حذّر منها مستشاران قانوني وأسري
نصائح تحريضية من «مشاهير تواصل» تعكر صفو العلاقات الزوجية
حذّر مختصان في مجال الأسرة والقانون من تبني وجهات النظر التي يطرحها غير المختصين من مشاهير التواصل الاجتماعي، من خلال ما يصوروه من مقاطع فيديو في أمور الأسرة والعلاقات الزوجية، إذ يستهدف بعضها تحريض الأزواج على بعضهم، بهدف حصد أكبر عدد من المشاهدات والإعجاب.
ونبها من خطورة النصائح التحريضية التي يوجهها هؤلاء عبر منصاتهم، بهدف الشهرة وجمع الأموال على حساب استقرار الأسرة، إذ تستهدف نشر الأفكار السلبية، وإفساد العلاقات الزوجية عبر مقاطع فيديو تتسبب في انعدام الثقة بين الأزواج، وبعض الفيديوهات تحث الزوجات على تفتيش هواتف أزواجهن، وأخرى تثير شكوك الأزواج تجاه زوجاتهم، وغيرها.
وقال المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، إن بعض الأشخاص يتعمدون استغلال مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي في تحقيق الشهرة، وزيادة المتابعات والمشاركات لديهم، فيقومون بتصوير مقاطع وفيديوهات تتضمن تحريضاً للزوجات على الأزواج، وبعضها يتخذ موقفاً معاكساً بتحريض الأزواج على الزوجات، وتبدو هذه المقاطع والفيديوهات على هيئة نصائح أو دعوات لعدم التفريط في الحقوق، ولكنها في الحقيقة وبال على المجتمع وحياة الأزواج، بما تسببه من تكدير للعلاقات الزوجية، وتأليب الزوجات على الأزواج، والعكس.
وأشار إلى أن بعض مقاطع الفيديو يحرض الزوجات على تفتيش هواتف الأزواج، وأخرى تدفع الرجال إلى التشكك في سلوكيات الزوجات، وتحريضهم على تفتيش هواتفهن، بل ومراقبتهن عبر زرع كاميرات مراقبة في البيوت والسيارات، ووصل التحريض إلى الدعوة لعدم النفقة على الزوجة طالما أنها تعمل، وتحريض الزوجات على زيادة أعباء أزواجهن، حتى لا يهربوا منهن.
ونبه الشريف إلى أن ما يثير القلق من مثل هذه الصيحات أنها تبدو وكأنها نصائح، وتجد من يسمعون لمروجيها، إما باعتبارهم أشخاصاً مشهورين، أو للاعتقاد بأنهم مختصون في مثل هذه الاستشارات الأسرية، وهذا الموضوع خطر
جداً، لأن مثل هؤلاء الأشخاص يدّعون العلم، ويقومون ببث سمومهم وترويجها.
ولفت الشريف إلى أن بعضهم يستعينون بآيات قرآنية أو أحاديث أو مأثورات لا يعرفون مقصدها أو معناها أو حكمها الشرعي، ويستغلونها في نشر أفكارهم السلبية التي تؤدي إلى خراب البيوت العامرة.
وأكد أن معظم هؤلاء ليسوا ذوي اختصاص، وإنما يبتغون الشهرة، والتكسب من مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، ولو كان على حساب هدم البيوت، وتحويل حياة الناس إلى جحيم من المشكلات، وهذا ما يوقع هؤلاء تحت طائلة المساءلة القانونية والعقاب، لأن فعلهم هذا من شأنه إثارة الفتنة، وزعزعة الاستقرار والأمن الاجتماعي.
وأشار إلى أن القانون تصدى لمثل هذه الأفعال، إذ نص قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، خصوصاً المادة 24 منه، التي تؤثم وتعاقب على هذه الأفعال بعقوبة السجن المؤقت، وغرامة لا تزيد على مليون درهم، وذلك لكل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه، أو نشر معلومات أو برامج أو أفكاراً تتضمن إثارة للفتنة أو الكراهية أو العنصرية أو الطائفية أو الترويج أو التحبيذ لأي منها باستخدام الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، إذا كان من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة، أو تعريض مصالح الدولة للخطر.
من جانبه، قال المستشار الأسري، الدكتور سيف راشد الجابري، إن مما ابتليت به الأسر في هذه الأيام، الفساد الإلكتروني القادم من وسائل التواصل الاجتماعي، التي تؤدي إلى تعميق الجروح بين الأزواج، ومن ذلك «التخبيب»، وهو في لغة الشرع التحريض، وهو ما يجهله الكثير من الناس من رواد «السوشيال ميديا».
ولفت إلى أن الهوس بزيادة عدد المتابعين، والتكسب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دفع البعض إلى تصوير مقاطع فيديو لإبداء آرائهم في كل شؤون الحياة، من دون دراسة أو علم، ومن ذلك توجيه النصائح في العلاقات الزوجية والحياة الأسرية، لكن بعضها يثير الخلاف والجدال بين الأزواج، ويفسد العلاقة الزوجية، لأنهم يخببون الأزواج على بعض، سواء بتحريض الزوجة على عدم طاعة زوجها أو طلب الطلاق أو الخلع بصورة غير مباشرة، أو يوقعون الزوج في خلاف مع زوجته حتى تعافها نفسه فيطلقها.
ولفت الجابري إلى خطورة مقاطع الفيديو التي ينشرها غير المختصين الأسريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتثير الخلافات بين الأزواج، وتؤدى إلى التفكك الأسري، وتعكير صفو العلاقات الزوجية.
وأكد أهمية زيادة التوعية الأسرية، والتصدي لكل من يسعى لزرع الفتنة بين الأزواج، والتخبيب بينهم لتفكيك الأسر المستقرة، لافتاً إلى أن قوانين الدولة عالجت هذه الظاهرة، ووضعت لها ما يقيدها، وشددت العقوبات بحق من يثير الفتنة بين أفراد المجتمع.
دائرة الحياة الزوجية
نبه المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، مشاهير التواصل إلى «خطورة ما يبثونه من فيديوهات، ويعتبرونها نصائح، وهي في حقيقتها فتاوى لا تحمل معها إلا البلاوى».
ووجه النصح إلى الرجال والنساء بعدم متابعة مثل هؤلاء، وأن تكون الثقة في دائرة الحياة الزوجية دون مغالاة أو تفريط، فدائماً الوسطية والاعتدال في كل شيء تؤدي إلى تحقيق التوازن، فالرجل رجل ومسؤول، والزوجة ربة البيت ومسؤولة في حدود مهمتها التي جبلها الله عليها، فلا إفراط ولا تفريط، وما خربت البيوت إلا مع تغلغل الشكوك، والانصياع لشياطين الأنس الذين يلقون السم في العسل، حتى تعود البيوت إلى استقرارها، ويسودها الحب والود بين الزوجين، وهو ما يعود على الأبناء وعلى المجتمع بأسره بأن ينعم بالاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي، وهو ما يؤدي للنماء والرخاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news