80 % منهم يهجرون بيوتهم ويبحثون عن شركاء آخرين 

«تنمية المجتمع» تحذر من إهمال مساعدة ضحايا العنف الأسري من الرجال

صورة

حذّرت وزارة تنمية المجتمع من إهمال علاج ضحايا العنف الأسري من الرجال، وعدم تقديم الدعم النفسي لهم في الوقت المناسب، مؤكدة أن الرجال يقعون ضحايا للعنف الأسري أيضاً، ولا يطلبون الدعم لعدم انهيار صورتهم في الأسرة، مؤكدة أن هناك اعتقاداً خطأ وصورة نمطية منتشرة تقول إن الرجال هم المعتدون دائماً والنساء هن الضحايا.

فيما أكدت أخصائية نفسية أن المعنِّف، أي الشخص الذي يقوم بالتعنيف والإيذاء، دائماً تكون شخصيته قوية وذكية، لكنه يستخدم شخصيته وذكاءه بشكل سلبي، منوهة بأن العنف الموجه للرجل من المرأة غالباً لا يكون جسدياً إلا أنه أشد قسوة، لأنه مؤذ نفسياً وإنسانياً.

وتفصيلاً، شرحت وزارة تنمية المجتمع مجموعة من الحقائق المتعلقة بالعنف الأسري في «دليل حماية الأسرة» الذي اطلعت «الإمارات اليوم» على نسخة إلكترونية منه، في وقت لم تستجب فيه الوزارة لأسئلة وجهتها الصحيفة عن الإحصاءات والاستشارات المتعلقة بمشكلات العنف الأسري التي تقدمها الوزارة.

وأوضحت الوزارة في الدليل أن العنف الأسري منتشر بين الملايين في العالم، بغض النظر عن الجنسية أو العمر أو الحالة الاقتصادية أو العرق أو الدين أو القدرة أو المستوى التعليمي، لافتة إلى أن الصور النمطية المنتشرة التي تقول إن الرجال هم المعتدون دائماً، والنساء هن الضحايا، اعتقاد خطأ، وأن ما يعززه هو أن الرجال أقل طلباً للمساعدة أو الإبلاغ عن سوء معاملتهم، وأن كثيراً منهم غير مدركين الخدمات المقدمة للرجال، كما أن هناك اعتقاداً شائعاً بأن برامج العنف الأسري تخدم النساء فقط.

من جهتها، أكدت الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية فاطمة سجواني، لـ«الإمارات اليوم» أن هناك أفكاراً خطأ عن معنى العنف وأشكاله، والذي يمكن أن يقع على أي فرد في الأسرة، بمن فيهم الرجال الذين يعتبرون مصدر القوة والحماية في الأسرة، مؤكدة أن نتائج وقوع الرجال ضحايا للعنف الأسري أخطر بكثير من وقوع المرأة ضحية للعنف، وأن 80% من هؤلاء الضحايا يهجرون الأسرة في نهاية المطاف، ويبحثون عن الأمان والاستقرار مع شريك آخر.

وقالت إن العنف الأسري يحدث بين الأشخاص الذين تربطهم، أو كانت تربطهم علاقة حميمة، وإنه قد يحدث في أي علاقة، وقد يأخذ العديد من الأشكال، منها الإساءة العاطفية، والجنسية، والبدنية، إلى جانب الملاحقة وتهديدات الإساءة.

وشرحت سجواني أن العلاقات المسيئة تنطوي دائماً على اختلال في التوازن بين القوة والسيطرة، مضيفة أن الطرف المسيء في العلاقة الزوجية يستخدم التهديد والكلمات والسلوكات الجارحة للسيطرة على الطرف الآخر.

وشرحت سجواني أن المعنِّف، أي الشخص الذي يقوم بالتعنيف والإيذاء، تكون شخصيته قوية وذكية دائماً، لكنه يستخدم شخصيته وذكاءه بشكل سلبي، إذ يسخّرهما في الإيذاء واستغلال الشخص الذي يمارس العنف عليه، مؤكدة أن العنف الموجه للرجل من المرأة، لا يكون جسدياً على الأغلب، إلا أنه أشد قسوة لأنه مؤذٍ نفسياً وإنسانياً، وينال من كرامة الرجل واحترامه وشخصيته أمام أولاده.

وتابعت أن الشخص المعنَّف، حتى وإن كان رجلاً، تكون غالباً شخصية ضعيفة وانعزالية، أو إذا لم تكن كذلك، فإنها دائماً شخصية مؤدبة ومهذبة، وعاش في بيئة أسرية ذات تربية صالحة وسليمة، ولديه أدبيات في الاحترام، وبالتالي لا يجوز بالنسبة إليه التطاول على الآخرين لفظياً أو جسدياً، وهذا ما يتم استغلاله من قبل المُعنِّف، والمرأة في هذه الحالة تستغل ذلك لمصلحة ممارسة مزيد من التعنيف والأذى.

ولخصت سجواني ردة فعل الرجل على تعرضه للعنف، وعدم تمكنه من ممارسة دوره كأب بثلاثة احتمالات، فإما أن يترك البيت معظم الوقت ويهجر حياة وشؤون الأولاد والأسرة، ويبحث عن مصدر آخر للأمان والهدوء النفسي، لأنه كإنسان لا يستطيع أن يعيش فاقد الأمان والمعاملة الإنسانية، لاسيما أنه غالباً ما يكون من الشخصيات العطوفة والمحبة، والاحتمال الثاني أن يتقوقع داخل البيت وينعزل، نائياً بنفسه عن أي احتكاك حتى يبتعد عن المشادات والمنازعات، وغالباً يشغل نفسه بالأجهزة الإلكترونية ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي.

وتابعت أن الاحتمال الثالث يكون في أن يظل في مواجهة يومية مع الشريكة، وخلافات تكون نتيجتها لمصلحتها، وتفوز هي بها ليستمر التوتر والقلق والإيذاء له ولأولاده، لأنهم يشهدون إهانته واستضعافه، مضيفة أن هذا السيناريو غالباً ما يشمل درجات عالية من التهديد للأب بإيذاء أولاده أيضاً، أو بالادعاء بالإقدام على إيذاء النفس لممارسة مزيد من الضغط والإساءة والعنف المعنوي إزاء الرجل، حيث تتصف هذه الشخصيات بقدرتها على الابتزاز العاطفي، والادعاءات وممارسة ألوان العنف والإيذاء نتيجة تعرضها للتعنيف في طفولتها.

وفي ردها على سؤال عن سبب بقاء الرجل في السيناريو السابق موجوداً في العلاقة وفي المنزل، قالت سجواني إنه يحتمل عادة كل تلك الضغوط لأنه لا يريد التخلي والابتعاد عن أبنائه.

وقالت إنه لا يدرك مدى خطورة تعرض أبنائه للإيذاء نتيجة استمرار تعرضهم للتوتر الناتج عن عنف الأم، وعن إهانتها له ووقوعه أمامهم ضحية العنف، بل يعتقد بالخطأ أن تحمله وعدم وضع نهاية لتلك الحالة ومجرد بقائهم في منزل واحد يصب في مصلحتهم، إلا أن ذلك غير صحيح، وأن الحل يجب أن يكون من خلال اللجوء إلى الأخصائيين الأسريين والنفسيين، الذين يستطيعون أن يساعدوه على الوصول إلى حل وفق ظروف كل أسرة وحالتها.


قليل من الرجال يطلبون المساعدة

أكدت الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية فاطمة السجواني، أنه وفقاً للتجارب والحالات التي تعاملت معها من خلال عملها، فإن نسبة الرجال الذين يلجؤون إلى طلب المساعدة ومعالجة الخلل في أسرهم نتيجة العنف الواقع عليهم، قليل جداً، وذلك لأن الرجل يعتقد أن ذلك معيب بحقه، ويخجل من الاعتراف بحاجته إلى الدعم. وقالت إن 80% من الرجال الذين يتعرضون للعنف الأسري من قبل المرأة، يهجرون البيت، وغالباً ما تنتهي علاقتهم بالأسرة إما بالطلاق العاطفي وما يتبعه وفقاً لكل حاله، أو بالطلاق الفعلي والإجرائي، وإنه في كلتا الحالتين، يبحث الرجل عن شريكة طبيعية تمده بالعطف والمودة، وتكون مصدراً لأمنه واستقراره النفسي.

3 ردود فعل للرجل إزاء تعرضه للعنف:

■ هجر البيت والبحث عن شريك آخر يكون مصدر مودة وأمان نفسي.

■ الانعزال داخل المنزل للابتعاد عن المشادات والانشغال بالأجهزة الإلكترونية.

■ المواجهة اليومية والدخول في منازعات تسبب أذى وتوتراً دائماً له ولأبنائه. 

تويتر