تحدّت جائحة «كورونا» ووصلت إلى الحفل في الموعد المحدد
«هالة» تشهد تخرج ابنها في «ساندهيرست» بالزيّ الوطني
نجح المواطن مبارك حميد الدرعي (21 عاماً) في اجتياز البرنامج الدراسي لأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، في المملكة المتحدة، لينضم إلى صفوف الخريجين الذين سبقوه في تحقيق هذا الإنجاز.
وعندما حانت ساعة التخرج، وتردد صدى اسم الطالب مبارك عالياً، كانت والدته، هالة حمود العفاري (60 عاماً)، واقفة في الجانب المقابل، تشهد هذه المناسبة الاستثنائية في مسيرة ابنها الحياتية.
وأخذت ذاكرة الأم تستعيد المصاعب التي اجتازتها قبل الوصول إلى هذه اللحظة، إذ وجدت نفسها مطالبة بأن تكون الأم والأب لـ(مبارك)، الذي فقد والده قبل أن يتم عامه الـ11، فقررت أن تأخذ على عاتقها مهمة رعايته وغرس المبادئ الرفيعة فيه، ومساندته حتى يشق دربه، ويحقق أهدافه كلها.
وعندما تحقق لها مرادها، كان العالم كله قد استقبل جائحة فيروس كورونا المستجد، ووجدت الأم نفسها أمام صعوبات من نوع آخر، جراء الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول العالم لمواجهة الجائحة، إلا أنها قررت تخطيها كما كانت تفعل دائماً.
وتمكنت (أم مبارك) من الوصول إلى حفل تخريج ابنها في الموعد المحدد، ومن حضور هذه المناسبة الغالية، ومواصلة مساندة ابنها والوقوف إلى جانبه.
ومثلت العفاري المرأة الإماراتية، بزيها التقليدي، بفخر وهي تطأ أرضية إحدى أرقى الكليات العسكرية في العالم.
وقال (مبارك) لـ«الإمارات اليوم»، إن مشاعر الفخر التي ملأته، وهو يرى سعادة والدته، لا تقدر بثمن.
وشرح أنه يقيم بمنطقة القوع في مدينة العين، وتخرج في مدرسة القوع الثانوية عام 2017، بعدها التحق بالخدمة الوطنية.
وقال: «أجريت مقابلات لمجندي الخدمة الوطنية، ثم التحقت مباشرة بكلية زايد الثاني العسكرية، حيث تم إجراء اختبار اللغة الإنجليزية لمرشحي الكلية، وقد اجتزته بنجاح، وتم إدخالنا بعد ذلك في اختبار اللياقة البدنية، الذي أجري على النهج البريطاني، وقد اجتزته أيضاً بنجاح، واجتزت بعدها مع الطلبة المرشحين اختبار كتابة مقالات تختص بمعلومات عن أكاديمية ساندهيرست العسكرية، ونجحت في الالتحاق بالأكاديمية، بعد اختيار تسعة طلاب من أصل 1000 طالب، وكانت فرحتي لا توصف عندما علمت أنني من الطلبة المشمولين بقرار الالتحاق بالأكاديمية».
وأضاف: «واجهت تحديات عدة بعد التحاقي بالأكاديمية، وخلال المسيرة التي قطعتها نحو التخرج، وجدت نفسي أعيش في أجواء وطقس غير مألوفين، إضافة إلى الغربة وطبيعة الحياة هناك، لأننا كنا نتدرب في الغابات، وكان هذا تحدياً لي ولزملائي الطلبة الإماراتيين، حيث قضينا تسعة أشهر قبل تخرجنا».
وقال: «ستظل ذكرى هذه المناسبة في ذاكرتي حتى آخر يوم من حياتي، خصوصاً أنها تزينت بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فقد أعطى ذلك ثقة كبيرة للمرشحين الإماراتيين، بل للطلبة من مختلف الجنسيات، وشعرت بفخر خاص، إذ كنت أتحدث دائماً مع زملائي الطلبة الآخرين عن إنجازات سموه على الصعيدين الداخلي والخارجي، وأؤكد لهم أنه يعتبر الأب والقائد لنا، وكانوا متلهفين لرؤية سموه».
وأوضح: «سعدت كثيراً بحضور والدتي وأفراد أسرتي حفل تخرجي في لندن، إذ واجهت والدتي المخاطر الصحية بسبب عمرها الذي يناهز 60 عاماً، والإجراءات الاحترازية المتخذة في كل دول العالم لمواجهة جائحة فيروس (كورونا)، بما في ذلك إجراءات الحجر الصحي في لندن، والإمارات بعد العودة، علما بأن والدتي تعتبر الأب والأم لي، لأن والدي متوفى منذ عام 2010، وكان عمري حينذاك 11 عاما، إذ تولت تربيتي وتعليمي السنع الإماراتي، والأخلاق الفاضلة، إلى أن رأت ثمار تربيتها بتخرجي في أعرق الأكاديميات العسكرية في العالم، وكما رفعت رأسي في تربيتها رفعت رأسها شامخاً وهي ترى نجاحي بعينيها».
ومن جانبها، قالت والدة (مبارك)، هالة العفاري، إن زوجها رحل عن عالمنا تاركاً وراءه سبعة أولاد وخمس بنات، فاعتمدت في تربية أبنائها وبناتها على نهج الآباء والأجداد، وغرست فيهم الخصال الحميدة والسنع الإماراتي الأصيل.
وشرحت أن (مبارك) درس بمنطقة القوع في العين، وأنه رفع رأسها خلال مراحل دراسته المختلفة، وقالت: «لم يكن ممكناً أن أفوّت لحظة تخرجه، على الرغم من الصعوبات التي واجهتها في طريقي، لأن وجودي معه في هذه المناسبة يمثل لي سعادة لا توصف، لقد تخطيت عقبات جائحة فيروس كورونا المستجد والحجر الصحي، وكان عندي يقين وإيمان كامل بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».
وأضافت: «كانت فرحتي غامرة عند وصولي إلى مكان الحفل ورؤية (مبارك)، فقد رأيت ثمرة تربيتي وهو يقف في صفوف الخريجين، وكان حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تكريماً من نوع خاص للطلبة وذويهم».
وقالت إنها حضرت حفل التخرج باللباس الإماراتي التقليدي «لكي يشهد العالم بأننا نحن الأمهات الإماراتيات نخرّج أجيالاً تتفاخر بها دولتها الحبيبة أمام العالم، كما أنها رسالة واضحة تؤكد سطورها للعالم أن الإماراتية لا تنجب إلا صقوراً يقدمون أرواحهم فداء لشيوخنا ووطننا العزيز».
وأضافت: «أشكر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وولي عهده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، على دعمهم اللامحدود لنا ولأبنائنا الطلبة، كما أشكر القائمين على سفارة الدولة في لندن وجهودهم ومبادرتهم بتلبية كل احتياجاتنا».
وتعد أكاديمية ساندهيرست الملكية العسكرية البريطانية إحدى أشهر كليات العالم العسكرية، على المستويين الأكاديمي والعملي، وقد أُنشئت في ساندهيرست، وهي بلدة صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 22 ألف نسمة، وتقع جنوب غرب مقاطعة بيركشاير الشهيرة.
وتستغرق مدة الدراسة 44 أسبوعاً مكثفاً من التدريب، وتحتل الإمارات المركز الأول على قائمة أكثر الدول التي درس ضباطها فيها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news