قطاع الفضاء الإماراتي.. فرص جديدة للاستثمار في المستقبل
وضعت الإمارات الاستثمار في العلوم المتقدمة والمعرفة والصناعات الفضائية وعلوم المستقبل التي تخدم المصالح الوطنية، وتعزز المشاركة البنّاءة والفاعلة في الحراك العلمي العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، على رأس أولوياتها، من منطلق إيمانها بأهمية هذا القطاع في تعزيز تنافسية الدولة، والذي يعتبر هدفاً استراتيجياً يسهم في تسريع وتعظيم أثر التحول الرقمي الشامل، وتوظيف تكنولوجيا الفضاء في دعم اقتصاد الدولة المستقبلي.
ويلعب قطاع الفضاء الإماراتي دوراً مهماً في دعم اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار، باعتباره أحد القطاعات ذات الأولوية في الإمارات، التي تعزز تنافسية الدولة وتنوع اقتصادها عبر تبني تقنيات متقدمة تخدم القطاعات الحيوية المختلفة، فضلاً عن أنه بات محركاً لكثير من الأنشطة الاقتصادية، لاسيما تلك التي تعتمد على التقنيات العالية.
وتدرك الإمارات أهمية امتلاك قطاع فضاء قوي ومستدام، يوفر تطبيقات وحلولاً فاعلة ومبتكرة للتحديات، الأمر الذي جعله مصدر إلهام للأجيال الجديدة، ودافعاً لها لدراسة العلوم والتكنولوجيا، وهو ما يسهم في تحسين وتسهيل حياة البشر.
وينسجم اهتمام الإمارات بهذا القطاع الواعد، الذي حقق إنجازات لافتة خلال وقت قياسي، مع أهداف مئوية الإمارات 2071، التي تسعى إلى أن تكون الدولة الأفضل عالمياً في مختلف المجالات، كما أن هذا القطاع يسهم في رؤية الإمارات، ويدعم استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، عبر بناء اقتصاد وطني تنافسي، قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية.
وتشكل مشروعات الإمارات الرائدة والمتلاحقة في مجال الفضاء، حافزاً مهماً لجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية، المتخصصة بالتكنولوجيا المتقدمة، والمتصلة بصناعات الفضاء إلى دولة الإمارات، وتعتبر هذه المشروعات كذلك داعماً لترسيخ موقع الإمارات وجهةً عالمية للعقول والكفاءات والمواهب الواعدة، والمتخصصة في تطبيقات وعلوم وابتكارات الفضاء.
ركيزة أساسية
وتتبنى دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، علوم الفضاء، باعتبارها ركيزة أساسية تسهم في مواصلة عمليات التطوير والتنمية، وخلق فرص مستقبلية جديدة لتحسين الحياة، والعبور إلى المستقبل، ومواكبة التطورات العالمية.
وتسعى الدولة لجعل قطاع الفضاء من روافد الاقتصاد الوطني عبر الخدمات والتطبيقات الفضائية المقدمة محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتعزيز استفادة القطاعات الأخرى من صناعة الفضاء، والعكس. وتحرص على إعداد وتأهيل روّاد فضاء إماراتيين من الشباب والشابات المتفوقين علمياً، وتمكينهم في علوم الفضاء كي يسهموا في تعزيز مسيرة التنمية والتطور الإنساني، وكذلك تحرص الدولة على تطوير القدرات المحلية المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء، وبناء ثقافة وخبرة وطنية عالية في مجال الفضاء.
مشاركة فعالة
وتتبنى الإمارات استراتيجية تقوم على تعزيز الاقتصاد الوطني عبر الاستثمار في الصناعات الفضائية والعلوم المتقدمة والمعرفة وعلوم المستقبل، بما يخدم مصالح الإمارات الوطنية، ويعزز مشاركتها الفاعلة في الحراك العلمي العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وبحث آفاق الحياة البشرية في الفضاء، وإمكانية بناء مستوطنات بشرية في كواكب أخرى.
وتسعى إلى ترسيخ مكانتها في هذا القطاع إقليمياً وعالمياً، تحقيقاً لطموحات البرنامج الوطني للفضاء 2117، الذي يسعى إلى أن تكون الإمارات من بين الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء، من أجل توفير حلول فاعلة في مجالات الملاحة وإدارة حركة النقل وعمليات الشحن، وإدارة الموارد الطبيعية، والاستدامة، ومراقبة التلوث والتغير المناخي، ومجالات المراقبة وعمليات الإغاثة وإدارة الكوارث والأزمات.
وبحسب تقارير صدرت حديثاً، تقدَّر القيمة الإجمالية لاقتصاد الفضاء العالمي بنحو 370 مليار دولار في عام 2021، يستحوذ سوق الفضاء التجاري منها على نحو 75%، أي ما قيمته 278 مليار دولار، فيما تبلغ نسبة الإنفاق الحكومي نحو 16% بقيمة 59 مليار دولار، في حين استحوذت النفقات الحكومية الأخرى على 33 مليار دولار، بإجمالي 9%.
ومن المتوقع نمو اقتصاد الفضاء العالمي بنسبة 75% بحلول عام 2030، ليصل إلى 642 مليار دولار أميركي، الأمر الذي يشير إلى أن هذا القطاع يوفر فرصاً عديدة للتوسع التكنولوجي والابتكار.
خطط داعمة
وتدعم التشريعات والخطط الاستراتيجية الاقتصاد الفضائي، جنباً إلى جنب مع الدعم المادي والتمويلي، حيث أعلنت وكالة الإمارات للفضاء عن خطة وطنية، تستهدف زيادة مساهمة القطاع في تنويع اقتصاد الدولة، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية على الدخول في صناعة الفضاء الإماراتية، انسجاماً مع السياسة الوطنية للفضاء التي صدرت عام 2016، والتي وجهت بتبني نهج يجذب ويعزز الاستثمار في صناعة الفضاء، ويشجع ويسهل أعمال الشركات والقطاع الخاص فيه، إضافة إلى جعل الدولة مركزاً إقليمياً وعالمياً رئيساً للأنشطة والفعاليات الفضائية.
استثمارات متزايدة
تسعى الإمارات إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، من منطلق إيمانها بأهمية تعزيز مساهمة صناعة الفضاء في تنويع اقتصاد الدولة، حيث بلغ الإنفاق التجاري في القطاع 10.9 مليارات درهم خلال السنوات القليلة الماضية، فيما وصلت نسبة مساهمة القطاع الخاص 50% من إجمالي الإنفاق على القطاع في عام 2019، ما يعكس تشاركيته مع القطاع الحكومي للمساهمة في الاستثمار والتطوير لهذا القطاع.
ولتوفير الموارد المالية لقطاع الفضاء وحوكمة إدارتها، أسست الإمارات صندوقاً وطنياً لدعم القطاع بقيمة ثلاثة مليارات درهم، بما يعزز توجه الدولة نحو إيجاد حلول بديلة ومبتكرة لتمويل المشروعات وتنمية القطاع.
ويسهم تأسيس الصندوق، وهو تحت مظلة وكالة الإمارات للفضاء في تعزيز الاستثمارات، من المهتمين من رواد الأعمال والشركات الخاصة، والعمل على تمويل وتسهيل تطوير الأنشطة والمشروعات الفضائية المستقبلية. وتعزيزاً لرؤية الإمارات المستقبلية بأن تكون حاضنة عالمية لمختلف المشروعات والصناعات، ومن بينها المتخصصة في قطاع الفضاء، التي تعتمد في أدواتها على التكنولوجيات المتقدمة، أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار»، الذي يستهدف تطوير صناعات المستقبل، وتعزيز اقتصاد المعرفة، ونشر تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
370
مليار دولار القيمة الإجمالية لاقتصاد الفضاء العالمي في عام 2021، يستحوذ سوق الفضاء التجاري منها على نحو 75%، أي ما قيمته 278 مليار دولار. تأهيل الكوادر الوطنية وتمكينها يشكلان أولوية للمرحلة المقبلة.
تعزيز تنافسية الدولة في مجال الفضاء هدف استراتيجي لتسريع أثر التحول الرقمي الشامل.