موروث ثقافي واجتماعي لإدخال بهجة العيد على الأطفال
تغيُّر اهتمامات الأطفال يرفع قيمة «العيدية»
طغت مظاهر وعادات اجتماعية متوارثة على احتفالات الأعياد في دولة الإمارات، من أبرزها تجمع العائلات وتوزيع العيدية على الأطفال، باعتبارها وسيلة لنشر الفرحة بين الأطفال، فضلاً عن تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب والأصدقاء لتبادل التهاني والتبريكات.
ومع تغير الزمن عما كان عليه في الماضي، ارتفعت قيمة العيدية تدريجياً لتتماشى مع اهتمامات الأطفال والأبناء في الوقت الحالي، لاسيما أن اهتماماتهم باتت منصبة بصورة أكبر على الألعاب الإلكترونية والأدوات الرقمية الحديثة، حيث ذكر مختصون أن العيدية قديماً كانت تبدأ بدرهم أو درهمين وصولاً إلى 10 دراهم لشراء الحلوى، بينما ارتفعت قيمتها حالياً بدءاً من 50 درهماً حتى 200 بسبب تغير اهتمامات الأطفال عما كانت عليه في السابق.
وقال عضو المجلس الوطني الاتحادي ضرار بالهول الفلاسي، إن مناسبة عيد الفطر تعتبر موعداً مهماً للأسرة الإماراتية والعربية على حدٍّ سواء، وامتداداً لأعمال مباركة تتوّجها صلة الأرحام والتماسك والتراحم الأسري والمجتمعي، كما أنها أيضاً فرصة لإعادة النظر في الموروث الثقافي والتاريخي وتعريف الأبناء بتراثهم الإماراتي العريق، لاسيما أن العادات الإماراتية الأصيلة تتوارث من عهد الأجداد إلى يومنا هذا، وتتمثل في الحرص على التماسك الأسري والاجتماع ونبذ الفرقة والتواصل الإيجابي.
وأضاف: «السنع جزء لا يتجزأ من الاحتفالات، حيث يتجول الأطفال من بيت إلى آخر مرتدين ملابسهم الجديدة ويحملون العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة بين أياديهم وألسنتهم، وتحركاتهم تتخذ شكلاً مميزاً يميز الإماراتي بين أقربائه وجيرانه، بجانب تعزيز قيم الاحترام والتقدير لكبار السن وبر الوالدين وصب القهوة وآداب الجلوس، وهي قيم أصلها الآباء في أبنائهم ونقلها الأبناء إلى الأجيال المقبلة».
وقال الفلاسي: «وإذا ما تحدثنا عن فرحة العيد ففي الماضي كانت حياة الأطفال أكثر بساطة وتواضعاً، حيث كانوا يعيشون في مجتمعات ذات طابع بسيط وتقليدي، وكان احتفال الأطفال بالعيد يتمثل في الفرح بالعيدية البسيطة والملابس الجديدة والألعاب التقليدية مثل الكرة والطائرة والخيمة، فكان احتفالاً مليئاً بالبهجة والسرور حتى وإن كانت العيدية قليلة المبلغ».
وواصل: «أما اليوم فقد غيّرت التكنولوجيا وسائل الترفيه للأطفال، حيث أصبحت الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية تلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، وأدى ذلك إلى تغيير توقعات الأطفال ومعايير السعادة والفرح بهذه المناسبة، ما يدفعهم إلى المطالبة بعيدية أكبر، وتعتمد فرحتهم على قيمة العيدية ونوعية الهدايا التي يتلقونها».
وذكر أن التكنولوجيا ليست سيئة بحد ذاتها، فهي توفر فرصاً جديدة للتعلم والترفيه والتواصل الاجتماعي، ومع ذلك ينبغي أن نتوخى الحذر من السماح للتكنولوجيا بالهيمنة على حياة الأطفال وتشويه معاني العيد والتراث الثقافي، وإعادة تأصيل قيم البساطة والتواضع في نفوس الأطفال وتعليمهم أهمية الاحتفال بالعيد والتواصل مع الأقارب والأصدقاء بغض النظر عن قيمة العيدية ونوعية الهدايا. كما يمكن للأسر تشجيع الأطفال على استخدام العيدية بشكل مسؤول وتعليمهم قيمة الادخار والتخطيط المالي، كما يمكن أيضاً توجيه الأطفال لاستخدام جزء من العيدية في الأعمال الخيرية والتبرعات، ما يساعد على تنمية روح المسؤولية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي.
من جانبها، قالت المستشارة النفسية والأسرية هيام أبومشعل، إن «العيدية» كلمة صغيرة لكنها كبيرة في معناها ومحتواها والموروث الذي يحمل في طياته رسالة إيجابية، فهي تعبر عن المحبة والتقدير والاهتمام، خصوصاً بالأطفال الذين تعزز شعورهم بالسعادة والفرح، مشيرة إلى أن هذه الهدية تعد من الموروثات الثقافية والاجتماعية التي تتوارثها الأجيال في المجتمعات العربية والإسلامية فهي تلعب دوراً مهماً في بناء العلاقات الاجتماعية بين الأفراد في المجتمع.
وأشارت إلى أن العيدية تشكل للأطفال مصدراً للسعادة والفرح والتشويق، وتعزز لديهم مهارات الادخار والتوفير، إذ يتم تحفيزهم على حفظ العيدية للاستفادة منها في المستقبل. كما تعزز العيدية لدى الأطفال شعور الانتماء إلى المجتمع وتعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد والقيم النبيلة.
وذكرت أن توارث العيدية عبر الأجيال يعتبر من التقاليد الثرية في المجتمعات العربية والإسلامية، حيث يتم نقل هذه العادة من الأجداد إلى الآباء ومنهم إلى الأحفاد، وبذلك تظل هذه التقاليد حية ومستمرة عبر الأجيال.
وقالت عضو مجلس إدارة جمعية الاجتماعيين مريم القصير، إن العيدية تعد موروثاً ثقافياً واجتماعياً منذ سنوات طويلة، فهي إحدى عادات الشعب الإماراتي في الأعياد بحيث يُهادى بها الأطفال لنشر السعادة والبهجة بفرحة العيد في قلوبهم. وأضافت: «يحمل العيد عدداً من العادات الاجتماعية المهمة التي تُشعرنا بفرحته؛ حيث يبدأ يوم العيد بزيارة إلى العائلة الكبيرة، التي نسميها (العائلة الممتدة) وهو بيت الجد والجدة، وهناك تتجمع العائلة بأكملها بمشاركة الأعمام والعمات والخالات، لمعايدة بعضهم بعضاً، وفي الوقت ذاته يتواجد الرجال بالمجلس لاستقبال المهنئين بالعيد».
وحول قيمة العيدية أوضحت: «قديماً كان الأطفال يرضون بأي مبلغ، سواء كان درهماً أو درهمين وصولاً إلى 10 دراهم لشراء الحلوى، حيث كان الفكر بسيطاً، أما الآن مع التطور فقد تغيّر الفكر وارتفعت قيمة العيدية بدءاً من 50 درهماً للأطفال الصغار وحتى 200 للأبناء الكبار، إذ يسعى الأبناء لشراء ألعاب إلكترونية أو ادخارها مع غيرها لشراء آيباد أو لاب توب، لكن في النهاية الهدف منها هو إدخال الفرحة على الأطفال في العيد».
ضرار بالهول:
«التكنولوجيا غيّرت وسائل الترفيه للأطفال ورفعت من سقف توقعاتهم للعيدية».
مريم القصير:
«قيمة العيدية تغيرت من درهم إلى 200 في الوقت الحالي».
هيام أبومشعل:
«العيدية تلعب دوراً مهماً في بناء العلاقات الاجتماعية بين الأفراد».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news