مريم الحمادي: كل تحديث للقوانين يتضمن تسهيلاً في الاشتراطات واختصاراً في الإجراءات
استعرضت وزيرة دولة أمين عام مجلس الوزراء، مريم الحمادي، أبرز التحوّلات في المنظومة التشريعية لدولة الإمارات خلال العام الجاري، حيث أكدت خلال جلسة «أهم التطوّرات في المنظومة التشريعية»، ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، أن الحكومة استكملت تحديث 114 قانوناً تخصصياً خلال السنوات الثلاث الماضية، عمل على إنجازها أكثر من 215 فريق عمل ضم نحو 2600 موظف وخبير ومختص من أكثر من 150 جهة اتحادية ومحلية وبمشاركة القطاع الخاص.
وقالت: «يشهد العالم سباقاً مستمراً مع المتغيّرات، فالتحولات الكبرى التي كانت تحدث على مدى 100 عام، أصبحت تستغرق بضع سنوات، والحكومات الناجحة هي التي تتبنى نهجاً تشريعياً يمكّنها من استباق التحوّلات واستشراف الفرص نحو مستقبل أكثر نجاحاً وازدهاراً. واستطاعت دولة الإمارات أن تحقق تقدماً كبيراً في الملف التشريعي، مرسخة مكانتها بصفتها واحدة من أفضل البيئات التشريعية في المنطقة، من خلال منظومة تشريعية متكاملة تتماشى مع المتطلبات الحالية ومتغيّرات الغد، حيث نجحت الحكومة خلال ثلاث سنوات في إنجاز تحديث تشريعي يعادل أكثر من ضعف عدد القوانين التي تم تعديلها أو استحداثها خلال 10 سنوات سابقة».
واستعرضت الحمادي مستوى الإنجاز في أجندة التحوّل التشريعي، مشيرة إلى أن «الدولة لديها نحو 926 قانوناً ومرسوماً بقانون اتحادي ساري المفعول، من ضمنها 200 قانون تخصصي لتنظيم قطاعات الاقتصاد والمال والتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والبنية التحتية والبيئة والصناعة والطاقة والتكنولوجيا والقضاء والأمن». وتابعت: «تم خلال السنوات الثلاث الأخيرة تحديث 114 قانوناً تخصصياً، وإلغاء 48 قانوناً قديماً أو معطلاً لم يعد مواكباً للمتغيّرات وتطلعات الدولة مستقبلاً، كما تم استحداث 33 قانوناً جديداً تصدر للمرة الأولى وتعزز ريادة الدولة في تنظيم قطاعات مستقبلية واعدة».
وقالت إن «كل قانون تم تحديثه تضمن تسهيلاً في لوائح الاشتراطات ومتطلبات التنفيذ، واختصاراً في الإجراءات، وتوضيحاً للأدوار والصلاحيات، بما يدعم التحوّل إلى إطار تشريعي مرن يلمس المجتمع أثره على الخدمات في الميدان».
وأوضحت أن «ما تم إنجازه من تحديثات تشريعية أسهم في تصدر دولة الإمارات للعديد من مؤشرات التنافسية العالمية في 2023، فقد حلت الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر تكيّف ومرونة التشريعات والسياسات الحكومية، وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وفي المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر قدرة الإطار التشريعي على التكيّف مع نماذج الأعمال الرقمية، والسادسة عالمياً في مؤشر كفاءة النظام القضائي في تسوية المنازعات التجارية، وفق استطلاع مؤسسات الأعمال المنفذ من المنتدى الاقتصادي العالمي، والثامنة عالمياً في مؤشر الثقة بالنظام القضائي والمحاكم، وفق استطلاع (غالوب) لمؤسسات الأعمال».
وقالت: «ستركز أجندة الحكومة في عام 2024 على استكمال تحديث التشريعات الرئيسة في الدولة، كما سنواصل العمل على التشريع الاستباقي للمجالات المستقبلية والتكنولوجيا الناشئة، وسيجري توظيف نهج الإشراك المجتمعي في تحديث التشريعات، وتحديد فترة صلاحية لكل قانون لا تتجاوز خمس سنوات يتعين بعدها مراجعته وتقييم مدى مراعاته للمتغيّرات، وستُطلق منصّة تفاعلية تتضمن التشريعات الاتحادية كافة الصادرة في الدولة منذ قيام الاتحاد، كما سيجري التركيز على متابعة تنفيذ التحسينات التشريعية وقياس أثرها، بما يرسخ المنظومة التشريعية في الدولة، ويضاعف أثرها الإيجابي على المجتمع والاقتصاد وبيئة الأعمال».
واستعرضت القوانين التي أُصدرت للمرة الأولى في الدولة، وأهمها قانون التجارة عبر الوسائل التقنية الحديثة، الذي يضفي الحجية القانونية لأعمال التجارة الرقمية عبر التطبيقات والمنصّات الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والأوساط التقنية، مثل «الميتافرس»، وقانون العهدة الذي يوفر أداة لتنظيم الثروات وإبقائها وتنميتها في الدولة، وقانون التأمين ضد التعطل عن العمل الذي يوفر مظلة حماية اجتماعية للعاملين من المواطنين والمقيمين، وقانون إنشاء وتنظيم مجلس الاستقرار المالي المختص بتسهيل التعاون بين السلطات الرقابية المالية، بما يضمن إسهام النظام المالي بشكل فاعل في التنمية الاقتصادية.
وأوضحت الحمادي أن «التحديثات شملت قانون تنظيم المنافسة بهدف مكافحة الممارسات الاحتكارية وتعزيز الحرية الاقتصادية، وقانون التحكيم الهادف إلى جعل الدولة مركزاً عالمياً في مجال فض المنازعات بالوسائل البديلة، وقانون تنظيم مؤسسات النفع العام الذي يهدف إلى تفعيل دور القطاع النفعي بصفته شريكاً استراتيجياً للحكومة في التنمية المحلية، وقانون تنظيم أعمال التأمين الذي يوفر إطاراً تنظيمياً متكاملاً لترخيص ورقابة وحوكمة قطاع التأمين وتعزيز نموه وإسهامه في الاقتصاد الوطني».
كما استعرضت أهم التعديلات على قانون إعادة التنظيم المالي والإفلاس، الذي يعمل على توفير وسائل وحلول جديدة لمساعدة المدين على الاستمرار في نشاطه التجاري والوفاء بديونه، من خلال تنظيم إجراءات التسوية الوقائية وإجراءات إعادة الهيكلة وإجراءات خروج المدين العاجز عن الاستمرار في نشاطه التجاري، ويشار بموجب القانون إلى إنشاء محكمة متخصصة في منازعات إعادة التنظيم المالي والإفلاس، تكون أحكامها نافذة بمجرد صدورها، ووحدة لإدارة الإفلاس في وزارة العدل، وسجل للإفلاس على مستوى الدولة.
وأشارت إلى إصدار أول قانون لتنظيم قاعدة بيانات البصمة الوراثية، بما يُسهم في تعزيز الأمن وتحقيق العدالة الجنائية وفقاً لأحدث الممارسات العالمية، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي يعزز الأمن من خلال مكافحة الأشكال الجديدة من جرائم الاتجار بالبشر، ويستحدث مجموعة من خدمات تأهيل ودمج ضحايا هذه الجرائم في المجتمع.
وأشارت الحمادي إلى أن الإمارات أطلقت حزمة من التشريعات الصحية تواكب متطلبات النظام الصحي العالمي الجديد وتعزز الجانب الوقائي، وأصدرت أول قانون لتنظيم استخدامات الجينوم البشري وتعظيم العائد منه على الصحة الوقائية والتنبؤ بالأمراض وتشخيصها المبكر، وتطوير العلاجات وفق التركيب الجيني للفرد، وأصدرت قانون إنشاء مؤسسة الإمارات للدواء، وهي هيئة حكومية تختص بتنظيم وإدارة المنتجات الطبية في الدولة، وتهدف إلى جعل الدولة مركزاً عالمياً موثوقاً به للصناعات الدوائية والطبية، وتعزيز القدرات التصنيعية الوطنية واستقطاب الاستثمارات الرائدة للقطاع الدوائي. كما تم تحديث قانون التبرع وزراعة الأعضاء البشرية والأنسجة بهدف تعزيز ثقافة التبرع في المجتمع للوقاية من أمراض القصور والفشل العضوي، وتوفير التكاليف المترتبة على المنظومة الصحية في الدولة.
وشملت تحديثات منظومة التشريعات الصحية في الدولة، تعديل قانون المسؤولية الطبية، وقانون المساعدة الطبية على الإنجاب، وقانون المنتجات الطبية ومهنة الصيدلة والمنشآت الصيدلانية، وقانون مزاولة غير الأطباء والصيادلة لبعض المهن الصحية، وقانون مزاولة مهنة الطب البيطري، وقانون المنشآت الصحية الخاصة.
وأكدت الحمادي إصدار أول قانون ينظم سلامة الكائنات المحورة وراثياً ومنتجاتها، وأول قانون ينظم إنتاج الطاقة المتجددة، وأول قانون ينظم السكك الحديدية في الدولة، وأول تنظيم للاستخدام المدني للطائرات بدون طيار والأنشطة المرتبطة بها.
وأضافت أن «التحديثات شملت تعديل قانون تنظيم قطاع الفضاء، وقانون إعادة تنظيم وكالة الإمارات للفضاء، بما يعزز نمو قطاع اقتصاد الفضاء الوطني والقدرات الوطنية العاملة فيه ويواكب الوتيرة المتسارعة للمتغيّرات في هذا القطاع، إضافة إلى تعديل القانون البحري لتعظيم قدرات الأسطول الوطني وزيادة فرص الاستثمار في قطاع الشحن البحري بإزالة القيود على نسب التملك الأجنبي في السفن الوطنية. من جهة أخرى، تم تحديث قانون تنظيم أوزان وأبعاد المركبات الثقيلة، الذي يحدد الوزن الأقصى للمركبات الثقيلة على طرق الدولة، ويوضح التزامات مشغل المركبات الثقيلة وصلاحيات الجهات الرقابية.
مريم الحمادي:
• ما أنجز في أجندة التحوّل التشريعي خلال ثلاث سنوات، يعادل ضعف ما أُنجز في 10 سنوات سابقة.
• الحكومات الناجحة هي التي تتبنى نهجاً تشريعياً يمكّنها من استباق التحوّلات واستشراف الفرص.