«الوطني» يوصي بـ «مجانية العلاج النفسي لخلافات الأزواج»
تقرير برلماني: زيادة النزاعات الأسرية مؤشر على عدم كفاءة الموجهين الأسريين
انتهى تقرير برلماني إلى أن «تزايد النزاعات والقضايا الأسرية أمام المحاكم، يمثل مؤشراً على عدم كفاءة الموجهين الأسريين»، وأنهم «ليس لديهم الخبرات الكافية للتعامل مع التغيّرات، ومواجهة المشكلات الأسرية».
ولفت التقرير، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، إلى أن «عدم وجود رخصة مهنية موحدة للموجهين الأسريين، كدبلوم مهني أو شهادة بكالوريوس تتناسب مع التخصص، ومعترف بهما من وزارة التربية والتعليم، نتجت عنه ممارسة أشخاص لهذه المهنة من أجل التكسب المالي».
وتضمن التقرير 19 توصية برلمانية تبناها المجلس خلال جلسته الثلاثاء الماضي، أبرزها ضمان مجانية معالجة الأسر المحالة من الموجهين الأسريين لأقسام الطب النفسي والصحة النفسية غير المتوافرة في المستشفيات الحكومية.
وتفصيلاً، حدد تقرير برلماني أصدرته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والطعون للمجلس الوطني الاتحادي، 16 ملاحظة قانونية وفنية وإدارية رصدها أعضاء اللجنة حول «سياسة وزارة العدل في شأن التوجيه الأسري»، ضمّنتها في ثلاثة محاور رئيسة، الأول خاص بالاستراتيجيات والتشريعات المعنية بالتوجيه الأسري. وخلصت فيه إلى أن غياب استراتيجية وطنية متكاملة للتوجيه الأسري على مستوى الدولة، أدى إلى عدم وجود سياسة موحدة في تقديم خدمات مراكز التوجيه الأسري، واختلاف بعض أنظمة عمل التوجيه الأسري في المحاكم، وتباين واختلاف إجراءات التوجيه الأسري بين المحاكم الاتحادية، نتيجة ضعف التنسيق بين وزارة العدل والجهات الأخرى المعنية بالتوجيه الأسري.
والثاني زيادة ملحوظة في حالات الطلاق من الشقاق والخلع وإطالة أمد التقاضي، على الرغم من تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية. ورأت أن عدم تضمين لائحة التوجيه الأسري اشتراطات الخبرة والحالة النفسية المطلوبة لتعيين الموجهين الأسريين، أثر سلباً في كفاءتهم في التعامل مع النزاعات الأسرية. كما أدى ضعف رواتب الموجه الأسري وضعف امتيازاته الوظيفية إلى عدم الإقبال على هذه المهنة، ودفع بعض من تم تعيينهم إلى تقديم استقالاتهم والانتقال للعمل في جهات أخرى. والثالث عدم وجود رخصة مهنية موحدة للموجهين الأسريين، كدبلوم مهني أو شهادة بكالوريوس تتناسب مع التخصص، ومعترف بهما من وزارة التربية والتعليم، ما نتج عنه قيام بعض الأفراد بممارسة هذه المهنة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل التكسب المادي، والمغالاة في تقدير قيمة جلساتهم الإرشادية. كما أن عدم وجود مبانٍ منفصلة ومخصصة للتوجيه الأسري في بعض محاكم الدولة، وعدم مراعاة البيئة المكانية والنفسية للمتخاصمين، أديا إلى عدم تقبل إرشادات الموجهين الأسريين، وتسبب اختلاف السياسات المتعلقة بتأهيل وتدريب الموجهين الأسريين في عدم وجود معايير ثابتة لقياس أداء جودة عمل مكاتب التوجيه الأسري.
وذكر التقرير، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أنه «يجب تشكيل مرجعيات للأسرة، موثوقة ومؤهلة، تتولى مهمة تقديم التوجيه والمشورة والإصلاح بين الزوجين، على أسس صحيحة تراعي النواحي الشرعية والاجتماعية والنفسية، نظراً لضعف دور أهل الحل والربط في المجتمع، وبروز مرجعيات للأسرة أضرتها، وأسهمت في زيادة المشكلات الأسرية، وتفاقمها، من خلال ما تتداوله بعض وسائل الإعلام، بمختلف أنواعها، أو من خلال الأهل والأصدقاء، وغير المؤهلين للتوجيه والإصلاح، بينما ينبغي أن تحصر هذه المرجعيات في عصرنا الحاضر بمكاتب التوجيه والإصلاح الأسري».
وشدد على أن «زيادة عدد القضايا الأسرية في المحاكم.. إنما يمثل مؤشراً مهماً على أن الموجهين الأسريين ليس لديهم الخبرات الكافية للتعامل مع التغيّرات، ومواجهة المشكلات الأسرية، إضافة إلى أن عدم كفاءة القائمين على التوجيه الأسري يجب التعامل معه على أنه قضية اجتماعية ملحة، باعتبار أن امتلاك مهارات التأثير في الآخرين يتسبب بشكل مباشر في تطور الخلافات الأسرية (إما إيجاباً أو سلباً) أو إلى تحويل مسار هذه الخلافات إلى المحاكم».
وأشار التقرير إلى أن اللجنة رصدت خلال دراستها محور «جهود وزارة العدل في التعريف بأهمية دور مراكز التوجيه الأسري والموجهين الأسريين»، غياب خطة إعلامية موحدة للدور المجتمعي المهم لمراكز التوجيه الأسري، وقلّة عدد البرامج والحملات التوعوية الإعلامية الخاصة بالتوجيه الأسري في وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي، وعدم تنوع البرامج التي تقدمها مراكز التوجيه الأسري التابعة للوزارة، مقارنة بالممارسات الدولية في شأن التوجيه الأسري.
وخلص التقرير إلى 19 توصية برلمانية تبناها المجلس، وقرر إعادتها إلى اللجنة لإدخال بعض التعديلات عليها، شملت ضرورة تعديل التشريعات المنظمة للأحوال الشخصية (القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005، والقوانين المعدلة له، واللوائح والأنظمة المتعلقة به)، بما يضمن مواكبة هذه التشريعات للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتطوير دور لجان التوجيه الأسري، بما يمكنها من تقديم خدمات إرشادية متخصصة، ومراجعة اشتراطات مهنة الموجه الأسري المنصوص عليها في المادة (8) من القرار الوزاري رقم (554) لسنة 2021، في شأن لائحة التوجيه الأسري، ولاسيما النظر في أن يجتاز اختبارات نفسية متخصصة تؤهله للعمل في هذا المجال، إضافة إلى الاختبارات الأخرى المقررة في هذا الشأن. وألا تكون لديه سوابق قضائية في منازعات شخصية أسرية أمام المحاكم. والنظر في عدد سنوات الخبرة العلمية، العملية والاجتماعية. وأن يكون قد مضى على زواجه خمس سنوات على الأقل، للتأكد من امتلاكه الخبرات والمهارات الاجتماعية اللازمة للإصلاح.
وشملت التوصيات أيضاً العمل على زيادة الامتيازات الوظيفية لمهنة التوجيه الأسري، على غرار «الكاتب العدل»، للتشجيع على الالتحاق بهذه المهنة، شريطة اجتيازه اختبارات القياس النفسية المطلوبة للعمل، وفق أفضل المعايير والممارسات لهذه المهنة، وضع استراتيجية متكاملة فـي شأن الأسرة، والعمل على توحيد السياسات المتعلقة بتأهيل وتدريب الموجهين الأسريين، ومعايير قياس أداء وجودة عمل مكاتب التوجيه الأسري، وأنظمة العمل في المحاكم المتعلقة بها، مع مراعاة تبني الممارسات والتجارب المحلية والدولية الناجحة التي من شأنها إنهاء النزاع صلحاً، والعمل على زيادة الميزانيات المخصصة لمشـروعات ومبادرات التوجيه الأسري، بما يضمن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وقياس فعالية هذه المشروعات والمبادرات.
وتضمنت كذلك ضرورة توفير مبان منفصلة لمراكز التوجيه الأسري في جميع محاكم الدولة، ضماناً للسرية والخصوصية، والتركيز على البعد الوقائي لمراكز التوجيه الأسري، من خلال التنسيق المتبادل بين وزارة العدل ووزارة تنمية المجتمع (متمثلة في إدارة منح الزواج) للعمل على إعداد وتقديم البرامج التوعوية والمحاضرات التي تقدمها إدارة منح الزواج والإشراف عليها، ومراجعة الوزارة خططها التدريبية والتأهيلية المتخصصة في تطوير برامج التوجيه الأسري (الوقائية، الإنمائية، العلاجية)، وضرورة اعتماد هذه البرامج والدورات من الجهات المعنية المعترف بها من وزارة التربية والتعليم، وتقنين عدد الحالات المعروضة على الموجه الأسري، ومنح وقت كاف لكل حالة على حدة، قبل إحالة المنازعة إلى قاضي الأحوال الشخصية، ووضع ميثاق للأخلاق المهنية للتوجيه الأسري يتضمن عدداً من القيم الوظيفية.
كما أوصى المجلس بإنشاء لجنة تنسيقية تحت إشراف وزارة العدل، تهدف إلى التعاون مع كل الجهات المعنية بالتوجيه الأسري (اتحادية - محلية - خاصة)، لضمان توحيد إجراءات التوجيه الأسري في المحاكم، ومراحل الصلح والتوجيه، ووضع معايير لكفاءة لجان ومراكز التوجيه الأسري وبرامج التأهيل والتدريب الخاصة بها، والاستفادة من المراكز البحثية الاتحادية والمحلية، وتوحيد جهودها في الدراسات الاجتماعية المعنية بالمشكلات الأسرية، ووضع أطر وآليات تنسيقية موحدة بين وزارة العدل والجهات الاتحادية المعنية بالتوجيه الأسري، لضمان توحيد الإجراءات والمعايير المتبعة للاستشارات الأسرية على مستوى الدولة.
وشملت التوصيات ضمان مجانية معالجة الأسر المحالة من الموجهين الأسريين لأقسام الطب النفسي والصحة النفسية غير المتوافرة في المستشفيات الحكومية، بالتنسيق مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع، في شأن تضمين الصحة النفسية في برامج التأمين الصحي المعمول بها الدولة، وإنشاء قاعدة بيانات موحدة بين الجهات المعنية بالتوجيه الأسري (الاتحادية والمحلية والخاصة)، وتفعيل منصة التوجيه الأسري الإلكترونية، لضمان الربط بين ملفات أسر المتخاصمين في مختلف محاكم الدولة، وزيادة عدد الموجهين الأسريين المؤهلين، من خلال التنسيق بين الوزارة ومؤسسات التعليم العالي المعتمدة بالدولة للعمل على استحداث مسار أكاديمي متخصص بالتوجيه الأسري، ووضع برامج تأهيل مناسبة للموجهين الأسريين العاملين في هذا المجال لتطوير قدراتهم بشكل مستمر.
وأوصى المجلس باتخاذ ما يلزم من خطوات تشريعية وإجرائية لإصدار رخصة مهنية موحدة لمزاولة مهنة التوجيه الأسري، ولاسيما من فئة ناشطي التواصل الاجتماعي، ووضع معايير ومقاييس علمية أسوة بالنظم الدولية المقارنة في هذا الشأن، وتأكيد أهمية دور الوزارة في الرقابة والإشراف على ناشطي التواصل الاجتماعي من الموجهين الأسريين، والتنسيق بين وزارة العدل ووزارة الثقافة والشباب، للعمل على وضع خطة إعلامية موحدة لإبراز الدور المجتمعي (الوقائي والإنمائي والعلاجي) لمراكز التوجيه الأسري، وأهمية دورها في دعم الأسرة، من خلال المبادرات «النوعية» المتنوعة في وسائل الإعلام الرسمية، ووسائل التواصل الاجتماعي.
غياب التوجيه الأسري لفاقدي السمع والبصر
أكدت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والطعون للمجلس الوطني الاتحادي، خلال دراستها محور «التنسيق بين وزارة العدل والجهات الأخرى المعنية بالتوجيه الأسري»، وجود «ضعف في التنسيق والتعاون بين وزارة العدل والجهات المعنية بالتوجيه الأسري، نتج عنه تباين إجراءات التوجيه الأسري (مراحل الصلح والتوجيه) بين المحاكم الاتحادية».
وأوضحت اللجنة أن انخفاض ثقافة التوجيه والإرشاد الأسري، وغياب التعاون والتنسيق بين وزارة العدل ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، أدى إلى عدم قيام مراكز التوجيه الأسري بدراسة الحالة الصحية والنفسية لمرتادي مراكز التوجيه الأسري، وعدم وجود اختصاصيين للتعامل مع أصحاب الهمم بلغة الإشارة، ونظام برايل لتسهيل التخاطب معهم.
• «عدم تضمين لائحة التوجيه الأسري اشتراطات الخبرة والحالة النفسية المطلوبة لتعيين الموجه الأسري.. أثر سلباً في كفاءته».
• «ضعف رواتب الموجه الأسري وضعف امتيازاته الوظيفية أديا إلى عدم الإقبال على المهنة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news