لصعوبة توفير أسباب الرفاهية والمزاج المعتدل طوال اليوم

صورة الزواج في العالم الافتراضي.. تزيد حالات الطلاق

صورة

تقدم وسائل التواصل الاجتماعي صورة غير واقعية للعلاقة الزوجية، تبدو فيها الحياة خالية من المنغصات، مهما تكن بسيطة أو عابرة.

وقد يقارن متابعو مشاهير التواصل الاجتماعي ما يرونه من رفاهية مادية، وحفلات ومناسبات سعيدة ورحلات سفر، وغيرها، بما يعيشونه، فيتصاعد التوتر وعدم الرضا عن شريك الحياة الزوجية، لصعوبة توفير أسباب الرفاهية والمزاج المعتدل طوال اليوم.

وبحسب بيانات إحصائية حديثة لمحكمتي الفجيرة ودبا الفجيرة، حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، فقد قضت المحكمتان بإصدار 40 شهادة طلاق، منذ بداية العام الجاري حتى مايو الماضي.

وحمل قانونيان زيادة عدد حالات الطلاق، إلى التأثر المباشر بوسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الذكية «التي تعزز الشك والغيرة لدى الأزواج»، خصوصاً أن «محتوى هذه البرامج يتضمن أمثلة من مشاهير التواصل الاجتماعي تقدم صورة زائفة عن الحياة الزوجية، قائمة على الماديات فقط».

وأكدا أن «أسباب غالبية حالات الطلاق مادية وسطحية»، داعين إلى «عدم تصديق ما تبثه صفحات المشاهير من أوهام، وما تروج له من صور زائفة».

وقالا إن «نجاح الحياة الزوجية، وجودتها، يعتمد على تغيير الزوجين السلوكات الرقمية، ومعرفة الواقع الذي يتناسب معهما».

وتفصيلاً، تصدر المواطنون حالات الطلاق في الفجيرة ودبا الفجيرة، بنسبة 53%، خلال الفترة من يناير حتى مايو الماضي.

وأظهرت البيانات الإحصائية الشهرية لمحكمتي الفجيرة ودبا الفجيرة، أخيراً، زيادة في عدد شهادات الطلاق الصادرة منهما، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ ارتفعت من 25 شهادة العام الماضي إلى 40 شهادة في الفترة نفسها من العام الجاري.

وحذر المستشار القانوني والمحامي، راشد الحفيتي، من تصديق كل ما تبثه برامج التواصل الاجتماعي من أخبار وقصص وانطباعات.

وأضاف أن «كثيرين منا يقضون ساعات طويلة يومياً أمام الشاشات، بما يتجاوز المعدلات الطبيعية»، لافتاً إلى ما يخلفه ذلك من «تأثيرات اجتماعية تلامس طبيعة العلاقة بين الزوجين، وتخترق خصوصيتها».

وشرح أن «المحتوى الذي تركز عليه وسائل التواصل يرسم صورة غير واقعية للحياة بين الزوجين، يبدو معها الواقع الذي يعيشانه، بحلوه ومره، غير جدير بالاستمرار».

وأضاف أن «وسائل التواصل الاجتماعي وظهور عدد من مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يمثلون الحياة الزوجية الزائفة، التي تعتمد على الماديات فقط، ولا تركز على الجوانب النفسية والتربوية، وما تحمله الأسرة من معان حقيقية، أدخلوا كثيراً من الزوجات في دائرة مقارنات أثرت في استقرار الحياة الزوجية، وتسببت في نشوب مشكلات بينهما، قدمت الطلاق كحل أمثل لإنهائها».

وأضاف أن بعض الأزواج كانوا يرفعون دعاوى «طلاق للضرر»، لأسباب قد تصنف بأنها «بسيطة»، وتكاد تكون «تافهة»، إلا أن هذا لم يعد ممكناً بعد تعديل بنود قانون الأحوال الشخصية، بما يتناسب مع معدلات الطلاق وأسبابها.

وأوضح أن «الحكم بالطلاق أصبح منصفاً أكثر، لأن دعاوى الطلاق حالياً لا تتم إلا بتحديد الأسباب الحقيقية، بعدما صعبت التعديلات حصول الزوجين على الطلاق، في حال كان السبب غير مقنع». ولفت إلى أن تعديل البنود في قانون الأحوال الشخصية، منع طلب الطلاق لأسباب غير حقيقية، خصوصاً أن المادة (118) قد حددت دعاوى الضرر، ونصت على أنه «إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإذا استمر الشقاق بين الزوجين، فللمتضرر منهما أن يرفع دعوى جديدة، فإن تعذر على لجنة التوجيه الأسري والقاضي الإصلاح بينهما، عيّن القاضي حكمين من أهليهما، وإذا تقاعس أحدهما عن تسمية حكمه، أو تخلف عن حضور الجلسة، يكون هذا الحكم غير قابل للطعن فيه».

وأضاف أن قانون الأحوال الشخصية أتاح رفض القاضي دعوى الطلاق، إذا لم يثبت له ضرر حقيقي واقع على الزوجة أو الزوج، فإذا استمر الخلاف بين الزوجين، ورفع أحدهما دعوى طلاق للمرة الثانية، يعيّن القاضي حكمين لنظر النزاع، ومحاولة الإصلاح أو الحكم فيه.

وفي حال استمر الشقاق بين الزوجين، ورفعت الزوجة دعوى للمرة الثانية، فإنها تحال إلى الحكمين لإيقاع الطلاق، بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن المادة (122) تنص على أنه «إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإن استمر الشقاق بين الزوجين، فللمتضرر منهما أن يرفع دعوى جديدة، فإن تعذر على لجنة التوجه الأسري والقاضي الإصلاح بينهما، عيّن القاضي بحكم، حكمين من أهليهما إن أمكن، بعد أن يكلف كلاً من الزوجين تسمية حكم أهله قدر الإمكان في الجلسة التالية على الأكثر، وإلا عين من يتوسم فيه الخبرة والقدرة على الإصلاح، وإذا تقاعس أحد الزوجين عن تسمية حكمه، أو تخلف عن حضور هذه الجلسة، يكون هذا الحكم غير قابل للطعن فيه».

وبدورها، أكدت المستشارة القانونية والمحامية، أساور المنصوري، أن الخلافات الزوجية بدأت تأخذ أشكالاً مختلفة عما كانت عليه سابقاً.

وعزت تزايدها، الذي تسبب في ارتفاع معدلات الطلاق، إلى غياب التفاهم بين الزوجين، وانعدام الحوار بينهما، وعدم سعيهما إلى تطوير مهاراتهما في حل المشكلات، إضافة لإفشاء الأسرار الزوجية.

وأضافت أن الأجهزة الذكية والارتباط غير الصحي ببرامج التواصل الاجتماعي، من الأسباب الرئيسة لتزايد الخلافات وحالات الطلاق.

وشرحت أن هذه البرامج والتقنيات تدعم الشكوك بين الزوجين، وتفرغ الحياة الزوجية من الثقة، لصعوبة توفير أسباب الرفاهية والمزاج المعتدل طوال اليوم، مشيرةً إلى أهمية تعزيز الوعي بين الأزواج، من خلال التركيز على البرامج الاجتماعية في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية، ما يسهم في تماسك الأسرة.

وأكدت أهمية تطوير التفكير الإيجابي لدى الزوجين، لمساعدتهما على حل المشكلات، ومواجهتها بطرق ناجحة وفعالة، بدلاً من اللجوء إلى أساليب من شأنها تفريق الأسرة، وفضح أسرارها، من خلال التوجه إلى المحاكم.

• قانون الأحوال الشخصية أتاح رفض القاضي دعوى الطلاق إذا لم يثبت له ضرر حقيقي.

• الارتباط غير الصحي، ببرامج التواصل الاجتماعي، من الأسباب الرئيسة لتزايد الخلافات وحالات الطلاق.

تويتر