الشريف: العقوبات المالية قد تردع أكثر من الإعدام
قال المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، إن الأثر الذي تحدثه العقوبات التي سنها القانون لمرتكبي الجرائم، يظل نسبياً، أي أنه يختلف من شخص إلى آخر. وأوضح أن هناك من يرتدع عن ارتكاب جريمة ما، بسبب خوفه من عقوبة مالية، مقابل أشخاص لا تردعهم عقوبة غليظة، كالإعدام. وشرح أن «للعقوبة أهدافاً وغايات، فهي من جانب جزاء على ارتكاب الجريمة. ومن الجانب الآخر، وسيلة لردع كل من تسول له نفسه الإقدام على ارتكابها، إلا أن العقوبة مهما تكن غلظتها ليست رادعاً حاسماً في كل الحالات، فهناك جرائم عقوبتها الإعدام، إلا أن ذلك لم يمنع الجناة من ارتكابها، بل إن عقوبة الغرامة قد تكون أكثر ردعاً لكثير من الناس». وأوضح، خلال الحلقة الرابعة ضمن حلقات تبثها «الإمارات اليوم» عبر منصاتها، لتسليط الضوء على القوانين الصادرة حديثاً: «ربما بدا كلامنا غريباً للبعض، ولكننا تعودنا صراحة الحديث ومنطقية الفكر والرأي، فقد يكون الشخص قد وصل لدرجة اللامبالاة من حياته، فيقترف الفعل حتى لو كانت عقوبته الإعدام، الذي يجد فيه راحته من معاناته، فلا يبالي».
وتابع: «أما عقوبة السجن مدة طويلة، خصوصاً إذا كانت مع الأشغال الشاقة أو الغرامات الكبيرة، فعندها يقف الإنسان كثيراً، لأنه في السجن سيعاني هو نفسه، وسيظل يحمل همّ أسرته، وبالنسبة للغرامات كذلك سيتحملها هو، وتكون عبئاً عليه حتى لو كانت متوافرة معه، لأنها ستكون بالتأكيد على حساب أمور أخرى».
وأشار الشريف إلى نصوص المرسوم بقانون رقم 34/2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، قائلاً: «لاحظنا أن العقوبات التي حددها على الجرائم الواردة فيه تتدرج من السجن المؤبد إلى السجن المؤقت، ثم الحبس، وذلك بخلاف الغرامات والمصادرة والتدابير الجزائية، مثل الأمر بوضع المحكوم عليه تحت المراقبة الإلكترونية أو حرمانه من استعمال أي شبكة معلوماتية، أو وضعه في مأوى علاجي أو مركز تأهيل، وإغلاق الموقع المخالف أو حجبه كلياً أو جزئياً لمدة معينة، لكن القانون لم ينص على عقوبة الإعدام، وهو ما يحمل في طياته العديد من المعاني والمفاهيم، أهمها أن المشرع الإماراتي من خلال هذا القانون يساير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبروتوكولات منظمة العفو الدولية التي تنادي بإلغاء عقوبة الإعدام، وإحلال العقوبات الرادعة البديلة، مثل السجن والحبس والغرامات الكبيرة وغيرها».
وأعرب الشريف عن تأييده لذلك، لأن إعدام الجاني قد يكون فيه رحمة به على الرغم من ويل ما فعل، لذا فإن سجنه مع تشغيله في أعمال شاقة مدة طويلة هو خير عقاب. ويا حبذا لو كانت الأحكام في هذه الجرائم علانية حتى تثلج الصدور وتكون عبرة لمن يعتبر، حقيقة لا كلاماً مجرداً، مع الوضع في الاعتبار أن المشرع أورد نصاً عاماً بجواز تطبيق أي عقوبة أشدّ تكون وردت في قوانين أخرى، مثل قانون العقوبات خاصة بالجرائم الماسة بأمن الدولة ووحدة المجتمع وأمنه وسلامة أراضيه.