محمد بن راشد: يوم الثاني من ديسمبر أعز أيامنا وأغلاها
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن يوم الثاني من ديسمبر سيظل أعز أيامنا وأغلاها، وقال إنه «اليوم الذي انتصرت فيه الحكمة والمبادئ والغايات الشريفة.. واليوم الذي جسد فيه آباؤنا المؤسسون قوة وكرامة وفضائل وخصال أبناء الإمارات.. وهو اليوم الذي توج كفاح أسلافنا وصمودهم ونجاحهم في الحفاظ على أرضنا».
- «لم تغير الجائحة ولا الجمود الاقتصادي العالمي من نهجنا في مساعدة الدول الأقل حظاً». - «2020 كان عام الاختبار الصعب للدول، وأحمد الله سبحانه وتعالى على نجاح دولتنا بامتياز». - «(الاتفاق الإبراهيمي) أوقف قضم أراضي أشقائنا الفلسطينية، وفتح لهم أفقاً نحو تحقيق دولتهم المستقلة». - «كل نجاح يتحقق في بلد عربي يمثل قوة مضافة لصالح العالم العربي بأسره». - «وضعنا خبراتنا المكتسبة بتصرف أشقائنا، ونسعى لرفعة ونهوض عالمنا العربي، فنحن منه وهو منا». - نريد أن يشهد 2021 الانطلاقة الكبرى للأعوام الخمسين المقبلة.. نريد أن تكون دولتنا الأكثر تميزا والأفضل في نوعية الحياة. |
وقال سموه في كلمة وجهها عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة اليوم الوطني الـ49: «أهنئكم بحلول الذكرى التاسعة والأربعين لتأسيس اتحادنا وقيام دولتنا.. وأتوجه معكم بالتهنئة لأخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وولي عهده نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حفظهم الله جميعاً».
وأضاف سموه: «اليوم وروح الاتحاد تسري في أرجاء وطننا ونفوس مواطنينا، نستذكر بفخر واعتزاز والدنا ورمزنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما حكام الإمارات، طيب الله ثراهم جميعاً، وأثابهم على ما قدموا لوطننا وشعبنا وأمتنا.. إن تراث آبائنا خالد وحي مادامت على الأرض حياة. يعيش فينا زارعاً روح الطموح والتفاؤل، ومحفزاً على الإنجاز، ومقوياً عزيمتنا في مواجهة التحديات، ودافعاً مسيرة وطننا إلى الأمام والمجد والعلا».
وأشار سموه: «لقد كان هذا العام 2020 استثنائياً بما حفل به من مفاجآت وغموض وتحديات.. كان العام الذي وحد فيه القلق والتحسب، وأحياناً الذهول والخوف، 7.7 مليارات نسمة هم سكان المعمورة، فتأكدت وحدة مصير البشر كما لم تتأكد من قبل.. فيروس مجهول متناهي الصغر أودى حتى الآن بحياة حوالي 1.4 مليون إنسان، وأصاب نحو 60 مليوناً، والأرقام في تصاعد.. وقلب الاقتصاد العالمي رأساً على عقب، وعرقل السفر وحركة الطيران وسلاسل إمداد الغذاء والدواء والسلع، وأربك عمل الحكومات والأسواق والشركات، وفرض إجراءات الحظر والإغلاق في كل مكان».
وأضاف: «كان عام الاختبار الصعب للدول، والامتحان الكاشف لجدارة حكوماتها، وفاعلية مؤسساتها، ونجاعة إجراءاتها، وكفاءة استعدادها لمواجهة الأوبئة والكوارث وما يترتب عليها.. أحمد الله سبحانه وتعالى على نجاح دولتنا في هذا الاختبار بامتياز، وتفوق حكومتنا ومؤسساتنا واستعداداتنا لمكافحة الأوبئة والكوارث.. وهو تفوق شهد له العالم ومنظماته المتخصصة».
وأكد سموه: «ولم يأتِ هذا النجاح صدفة أو بضربة حظ فهو الابن الشرعي لنموذجنا الإماراتي الذي يحسن استشراف المستقبل ويضعه في قلب استراتيجياته وخططه، ويعد لكل أمر عدته، ويتحسب للطوارئ وكل الاحتمالات وأسوئها.. ويحرص على تمتع حكوماته ومؤسساته بالفاعلية والمرونة والقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.. لقد ارتقى أداؤنا حكومة وشعباً إلى مستوى خطورة الجائحة.. استجاب مجتمعنا لإجراءات الوقاية كما يجب.. وخاضت مؤسساتنا المعنية حرباً على الجائحة».
وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «لقد غيرت الجائحة أنماط حياة البشر وطرق عملهم.. واستطعنا التكيف بسرعة ويسر مع الأنماط الجديدة.. أرست الحكومة نظام العمل عن بعد ومارسته بنجاح.. وامتد النجاح إلى مؤسسات التعليم وشركات القطاع الخاص. والفضل في ذلك يعود لثلاثة أمور: أولها فاعلية الحكومة ومرونتها وكفاءة كوادرها وقدرتهم على اتخاذ القرار بسرعة وحسم، وثانيها تحولنا المبكر منذ عقدين لحكومة إلكترونية، ثم تطويرها إلى حكومة ذكية، وثالثها امتلاكنا بنية تحتية رقمية متطورة تضاهي أفضل الموجود في العالم».
وقال سموه: «هكذا تواصلت أعمالنا بوتائرها المعتادة، وأحياناً بوتائر أسرع، ومضينا قدماً في تنفيذ برامج عام الاستعداد للخمسين، وأعدنا هيكلة الحكومة باتجاه يحقق السرعة في اتخاذ القرار، ويعظم القدرة على مواكبة المتغيرات واغتنام الفرص المصاحبة لها، بما يعزز منجزات وطننا ومكتسباته».
وأضاف سموه: «كما مضينا قدماً في تنفيذ مشاريعنا الاستراتيجية وفق البرامج الزمنية الموضوعة، فتم تشغيل محطة براكة النووية، وإطلاق مسبار الأمل والقمر الصناعي مزن سات، ودشنا مركز الأبحاث الطبية لتأهيل جيل جديد من الباحثين في المجال الطبي، وإنتاج لقاحات فعالة ضد الأوبئة، وإجراء بحوث تعنى بالأمراض المنتشرة في بلدنا».
وأكد سموه: «لم تغير الجائحة ولا الجمود الاقتصادي العالمي من نهجنا في مساعدة الدول الأقل حظاً ودعم جهودها في مواجهة الجائحة.. وقد قدمت دولتنا مساعدات طبية وإغاثية لأكثر من 100 دولة، وأكدنا خلال مشاركتنا في قمة مجموعة العشرين التزام دولة الإمارات الكامل بمساندة كل جهد هدفه تحقيق مصلحة الإنسان أينما كان، ومعاونة البشرية على العبور إلى مرحلة جديدة عامرة بالأمل بعد التغلب على جائحة تسببت في عرقلة جهود التنمية العالمية».
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن «العمل المشترك هو السبيل الأمثل لتخطي التحديات الراهنة وتجاوز تداعياتها السلبية، ودعونا إلى توحيد العزائم والإرادات لتمكين المجتمعات، لاسيما الأقل حظاً، من تجاوز هذه التحديات وتخطيها لتستطيع مواصلة التنمية وتلبية الحاجات الأساسية التي تضمن أبسط أشكال الحياة للإنسان، فقضايانا العالمية المشتركة مثل تمكين المرأة وتوفير الرعاية الصحية، وتغير المناخ، وتوفير تعليم منخفض التكلفة، ومواجهة قضايا الأمن الغذائي والمائي لا يمكن علاجها من دون أن تعمل دول المجموعة كيدٍ واحدة وبعزيمة واحدة، وإرادة دولية موحدة».
وأشار سموه: «تعلمنا من آبائنا ومن خبراتنا أن تبني الأفكار وطرق العمل الجديدة، ليس أمراً صعباً، إنما الصعوبة تكمن دائماً في الخروج من الأفكار القديمة وطرق العمل المعتادة، فالناس عادة يطمئنون لما عرفوا وخبروا، ويتحسبون للجديد وربما يخافونه.. وكانت ثقتنا بشعبنا وثقة شعبنا بقيادته العامل الأهم في تجاوز هذه الصعوبة، وقد نجحنا بنهج التدرج في التوفيق بين تقاليدنا ومقتضيات التطوير والتحديث».
وأكد سموه: «الثقة المتبادلة بين شعبنا وقيادته، ورسوخ ثقافة التغيير والتطوير ومواكبة الجديد في مجتمعنا، ستفتح لوطننا أبواب الأعوام الخمسين المقبلة على اتساعها، وستمكن شبابنا وشاباتنا وأجيالنا الصاعدة من تحقيق رؤيتنا لمئوية الإمارات، بأن تكون دولتنا في الصفوف الأولى بين دول العالم الأكثر تقدماً وازدهاراً».
وأشار سموه: «بعد أقل من شهر يحل العام 2021، ونقترب أكثر من عيدنا الوطني الخمسين.. نريد أن يشهد العام 2021 الانطلاقة الكبرى للأعوام الخمسين المقبلة.. نريد أن تكون دولتنا الأكثر تميزاً والأفضل في نوعية الحياة.. وسنواصل تهيئة كل القطاعات لمرحلة ما بعد النفط، ببناء اقتصاد معرفي حقيقي أساسه الابتكار والإبداع والعلوم والتكنولوجيا الحديثة والاستثمار في العقول والكفاءات النوعية».
وقال سموه: «إن التقدم الذي أحرزته دولتنا يسعدنا ويملأنا بمشاعر الفخر والرضا، لكنه لا يكفينا.. نريد تقدماً مماثلاً لأشقائنا العرب.. فكل نجاح يتحقق في بلد عربي يمثل قوة مضافة لصالح العالم العربي بأسره. ومنذ تأسيس دولتنا ونحن نسعى في دروب الخير لأمتنا.. كنا دائماً جزءاً من الإجماع العربي، وسعينا دائماً لوحدة الصف، وبادرنا لمساعدة كل من قصرت إمكانياته عن تلبية احتياجات التنمية في بلده.. وأطلقنا مبادرات تلو مبادرات لتمكين الشباب العربي معرفياً وعلمياً وإدارياً وثقافياً.. ووضعنا خبراتنا المكتسبة بتصرف أشقائنا، وسنظل نسعى لرفعة ونهوض عالمنا العربي، فنحن منه وهو منا».
وأوضح سموه: «يحتاج عالمنا العربي أن يفكر بلغة ومعطيات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وأن يدرك عمق المتغيرات السياسية والاقتصادية والقيمية التي اجتاحت عالمنا في السنوات الأخيرة، وأن يستشرف المستقبل ويتعرف على محركات التنمية فيه، وأن يوقن يقيناً تاماً بأن الوسائل القديمة وأنماط العمل والتفكير القديمة لن تفضي إلى نتائج جديدة، بل ستعيد إنتاج القديم ومعظمه لا يسر ولا يبني تنمية مستدامة، ولا يصنع سلاماً ولا أمناً ولا استقراراً».
وأكد سموه: «لم يعد مقبولاً إلقاء مسؤولية الفشل على الغير وعلى المؤامرات والتدخلات الخارجية.. فمنذ قرون وإقليم الشرق الأوسط محل لاهتمام القوى الكبرى، وقد تعمق هذا الاهتمام بعد الحرب العالمية الأولى وزادت تأثيراته، مما جعل الأمن والاستقرار في الإقليم جزءاً من الأمن والاستقرار الدوليين. هذه الحال ألقت بأثقالها على دول الإقليم، ووضعتها أمام أحد خيارين: إما استثمار هذا الاهتمام الدولي بما يعزز تنميتها وأمنها، أو ترك تأثيراته ومنافساته تتحكم في سياقات الأحداث وتطوراتها وسبل إدارتها».
كما أكد: «صحيح أن الوضع الدولي يتسم الآن بالغموض، وأن النظام الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة يحتاج إلى مزيد من الفاعلية، وأن التدافع يغلب على العلاقات بين الدول الكبرى، وأن ذلك كله ينعكس على إقليمنا ويعقد قضاياه ونزاعاته، ويصعب علاجها وإيجاد حلول لها.. لكن الصحيح أيضاً أن هذا الوضع ليس مبرراً لبقاء الإقليم في حال الانتظار للتطورات في الوضع الدولي، وليس مدعاة للقعود عن السعي الجاد لمعالجة قضايا الإقليم ومشاكله المزمنة، بخاصة وأن معظمها حجب وراءه حقوق الناس في التنمية والاستقرار والعيش الكريم».
وقال سموه: «حين أبرمنا (الاتفاق الإبراهيمي) قدمنا لإقليمنا فرصة ثمينة لاختراق الجمود، وتحريك المياه الراكدة، وشق طرق تفضي إلى السلام والأمن والتعايش والتفرغ للتنمية. لقد أوقف الاتفاق قضم أراضي أشقائنا الفلسطينية، وذكر العالم بقضيتهم العادلة بعد أن غيبتها الأحداث والمستجدات، وفتح لهم أفقاً نحو حقوقهم المشروعة في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
تحية لقواتنا المسلحة.. وجيشنا الأبيض
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مخاطباً المواطنين والمواطنات: «في يومنا الوطني أحيي معكم ضباط وجنود قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وأجهزة الحماية المدنية، وأجدد اعتزازي بدورهم الحيوي في صون حرية واستقلال وسيادة وأمن واستقرار وطننا».
وأضاف سموه: «أتوجه أيضاً بتحية حارة لجيشنا الأبيض وكتائبه من الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين الذين أظهروا إخلاصاً وتفانياً، وخاطروا وتقدموا الصفوف لمكافحة جائحة كورونا وعلاج مصابيها. لقد قدم جيشنا الأبيض أبطالاً جدداً لوطننا، نموذجهم الممرضة أسماء مزيود الشحي التي بادرت إلى قطع إجازتها الدراسية، وفارقت رضيعها، وعملت 12 ساعة في اليوم. في وطننا آلاف الرجال والنساء مثل أسماء.. ينتشرون في كل مواقع العمل، ينجزون ويبدعون».
القادم أكثر جمالاً وبهاء
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الـ49: «أعدكم في مستهل عام اتحادنا الخمسين أن القادم سيكون أكثر جمالاً وبهاء، فرؤيتنا اتسعت، وخبراتنا تراكمت وتعمقت، وقدرتنا على مواجهة التحديات ومواكبة المتغيرات والتخطيط للمستقبل تضاعفت.. والأهم من هذا وذاك أنتم أبناء وبنات الإمارات، بما عهدناه فيكم من عزيمة وإخلاص وكفاءة وتميز، وما عرفناه فيكم من حب لوطنكم وتفانٍ في خدمته. كل يوم وطني وأنتم بخير. وعساكم من العائدين الغانمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».