معظم الأزواج «يخجلون» من اللجوء إليه

النساء.. الأكثر طلباً للمستشار الأسري في «الخلافات الزوجية»

صورة

تساعد الاستشارة الأسرية الزوجين على ترميم علاقتهما التي تعرضت لهزات عنيفة، من خلال تقديم نصائح للطرفين تمهد الطريق أمامهما لتخطي أزمتهما، والتحرر من مسبباتها، سواء كانت ضغوطاً نفسية أو اجتماعية أو مالية.

وفيما تبدي الزوجات ثقة بقدرة المستشار الأسري على حلّ الخلافات الزوجية.. لايزال كثير من الرجال ينظرون إليه كما لو كان اعترافاً بالهزيمة أو الفشل، أو فقداناً للسيطرة، ويخجلون من اللجوء إليه، فقد أبدى معظم من أجابوا عن سؤال حول إمكان اللجوء إلى المستشار الأسري لحل خلافاتهم الزوجية، تمنعاً شديداً.

في المقابل، أكدت مستشارتان أسريتان ضرورة التفكير في الإرشاد الأسري على أنه فرصة ممكنة لتجاوز عقدة ما.

وقالتا إن الاستشارة الأسرية تقضي على أي مواقف سلبية في مهدها من خلال حل النزاعات ونهج حل المشكلات تجاه الموقف، كاشفتين عن استقبال حالات في مرحلة الخطوبة، تعاني خلافات عميقة.. تضع طرفي العلاقة على مفترق طرق.

وتفصيلاً، عانت «خديجة» طويلاً من بخل زوجها المالي معها ومع أولادهما، على الرغم من كونه ميسور الحال مالياً، في الوقت الذي كان عليها أن تجيب فيه عن أسئلته المستمرة لها حول ما اعتبره إنفاقاً مبالغاً فيه، أو هدراً للمال، على أشياء صغيرة، أو تافهة.

وقالت إن الخلافات تصاعدت بينهما في الآونة الأخيرة إلى أن بلغت حدود الانفصال، إذ قررت أن تطلب الطلاق منه. إلا أن المستشار الأسري الذي كان عليها، هي وزوجها، أن يشرحا مشكلتهما له قبل الوصول إلى المحكمة، أعاد الهدوء إلى حياتهما، بعدما أقنعهما بالاتفاق على وضع حدّ أدنى للمصاريف الأسبوعية يلتزم به الطرفان.

وشهدت الحياة الزوجية لـ«ياسمين» هزة عنيفة، نتيجة تحكم زوجها المستمر بالاختيارات المتعلقة بالأسرة.

وقالت إن اللجوء إلى المستشار الأسري كان القرار الأخير بالنسبة لها للعثور على حل، معربة عن سعادتها لأن القرار كان صائباً، إذ تمكن المستشار من شرح كثير من التفاصيل للزوج والزوجة، ما ساعدهما على تخطي أزمتهما.

وأبدى كثير من الأشخاص رفضاً شديداً لفكرة اللجوء لـ«المستشار الأسري»، معتبرين ذلك دليلاً على ضعف الشخصية، وفقدان الحكمة.

وقالوا إن «الخلافات داخل المنزل أمر طبيعي»، وهي «جزء من الحياة الزوجية»، لافتين إلى أن وجودها لا يسوغ إدخال أشخاص غرباء إلى حياتهم الشخصية، وإطلاعهم على تفاصيلها.

وفي المقابل، أكدت رئيس قسم الدعم الاجتماعي في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، في شرطة دبي، فاطمة سعيد الكندي، أهمية لجوء الزوجين إلى مستشار أسري حال حدوث خلاف بينهما.

وأضافت أن «الزوجين يتوجهان إلى المستشار الأسري، بوصفه شخصاً محايداً، نتيجة لعدم قدرتهما على التواصل، ولأنه مؤهل لمعرفة الأسباب العميقة للمشكلة».

وشددت على ضرورة أن يكون «واضحاً وصادقاً مع الطرفين، ويحترم ويتقبل الخطأ من أي منهما، ويتقبل أياّ منهما كما هو وليس كما ينبغي أن يكون، حتى لا يمنح أحد طرفي المشكلة الفرصة لاستغلال خطأ الآخر وتذكيره به مستقبلاً، ما يتسبب في نشوب المشاكل مرة أخرى».

وقالت إن عليه أن يحرص على معرفة مشكلات الطرفين، كل على حدة، قبل أن يجمع بينهما لمناقشة الحل.

وذكرت الكندي أن «الزوج والزوجة يساهمان بشكل أو بآخر في المشكلة، فالشخص الأضعف يتيح للآخر فرصة التمادي في خلق المشكلات بسبب سلبيته».

ولفتت إلى أن اللجوء إلى مستشار مختص بالقضايا الأسرية يحقق مزايا متعددة، أولها أنه شخص مختص ويستطيع قراءة تفاصيل المشكلة وأسبابها وأعراضها والأمور التي أدت إليها، وثانيها أنه يتمتع بالحيادية، ومن ثم يكون منصفاً بين الطرفين، وذلك لا يتوافر عند الأهل في الغالب، بسبب الميل العاطفي لأبنائهم، وثالثها قدرة المستشار الأسري على الدراسة والتشخيص الصحيح للمشكلة، وليس قراءة أعراضها الخارجية، إذ قد تكون المشكلة عميقة، ولكن الخلاف ينشب لسبب بسيط، فتبدو المشكلة بسيطة في ظاهرها، ولكنها كبيرة بسبب ترسبات سابقة، ورابعها أن المستشار الأسري يستطيع القياس على حالات مشابهة، والاستفادة منها في حل المشكلة الحالية من منطلق خبرته، إلا أن «لكل مشكلة خصوصيتها، حيث تعتبر كبصمة الشخص».

وأفادت الكندي بأن الزوجين يلجآن إلى المستشار الأسري عندما ينعدم الحوار، ولا يوجد تواصل ويعم الصمت بينهما، نتيجة لأسباب خارجة عن إرادتهما أو إرادة أحدهما، أو مقصودة، موضحةً أن الصمت يعم لسبب خارج عن إرادة الزوجين لأنهما لا يتمتعان بأسلوب الحوار الناجح، كسعة الصدر والاستماع الجيد وعدم المقاطعة وعدم التصعيد عند نشوب المشاكل، كما يعم الصمت عندما يكون أحدهما شديد الإلحاح في مقابل شخص غير مهتم، لأن الرغبة في الحل تكون من طرف واحد، ونتيجة لذلك يحتاجان إلى مختص لحل مشكلتهما.

وأكدت أن النساء أكثر قدرة من الرجال على طلب المساعدة لحل المشكلة الأسرية، لأن العاطفة تؤثر فيهن بشكل واضح، إضافة إلى أن الرجل لا يرغب في أن يطلع أحد على أمور حياته، أو قد تساوره شكوك حول اختيار المستشار الأسري من قبل الزوجة، خصوصاً إذا كان المستشار امرأة، خوفاً من ميلها مع الزوجة على حسابه، مشيرةً إلى أن الفترة الأخيرة تشهد حالة من الوعي لدى الشباب لتقبل فكرة اللجوء إلى مستشار أسري.

من جانبها، قالت المستشار الأسري، الدكتورة هيام أبومشعل، إن «الجلسات الأسرية لحل الخلافات الزوجية، ليست قاصرة على الزوجين، بل تشمل أفراد الأسرة بالكامل، بهدف إيجاد جو من المودة»، مشددة على ضرورة أن يتمتع المستشار الأسري بعدد من الصفات، أهمها أن يكون متخصصاً دراسياً، ولديه خبرة تؤهله لحل المشكلات، وأن يتمتع بالصبر الشديد على طرفي المشكلة، وأن يكون مستعداً لمتابعة الحالة بعد الجلسات.

وقالت إن الزوجين المختلفين يلجآن إلى المستشار الأسري عند الرغبة في ديمومة الحياة الزوجية، ووجود أبناء يخشيان تأثرهم بخلافاتهما، مؤكدة أن الخلافات الأسرية زادت حالياً أكثر من ذي قبل، لأن الزواج في معظم الحالات يتم بعيداً عن الأسس الصحيحة، وأهمها تكافؤ الزوجين، وعدم وجود فوارق متعددة بينهما.

وذكرت أن «اللجوء للمستشار الأسري عند نشوب خلاف أفضل من اللجوء لأحد أفراد العائلة، لأنه محايد، ولا يتأثر بأي من الطرفين، ويعطي حلولاً على أسس صحيحة وعلمية».

ولفتت أبومشعل إلى أن «معظم الأزواج غير مقتنعين بدور المستشار الأسري، ولا يرغبون في اطلاع الغير على أسرار بيوتهم».

وتابعت أن 70% من الحالات تكون الزوجات فيها المبادرات باللجوء إلى المستشار الأسري، مضيفة أن نسبة نجاح المستشار الأسري في حل المشكلات الأسرية، تصل إلى 80%، وذلك بناء على رغبة الطرفين في الحل. كما أن النسبة الأعلى للحالات التي تراجع المستشار الأسري، هي التي لديها أبناء، وترغب في الحفاظ على استمرارية الكيان الأسري.

وقالت: «لاحظنا في الآونة الأخيرة تعدد حالات المخطوبين الذين يلجأون للمركز للاستشارة حول استمرار العلاقة للارتباط أم لا».

المستشار الافتراضي

وفرت وزارة العدل برنامج «المستشار الأسري الافتراضي»، الذي يمكنه أن يجيب عن الأسئلة والاستفسارات في كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية وأمور النفقة والحضانة والرؤية وغيرها.

كما تتوفر خدمات الاستشارات الأسرية مجاناً عبر سبع قنوات حكومية رسمية على مستوى الدولة، دعماً لاستقرار الأسر والمجتمع وتوطيد العلاقات الزوجية في المجتمع.

على المستشار الأسري معرفة مشكلات الطرفين، كل على حدة، قبل أن يجمع بينهما لمناقشة الحلول.

تويتر