«تنمية المجتمع»: تأخر تشخيص أصحاب الهمم يهدّد فرصة علاجهم
حذّرت تقارير علمية عرضتها وزارة تنمية المجتمع حديثاً خلال مؤتمر نظمته حول أهم التطورات في مجال علاج وتأهيل أصحاب الهمم، من أن تأخر أولياء الأمور في تشخيص أطفالهم في سن مبكرة قد يكون السبب في ضياع فرصة علاجهم بالشكل الأمثل والأكثر فعالية، مؤكدة أن الأبحاث العلمية أثبتت أن 80% من الوصلات العصبية في الدماغ تكون قد صنعت بالفعل في عمر ثلاث سنوات، وأن نموها يكتمل تماماً في سن 10 سنوات، وأن عدم استخدامها في السنوات الأولى من عمر الطفل قد يؤدي إلى تلاشيها ما يؤدي إلى صعوبة عملية التعلم.
كما أشارت تلك التقارير إلى أن نمو الدماغ الذي يولد بـ100 مليار خلية، يعتمد على الوراثة والخبرة، الأمر الذي يجب استغلاله لصالح تعليم الطفل من أصحاب الهمم والبدء بتأهيله خلال سنواته العمرية الأولى.
وشرح الأخصائي النفسي في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم في الوزارة الدكتور روحي عبيدات، خلال مشاركته بورقة عمل خلال المؤتمر، علاقة علم الدماغ بتطبيق برامج التدخل المبكر لعلاج وتأهيل أصحاب الهمم، وأفاد بأن علم الدماغ أثبت أن عملية التعلم تنتج عن التفاعل والتكامل بين عدد من العناصر تتضمن الجينات، وفهم وتسخير علم الأحياء، والبيئة المحيطة، والعلاقات، والخبرات.
وأضاف أنه وفقاً لعلم الدماغ، فإن عملية التعلم عملية ديناميكية وتتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية، وأن جميع الأطفال معرضون لخطر قد ينال من قدرتهم على التعلم، إلا أن علم الدماغ يؤكد أنهم مرنون وقادرون على التفاعل إذا ما تم التدخل في الوقت والشكل المناسب.
وتابع عبيدات أن الأطفال يشاركون بنشاط في حصص التعلم الخاصة بهم، وأن تعلمهم يحدث حين يطبق في سياق يتمتع بالدعم والإيجابية والثقة.
وعدد عبيدات خمس حقائق تتعلق بعلاقة علم الدماغ بتطبيق برامج التدخل المبكر، على رأسها أن الدوائر العصبية التي تخلق الأساس للتعلم والسلوك والصحة تكون في أعلى درجات المرونة أو «اللدونة» خلال السنوات الثلاث الأولى من الحياة.
وأشار كذلك إلى أن دعم الدماغ يتم عبر اكتساب الخبرات المبكرة الإيجابية خلال تفاعله مع البالغين المهتمين والمتجاوبين داخل علاقات مستقرة، وعيشه في بيئات آمنة وداعمة ينعم فيها الدماغ بالتغذية المناسبة.
وقال عبيدات إن الحقائق تشير أيضاً إلى أن التطور الاجتماعي الانفعالي المبكر والصحة البدنية يوفران الأساس لتطور المهارات المعرفية واللغوية، كما تؤكد الحقائق أنه يمكن لخدمات التدخل المبكر عالية الجودة أن تغير مسار نمو الطفل نحو مسار تتحسن فيه النتائج لصالح حياة أفضل للأطفال والأسرة والمجتمعات.
وتابع عبيدات أنه وفقاً للتقارير العلمية، فإنه من المرجح أن يكون التدخل المبكر أكثر فعالية وأقل كُلفة عند تقديمه في وقت مبكر من الحياة وليس في وقت لاحق.
ولفت عبيدات إلى ثلاثة أطراف أساسية تستفيد من التدخل المبكر لتأهيل الأطفال من أصحاب الهمم، أولهم الطفل الذي يضمن امتلاكه مكاسب في النمو ومكاسب في الأداء الوظيفي، والأسرة التي تتمكن من رفع كفاءة أدائها وثقتها بقدرتها على التعامل مع الطفل وبالتالي يقل توترها بما ينعكس إيجاباً على حياة الأسرة والطفل، بالإضافة إلى المجتمع الذي يستفيد من عدم الحاجة لتخصيص الموارد المالية والبشرية في تأسيس مراكز للتربية الخاصة ومؤسسات الرعاية، والذي يستفيد لاحقاً من قدرات ومهارات أصحاب الهمم الذين يتم تأهيلهم ويصبحون قادرين على العمل والمشاركة في تنمية وتطور المجتمع. برامج التدخل المبكر طبقت وزارة تنمية المجتمع تجربة برامج التدخل المبكر عن بُعد خلال جائحة «كورونا»، وأكدت الوزارة أن ذلك عزّز من الدور المهم الذي تمارسه الأسرة كشريك في عملية التدخل، إذ رفع من مستوى الشعور بالمسؤولية عند أولياء الأمور نحو أبنائهم، وعزز من ثقتهم بذواتهم لمزاولة الأدوار التدريبية والتوجيهية التي يطبقونها مع أبنائهم في المنازل وفي البيئات الطبيعية التي يعيش فيها الأطفال. وأشارت الوزارة إلى أن التدخل عن بُعد منح الفرصة لأولياء الأمور لممارسة التمارين والمهارات مع أبنائهم بتوجيه ومتابعة المختصين، وجعلهم أكثر قرباً وأقدر على ملاحظة النجاحات اليومية التي يحققها أبناؤهم في المنازل.