقبل، ليبدأ بعدها المرحلة الثالثة، والمتمثلة في بدء مهامه العلمية التي ستتواصل على مدار عامين، تليها آخر مراحل الجدول الزمني للمسبار، المخصصة لما يسمى بـ«العمليات العلمية الممتدة» التي ستستمر حتى عام 2024.
وأوضح المشروع أن مهمة «مسبار الأمل» على الكوكب الأحمر محدد لها مدة زمنية تصل إلى «سنتين مريخيتين»، بما يوازي أربع سنوات أرضية، إذ إن السنة على كوكب الأرض تساوي 365 يوماً، وهي الرحلة التي تستغرقها الأرض للدوران حول الشمس دورة واحدة، بينما في حالة كوكب المريخ بما أنه أبعد من الشمس، فيستغرق وقتاً أطول للدوران حول الشمس، يصل إلى 687 يوماً أرضياً.
ويهدف «مسبار الأمل» إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية رئيسة، الأول تحسين جودة الحياة على الأرض من خلال اكتشاف المريخ، باعتباره الكوكب الأكثر تشابهاً للأرض، والثاني رفع مستوى الكوادر والكفاءات الوطنية في مجال استكشاف الفضاء وبناء المعرفة العلمية لاقتصاد المستقبل، بينما الأخير، تشجيع التعاون الدولي باستكشافه كوكب المريخ، للإجابة عن الأسئلة التي تعالجها المهمات السابقة.
6 مهام علمية دقيقة
خلال تواجد «مسبار الأمل» على مدار المريخ سيقوم بتنفيذ ست مهام علمية دقيقة، تشمل تكوين فهم أعمق حول التغيرات المناخية على سطح كوكب المريخ، رسم خارطة توضح طبيعة طقسه الحالي عبر دراسة الطبقة السفلى من غلافه الجوي، مراقبة الظواهر الجوية (مثل العواصف الترابية والتغيرات في درجة الحرارة)، دراسة تأثير التغيرات المناخية في تشكيل ظاهرة هروب غازي الأوكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية. كما تشمل قائمة المهام إنشاء أول صورة عالمية لكيفية تغير جو المريخ خلال النهار وبين الفصول، كشف أسباب تآكل سطح المريخ والبحث عن الروابط بين طقس اليوم والمناخ القديم للكوكب الأحمر، على أن يساعد المسبار بإنجازه هذه المهام، على معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للحياة على سطح المريخ، وما هو مستقبل كوكب الأرض، وكيف يمكن الحفاظ على الحياة فيه.