دور رائد للإمارة في كفاءة إدارة الطلب على الطاقة والمياه

دبي ترسخ مكانتها نموذجاً عالمياً في تحقيق الاستدامة البيئية والحفاظ على الموارد المائية

صورة

تمضي دبي بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها محركاً ريادياً للمبادرات الخضراء ونشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والحلول المستدامة والحفاظ البيئي، بهدف تحقيق رؤية القيادة لتكريس مقومات وركائز الازدهار الاقتصادي بالتوازي مع الاستدامة البيئية، ما يعزز من الأهداف الاستراتيجية للإمارة بأن تكون أكثر مدن العالم استدامة، ونموذجاً عالمياً ملهماً لمدن المستقبل.

وفي هذا الإطار، تمضي دبي قدماً لتحقيق مستهدفات استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة 2030، التي أطلقها المجلس الأعلى للطاقة في دبي، والتي تهدف إلى تخفيض الطلب على الكهرباء والمياه بنسبة 30% بحلول عام 2030، وتحقيق الاستفادة القصوى من المياه المعاد تدويرها في مجالات عديدة، وذلك ضمن الجهود الرامية إلى جعل دبي مثالاً رائداً في كفاءة إدارة الطلب على الطاقة والمياه.

وتعتبر دبي واحدة من المدن التي تحتل الصدارة عالمياً في مجال استخدام المياه المعاد تدويرها بالكامل تقريباً، حيث تصل نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 90% وهي نسبة عالية في هذا المجال، وكان لبلدية دبي دور بارز ومهم في هذا الخصوص من خلال تنفيذ الكثير من المشاريع السابقة والقائمة حالياً للمضي قدماً في تطبيق أرقى وأفضل وأحدث المواصفات والمعايير العالمية المطبقة في مجال أنظمة الصرف الصحي واستخدام المياه المعاد تدويرها، ما يكفل الحفاظ على الصحة والسلامة العامة والبيئة في إمارة دبي.

وقال مدير عام بلدية دبي داوود الهاجري: «تواصل بلدية دبي جهودها، للمساهمة في ترسيخ مكانة الإمارة الرائدة في التحول إلى الاقتصاد الأخضر، ولضمان الاستفادة القصوى والاستغلال الأمثل من جميع كميات المياه المعاد تدويرها من خلال وضع خطط واستراتيجيات وسياسات متكاملة بشكل دوري مع ضمان تحديثها ومواكبتها لأي تغيرات تطرأ على كميات المياه المنتجة، ومراعاة أحدث مفاهيم الاستدامة، وذلك بهدف الوصول إلى ما نسبته 100% من الاستغلال الأمثل لهذا المورد المهم، في إطار الجهود الوطنية للحفاظ على الموارد المائية. وأنشأت بلدية دبي شبكات ومحطات تضمن توزيع المياه المعاد تدويرها بكفاءة وفعالية تحقق من خلالها أهدافها الاستراتيجية في هذا المجال ضمن أفضل المعايير والممارسات المطبقة عالمياً».

وأضاف الهاجري: «يمثل استخدام المياه المعاد تدويرها مصدراً بديلاً عن المياه المحلاة والمياه الجوفية طبقاً لاستراتيجية دبي لإدارة الطلب على الطاقة واستراتيجية دبي للإدارة المتكاملة لموارد المياه والتي تستهدف خفض استهلاك المياه المحلاة والكهرباء بنسبة 30% بحلول عام 2030 وإيقاف استخدام المياه الجوفية لأغراض الري التجميلي، وزيادة كفاءة الري التجميلي بنسبة 100% من خلال الاعتماد على الأنظمة الحديثة للري، والتوسع باستخدام أصناف الأشجار المحلية التي لا تتطلب كميات كبيرة من المياه المعاد تدويرها. وتشمل الأهداف الأخرى التابعة للاستراتيجية توسيع شبكة المياه المعاد تدويرها وتحسين إدارتها، وإعادة استخدام المياه المعاد تدويرها لأغراض إضافية كاستخدامها في محطات التبريد المركزي».

مخزون استراتيجي

يتم الاستفادة من المياه المعاد تدويرها في عمليات ري المساحات الخضراء والزراعات التجميلية في دبي من خلال توزيعها باستخدام شبكة توزيع المياه المعاد تدويرها الرئيسة التابعة لمؤسسة النفايات والصرف الصحي في بلدية دبي، والتي تغطي معظم مناطق المدينة بطول يقارب 2.400 كيلومتر في نهاية 2022، وبإجمالي كمية مياه مستخدمة للمسطحات الخضراء تقارب 265 مليون متر مكعب سنوياً. ويتم توزيع المياه المعاد تدويرها على المساحات الخضراء والزراعات التجميلية من خلال شبكات المياه المعاد تدويرها الفرعية التابعة لبلدية دبي ومنها تابعة للقطاع الخاص.

وتسهم عملية استخدام المياه المعاد تدويرها بشكل كبير في تقليل استنزاف المياه الجوفية لتكون مخزوناً استراتيجياً للأجيال القادمة، وزيادة الرقعة الخضراء من خلال ارتفاع معدل نصيب الفرد من المساحة الخضراء، إضافةً إلى تحسين جودة الهواء عن طريق خفض درجات الحرارة وانبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن إنتاج كميات مماثلة من المياه المحلاة التي تتطلب مصدراً إضافياً للطاقة الكهربائية لإنتاجها.

القيمة الاقتصادية المباشرة

وتجاوز إجمالي كميات المياه المعاد تدويرها التي أنتجتها مؤسسة النفايات والصرف الصحي التابعة لبلدية دبي منذ ثمانينات القرن الماضي 4.5 مليارات متر مكعب وذلك في الفترة من 1980 حتى نهاية 2022 ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليتجاوز ثمانية مليارات متر مكعب بحلول عام 2030. حيث إن القيمة الاقتصادية المباشرة للمياه المعاد تدويرها تتمثل في استخدامها كمصدر بديل للمياه المحلاة والمياه الجوفية وبذلك تسهم في توفير ما يقارب مليارَي درهم سنوياً.

وبذلك فإن استخدام المياه المعاد تدويرها في أغراض مثل محطات التبريد المركزي يؤثر في تقليل كلفة التبريد وتسهيل التوسع في تطبيق هذه التقنيات التي تسهم في تقليل استهلاك الطاقة في مجالات التبريد وبالتالي خفض الانبعاثات الكربونية لتحقيق الهدف الاستراتيجي بأن تكون مدينة دبي أكثر مدن العالم استدامة.

ري المساحات الخضراء

ويتم استخدام المياه المعاد تدويرها لري مساحات تقدر بـ4.500 هكتار والتي تعود للحدائق والمساحات الخضراء العامة بينما تصل كميات المياه المستخدمة في الري في مناطق المطورين إلى 5.900 هكتار ليكون المجموع الكلي بمقدار 10.400 هكتار.

وبلغت كميات المياه المعاد تدويرها المنتجة من قبل مؤسسة النفايات والصرف الصحي في عام 2022 ما يزيد على 314 مليون متر مكعب (أي ما يعادل 125.600 حوض سباحة أولمبي)، وقد تم استخدام نحو 265 مليون متر مكعب (أي ما يعادل 106 آلاف حوض سباحة أولمبي) في ري المساحات الخضراء والزراعات التجميلية في المدينة وبمعدل شهري زاد قليلاً على 22 مليون متر مكعب.

هدف استراتيجي

بلغ استخدام كميات المياه المعاد تدويرها في محطات التبريد المركزية لعام 2022 ما يزيد على ستة ملايين متر مكعب، بكلفة قيمتها 7.9 ملايين درهم، في حين لو تم استخدام نفس كمية المياه من هيئة كهرباء ومياه دبي، فإن تكاليفها قد تصل إلى نحو 15 مليون بنسبة توفير 47%.

وتعمل حالياً مؤسسة النفايات والصرف الصحي على دراسة التوسع في استخدام المياه المعاد تدويرها في أغراض إضافية وصولاً إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي باستغلال المياه المعاد تدويرها بنسبة 100% في عام 2030.

محطتان رئيستان

وتدير مؤسسة النفايات والصرف الصحي محطتين رئيسيتن لإنتاج المياه المعاد تدويرها، واحدة في منطقة ورسان وتبلغ طاقتها الإنتاجية 325 ألف متر مكعب في اليوم (118 مليون متر مكعب في السنة) والثانية في منطقة جبل علي وتبلغ طاقتها الإنتاجية 675 ألف متر مكعب في اليوم (246 مليون متر مكعب في السنة) وكذلك بعض المحطات الصغيرة التي تخدم بعض المناطق التي لم تصل إليها شبكة مياه الصرف الصحي العامة بعد.

وتحتوي كلتا المحطتين على تقنيات المعالجة الثلاثية لإنتاج مياه عالية الجودة لاستخدام المياه المعاد تدويرها في ري المساحات الخضراء والزراعات التجميلية في المدينة، كما أنها قابلة للمعالجة الرباعية المتقدمة وبكلفة إضافية قليلة نسبياً لاستخدامها في أغراض أخرى مثل محطات التبريد المركزية والبحيرات التجميلية. وفي مجال خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عمليات معالجة الصرف الصحي، حرصت مؤسسة النفايات والصرف الصحي في بلدية دبي على أن تشتمل محطات المعالجة المركزية على معالجة الحمأة «لاهوائياً» لخفض استهلاك الطاقة وإنتاج الغاز الحيوي وحرقه بالكامل لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن غاز الميثان بمعدل 22 إلى 1 تقريباً.

يتم استغلال بعض من كميات الغاز الحيوي المنتج لتسخين خزانات التحلل اللاهوائي ولتجفيف الحمأة لإنتاج السماد العضوي المعالج حرارياً.

ومن الجدير بالذكر إنه قد تم خلال هذا العام تشغيل مشروع استخدام الغاز الحيوي كوقود في محطات توليد الطاقة الكهربائية والتي أنشأت في محطة المعالجة في ورسان حيث تصل نسبة الطاقة الكهربائية المستخدمة في المحطة والواردة من محطة الغاز الحيوي إلى 50% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من هذا المصدر المتجدد، ما يسهم في التحويل التدريجي إلى محطة معالجة خضراء.

مكافحة الحرائق

ومن الاستخدامات الأخرى للمياه المعاد تدويرها استخدامها في عمليات المعالجة الفيزيائية (عمليات الغسيل) في محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومحطات الضخ، إضافةً إلى استخدامها في منظومة مكافحة الحرائق بدلاً من استخدام المياه المحلاة.

توسعات مستمرة

وأضاف الهاجري: «أولت إمارة دبي منذ ستينيات القرن الماضي أهمية بالغة لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها وقامت بلدية دبي ببناء شبكات تجميع مياه الصرف الصحي وتم بناء أول محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في عام 1969 في منطقة الخوانيج بسعة 35 ألف متر مكعب في اليوم لإنتاج مياه صالحة لري المسطحات الخضراء التجميلية. ومع تزايد النهضة العمرانية وتزايد عدد السكان، قامت بلدية دبي في عام 1981 بترسيه عقد لتصميم محطة جديدة بقدرة معالجة 130 ألف متر مكعب في اليوم في المرحلة الأولى ونظراً للتوسع المستمر للمدينة وازدياد الرقعة العمرانية، تم اختيار موقع للمحطة الجديدة في منطقة ورسان وتحويل موقع المحطة الأولى إلى مركز لتوزيع مياه الري المعاد تدويرها». ومنذ ذلك الحين دأبت بلدية دبي على التوسع في شبكات جمع مياه الصرف الصحي وإنشاء محطات المعالجة والتوسع في شبكات توزيع المياه المعاد تدويرها لاستخدامها في ري المسطحات الخضراء التجميلية والأشجار وري الحدائق والمتنزهات، ما أعطى المدينة طابعها الأخضر المميز. ففي عام 1996 تسلمت البلدية التقرير النهائي للتوسعة الثانية لمحطة المعالجة في ورسان لرفع طاقة المحطة الإنتاجية إلى حدود 260 ألف متر مكعب في اليوم.

ومع تزايد وتيرة النهضة العمرانية والامتداد العمراني جنوباً باتجاه جبل علي، قامت بلدية دبي في عام 2006 بالبدء ببناء محطة ثانية بقدرة معالجة 300 ألف متر مكعب في اليوم في جبل علي كمرحلة أولى، ما رفع كميات المياه المعالجة الإجمالية من كلا المحطتين إلى حدود 560 ألف متر مكعب في اليوم وتم ربط المحطة الجديدة بشبكة الري أيضاً وتوسيع شبكات الصرف الصحي وشبكات توزيع المياه المعاد تدويرها لتشمل معظم مناطق مدينة دبي. وفي 2015 تم إنشاء التوسعة الثالثة لمحطة ورسان لرفع قدرتها إلى 325 ألف متر مكعب في اليوم.

وفي عام 2016 تم رفع قدرة المعالجة لمحطة جبل علي لتصل إلى 675 ألف متر مكعب في اليوم. وجاري العمل حالياً على تحديث محطة المعالجة في ورسان ورفع قدرتها إلى 500 ألف متر مكعب في اليوم.

• إجمالي كميات المياه المعاد تدويرها من قبل بلدية دبي تجاوز 4.5 مليارات متر مكعب خلال الفترة ما بين 1980 و2022.

• دور بارز لبلدية دبي في تحقيق الاستفادة القصوى من المياه المعاد تدويرها.

• استخدام المياه المعاد تدويرها في دبي يسهم في توفير مليارَي درهم سنوياً.

تويتر