محمد بن راشد يطلق مهمة الإمارات لاستكشاف القمر
استكمالاً لاستراتيجية دولة الإمارات في استكشاف الفضاء الخارجي، وتعزيزاً لريادتها العلمية في مجال علوم وأبحاث الفضاء في المنطقة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، أول مهمة عربية علمية لاستكشاف القمر، في سابقة تدعم جهود الدولة في الارتقاء بقطاع الصناعات الفضائية في المنطقة وتطويره وتمكينه للمساهمة في صناعة المستقبل بعقول وسواعد إماراتية مبتكرة.
ويدخل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر ضمن الاستراتيجية الجديدة التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء (2021-2031)، حيث يشمل المشروع تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي للقمر تحت اسم (راشد)، على اسم المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني دبي الحديثة.. وسوف يتم تصميم المستكشف وبنائه بجهود إماراتية 100%، لتكون دولة الإمارات بذلك رابع دولة في العالم تشارك في مهام استكشاف القمر لأغراض علمية، بعد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي (سابقاً) والصين، وأول دولة عربية تقوم بمهمة فضائية لاستكشاف سطح القمر من خلال مستكشف سيطوره فريقٌ من المهندسين والخبراء والباحثين الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء، وسيتم التعاون مع حليف دولي سيتم اختياره لدعم المستكشف الإماراتي في عملية الهبوط على سطح القمر.
وفي هذا الخصوص، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أنه «من خلال استكشاف القمر نكتب فصلاً جديداً ملهماً في سجل إنجازاتنا كدولة سقف طموحاتها الفضاء وأبعد».
ولفت سموه بالقول: «اخترنا إطلاق اسم المغفور له الشيخ راشد على المستكشف الإماراتي للقمر تكريماً لباني نهضة دبي وأحد صناع دولة الإمارات.. المشروع الوطني والإنساني الأكبر والأجمل في المنطقة».
وختم سموه: «مشروعنا الفضائي ضخم، لدينا الإرادة وحسن الإدارة.. ولدينا ثروة بشرية من كوادر علمية وبحثية وهندسية شغوفة.. والمستقبل الذي ينتظرنا حافل بالإنجازات والابتكارات.. والقادم أفضل وأجمل».
أهداف علمية
وينطلق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر من أهداف علمية تشمل تطوير تقنيات الروبوتات الخاصة بأنظمة مركبات الاستكشاف، ودراسة مواقع جديدة لأول مرة على سطح القمر، إضافة إلى دراسة وتحليل الغبار على سطح القمر.
وتشمل مهام المستكشف الإماراتي إجراء اختبارات لدراسة جوانب مختلفة من سطح القمر، بما في ذلك التربة القمرية، والخصائص الحرارية للهياكل السطحية، والغلاف الكهروضوئي القمري، وقياسات البلازما والإلكترونيات الضوئية وجزيئات الغبار الموجودة فوق الجزء المضيء من سطح القمر.
وخلال فترة المهمة، سيجوب المستكشف الإماراتي سطح القمر، متنقلاً في مواقع جديدة لم يسبق دراستها من قبل، حيث سيقوم بالتقاط بيانات وصور نادرة، ثم إرسالها إلى محطة التحكم الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، إضافة إلى اختبار أجهزة ومعدات تقنية تتم تجربتها للمرة الأولى، تتعلق بالروبوتات والاتصالات والتنقل والملاحة، بهدف تحديد مدى كفاءة عملها في بيئة القمر القاسية.
منصة مثالية
وسيهبط المستكشف الإماراتي في منطقة لم يختبرها أيٌّ من مهمات استكشاف القمر السابقة، وبالتالي فإن البيانات والصور التي سيوفرها ستكون حديثة وجديدة وذات قيمة عالية.. وخلال فترة التجربة سيقوم المستكشف بجمع البيانات المتعلقة بالمسائل العلمية مثل أصل النظام الشمسي وكوكبنا والحياة.
ويُعد القمر منصةً مثاليةً لاختبار التقنيات والمعدات الجديدة التي سيتم استخدامها مستقبلاً في بعثات استكشاف الفضاء الخارجي ومنها المريخ، حيث يتيح الهبوط على سطح القمر اختبار تعرض أجهزة الاستشعار وغيرها من التقنيات لبيئة الفضاء لفترات طويلة.. وسيختبر المستكشف تقنيات جديدة على سطح القمر، كونه البيئة الأمثل لمثل هذه الاختبارات، كما أنه أقرب إلى الأرض، ما سيساعد على اختبار قدرات الإمارات قبل الانطلاق في مهمات استكشافية مأهولة إلى المريخ.
مواصفات تقنية
ويتميز المستكشف الإماراتي بعدد من المزايا والمواصفات التقنية العالية الجودة والكفاءة، حيث سيتم تزويده بكاميرات ثلاثية الأبعاد، ونظام تعليق وأنظمة استشعار واتصال متطورة، وهيكل خارجي وألواح شمسية لتزويده بالطاقة.
وسيعمل بالاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، وسيضم 4 كاميرات تتحرك عمودياً وأفقياً، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا المجهر، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر.. كما سيتضمن نظاماً لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكلاً متيناً لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة.
خطة زمنية
ويعمل فريق المهندسين والباحثين في مركز محمد بن راشد للفضاء من الكوادر الوطنية على الانتهاء من وضع التصميم الهندسي لمستكشف القمر الإماراتي في عام 2021، على أن يتم تصنيع النموذج الهندسي عام 2022، وإجراء التجارب والاختبارات الأولية لتطوير النموذج الأولي عام 2023، على أن يتم إطلاق مستكشف القمر في عام 2024 في فترة قياسية أخرى تضاف إلى إنجازات الدولة الفضائية.
وفي هذا الشأن، قال رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء حمد عبيد المنصوري: مشروع الإمارات لاستكشاف القمر يعبّر عن إرادة دولة الإمارات في إكمال مسيرة العلم والمعرفة وصولاً إلى الفضاء، وفق رؤية قيادة رشيدة حكيمة تدعم الطموح العلمي وتحفز على الإنجازات، وتفكر بالمستقبل وتسعى إلى خير وريادة وتميز الوطن.. وتثبت دولتنا اليوم أنها دولة طموحة، ذات رؤية استشرافية وتطلعات مستقبلية، تعيش حراكاً تنموياً متواصلاً، لا يعرف التراجع أو التباطؤ، ولا حدود لإنجازاته.. ومن خلال هذا المشروع، تُضيف الإمارات فصلاً جديداً في تاريخ البعثات الفضائية إلى القمر، وتدخل التاريخ في سباق العقول، لتؤكد مكانة الدولة وسمعتها في خدمة البشرية.
وأضاف المنصوري: مشروع الإمارات لاستكشاف القمر مؤشر إضافي على الإمكانات والخبرات التي يتحلى بها شبابنا في الوطن العربي بشكل عام، والشباب المواطن بشكل خاص، وهو مشروع يجسد روح الابتكار والتقدم العلمي الذي يميزنا في دولة الإمارات، ويعكس عظمة أحلامنا وريادة أبنائنا وحكمة قيادتنا وعزيمة أبطالنا ومكانة دولتنا كمركز عالمي لعلوم الفضاء.. نحن ماضون في طريق العلم والمعرفة كخيار استراتيجي لبناء مستقبل الإمارات.
في السياق ذاته، قال المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء يوسف حمد الشيباني: مشروع الإمارات لاستكشاف القمر دلالة واضحة على ترسيخ القيادة الرشيدة لثقافة الريادة والعمل، مبرهنةً يوماً بعد آخر بأن السر ليس في وفرة الموارد، وإنما القدرة على إدارة هذه الموارد وتوجيهها بما يخدم تحقيق أهدافنا.. وقد ركزت القيادة على الاستثمار في مستقبل الدولة، ونجحت في دفع مسيرة المعرفة في قطاع الفضاء.
وأضاف الشيباني: يُعتبر مشروع الإمارات لاستكشاف القمر بمثابة إعادة هيكلة الواقع العلمي العربي، وتطويره اقتداء بإرث العلماء العرب الذي صاغوا على مدى القرون الماضية النهضة العلمية العربية في مختلف العلوم والمجالات. ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر سيسهم في رفد المجتمع العلمي بمعارف وخبرات جديدة وكنز من البيانات العلمية، التي ستسهم في تعزيز مكانة الدولة على الساحة العلمية الدولية، لافتاً إلى أن «وجود إسم الإمارات كدولة عربية بين الدول القليلة في العالم التي أطلقت مهمات علمية إلى القمر يؤكد أن منطقتنا العربية تمتلك الكثير من الإمكانات، وتسعى للريادة وتريد التغيير الإيجابي وصناعة الإنجازات العلمية بالإرادة والعزيمة».
من جهته، قال مدير «برنامج المريخ 2117» في مركز محمد بن راشد للفضاء عدنان الريس: مشروع الإمارات لاستكشاف القمر هو خطوة محورية تمهد الطريق أمام تحقيق استراتيجية المريخ 2117.. وسيقدم المشروع إجابات ومعلومات تحدد سير مهمتنا في استكشاف المريخ وتفيد المعرفة البشرية، مشيراً بالقول: نعلم علم اليقين أن المشروع الذي نطلقه اليوم ليس سهلًا على الإطلاق، وينطوي على كثير من التحديات، إلا أن كل مخاطرة لنا هي فرصة جديدة للتعلم، كما أن تطوير المعارف المحلية عبر مشروعات عملية هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا، لأننا قادرون على تحويل التحديات لفرص كما علّمنا قادتنا.
وأضاف الريس: ومن المتوقع أن يرسل المستكشف على الأقل 1000 صورة تتضمن صوراً للهبوط على سطح القمر، والصور السطحية الأولى، وصوراً ليلية للأرض، وصوراً حرارية، وصوراً ذاتية، إضافة إلى إرسال بيانات الملاحة، التي تتضمن وقت الرحلة وبيانات التضاريس السطحية على سطح القمر، وبيانات وحدة القياس بالقصور الذاتي (IMU)، ودرجات الحرارة، واستهلاك الطاقة.
تحديات بيئة القمر
ومن المتوقع أن يواجه المستكشف الإماراتي العديد من التحديات المتعلقة بالبيئة الصعبة على سطح القمر، حيث يمتاز القمر ببيئة أقسى من بيئة المريخ، درجة الحرارة فيها تصل إلى 173 درجة مئوية تحت الصفر، في حين تبرز خصائص التربة القمرية الصعبة، والخصائص الحرارية للهياكل السطحية وغيرها من العوامل التي قد تشكل تحديات أمام مهمة المستكشف.
وينصب تركيز الفريق العلمي من الخبراء والمهندسين في مركز محمد بن راشد للفضاء على تطوير مستكشف قادر على تخطّي العقبات المحتملة التي تشمل صعوبة الهبوط على سطح القمر، الذي يعتبر من أصعب مهمات استكشاف الفضاء بسبب الدقة التي تتطلبها إنجاح العملية، حيث تبلغ نسبة النجاح فيها 45% فقط.. وتبرز كذلك تحديات تقنية أخرى بالإضافة إلى بيئة القمر القاسية.. وفي حال نجحت مهمة الهبوط المقررة في السنوات القليلة المقبلة، سيكون المستكشف الإماراتي الرابع الذي يهبط على سطح القمر، وبذلك تنضم دولة الإمارات العربية المتحدة الى مجموعة الدول التي تشارك بمهام استكشاف القمر بعد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي والصين.
وسيقوم المستكشف الإماراتي خلال مهمته بإجراء اختبارات علمية عديدة على سطح القمر تسهم في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات.. ولا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره الى العديد من القطاعات الأخرى كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات، وغيرها من القطاعات ذات الصلة.
استراتيجية 2021 - 2031
يشكل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر مشروعاً وطنياً طموحاً، يندرج تحت الاستراتيجية الجديدة التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء (2021-2031)، بحيث ترسم خطة عمل المركز خلال العقد المقبل، بغية تعزيز تنافسية قطاع الصناعات الفضائية في الإمارات، إقليمياً وعالمياً، وإعداد وتأهيل القدرات الإمارات في علوم الفضاء وتقنياته، وبناء مجمع خبروي من المواهب الإماراتية والعربية والعالمية في مجال استكشاف الفضاء الخارجي والصناعات ذات الصلة، يكون مركزه دولة الإمارات، وبناء شراكات استراتيجية عالمية في هذه المجال.
ويعتبر هذا المشروع امتداداً لرؤية دولة الإمارات لابتعاث نهضة علمية عربية في المنطقة، وتعزيز المكتسبات التي حققتها الدولة في قطاع الفضاء على مدى العقود الماضية، بدءاً من بناء الأقمار الاصطناعية وحتى إطلاق مسبار الأمل إلى المريخ، في أول مهمة عربية علمية لاستكشاف المريخ.. كما يسهم المشروع في تحقيق رؤيتها الطموحة لتكون في مصاف المراكز العالمية المختصة بدراسة وتطوير علوم الفضاء، وجعلها قبلةً للعلماء والباحثين عبر توفير ثروة من البيانات والمصادر المعرفية والعلمية مجاناً، بما يسهم في تعميم الفائدة وخدمة البشرية.
وتشمل محاور استراتيجية مركز محمد بن راشد للفضاء للسنوات العشر المقبلة «مسبار الأمل»، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ الجاري قدماً، الساعي إلى توفير ذخيرة غير مسبوقة من البيانات العلمية بحيث ستكون في متناول أكثر من 200 مؤسسة أكاديمية وبحثية علمية حول العالم، كما تشمل «استراتيجية المريخ 2117» التي توظف أحدث ما توصلت إليه المعرفة البشرية لاستكشاف الفضاء الخارجي.
كذلك، تضم محاور الاستراتيجية برنامج تطوير الأقمار الاصطناعية، لتعزيز خبرات هذه الصناعة على المستوى الوطني، واستدامة توفير البيانات من خلال أقمار اصطناعية إماراتية، مثل خليفة سات، وغيرها من الأقمار الاصطناعية التي سيقوم المركز بتطويرها، علاوة على رفع كفاءة شبكات الأقمار الاصطناعية، والتقنيات الفضائية المتقدمة المطورة محلياً.
وتشمل الاستراتيجية كذلك برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بالشراكة مع وكالة «ناسا»، لإعداد وتأهيل رواد الفضاء الإماراتيين، وتعزيز خبراتهم لمهام فضائية مستقبلية، ودعم تحقيق تطلعات الدولة في قطاع الفضاء.
كما تضم برنامج استدامة قطاع الفضاء الإماراتي، أكاديمياً واقتصادياً، بالشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة التربية والتعليم، وجامعة دبي، ونخبة من المؤسسات المتخصصة في صناعات الطيران والفضاء، لما فيه دعم مركز للإبداع والتطوير، وبرنامج رواد الأعمال في الفضاء، وإلهام أكثر من 22 ألف طالب وطالبة في مجال الفضاء، والمساهمة في جعل دولة الإمارات، وجهة للخبراء في تقنيات الفضاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news