آباء ينقذون أبناءهم من «الإدمان»

قال مدير مركز حماية الدولي التابع للإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي العقيد الدكتور عبدالرحمن شرف المعمري، إن ثقافة الأسر تغيرت إلى حد كبير تجاه الابن المدمن، وتراجعت تلك النظرة السلبية المرتبطة بما يعرف بـ«وصمة العار»، وأصبح آباء وأولياء أمور أكثر انفتاحاً تجاه الإبلاغ وإخضاع أبنائهم للعلاج والتأهيل تحت مظلة برنامج الفحص الدوري التابع للإدارة.

وأضاف أن الأسر أصبحت على دراية بالقانون، الذي يعفي من المساءلة القانونية إذا تقدم الشخص طواعية للعلاج أو من خلال زوجته أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية، لافتاً إلى أن قسم الفحص الدوري استقبل 104 حالات في عام 2022 وقام بتحويلها إلى مراكز العلاج، فيما قدم المساعدة وحوّل 80 حالة منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر سبتمبر الماضي.

وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أن هناك أسراً تعرض التطوع لشرح تجاربها مع رحلة علاج أبنائهم من الإدمان، حتى يستفيد الآخرون منها، مؤكداً أنه تطور إيجابي تلمسه شرطة دبي وتقدره، ويعكس حالة من الوعي التي تساعد في تعزيز سبل الوقاية من هذا الخطر المدمر.

وأشار إلى أن قسم الفحص الدوري في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات استقبل منذ إنشائه عام 2000 نحو 3933 حالة، تعافى منها 2791 حالة، فيما يخضع 280 شخصاً لجدول الفحص الدوري حالياً.

وتفصيلاً، أفاد الدكتور عبدالرحمن شرف المعمري، بأن قسم الفحص الدوري يمثل أهمية كبيرة في زيادة فرص التعافي والتأهيل للمتعاطين السابقين، واستحدثته شرطة دبي عام 2000 بتوجيهات القائد العام آنذاك الفريق ضاحي خلفان تميم، ويحظى باهتمام كبير من القائد العام لشرطة دبي الفريق عبدالله خليفة المري، ويعمل القسم بموجب خطة عمل متوافقة مع توجهات وزارة الداخلية، مستنداً إلى المادة 79 من القانون الاتحادي رقم (30) لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، التي تنص على أن «المحكوم عليه أو المودع بأمر من المحكمة في جريمة تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية يخضع للفحص الدوري لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، بعد تنفيذ العقوبة أو انتهاء فترة الإيداع في المصحة العلاجية»، ثم أعطى الحق الكامل للقسم لتنظيم عملية الفحص الدوري من خلال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي.

وأضاف أن المشرع الإماراتي كان واضحاً في ما يتعلق بعقوبة مخالفة نظام الفحص الدوري، إذ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من خالف قواعد وإجراءات الفحص الدوري الصادر بها قرار من وزير الداخلية، ما يجعل التهرب من الفحص أو الامتناع عن إعطاء العينة المطلوبة جرماً يعاقب عليه القانون.

وأكد أنه يحق للقسم إجراء فحوص دورية محددة سلفاً على مدار العام، أو ينزل نزولاً ميدانياً مفاجئاً للتحقق من مطابقة أقوال وتصرفات المودع بجدول الفحص الدوري بالواقع، لافتاً إلى خضوع 3933 حالة للفحص من قبل القسم منذ إنشائه عام 2000، تعافى منها 2791 حالة، فيما يخضع 280 حالة لجدول الفحص الدوري.

وذكر المعمري أن الاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بمرض الإدمان تتغير بما يتناسب مع الحفاظ على الأمن ومصلحة مريض الإدمان، إذ تتوافر له سبل المساعدة إذا تقدم طواعية للعلاج ويتلقى النصح والإرشاد من قبل مركز حماية الذي يحرص على تقديم الاستشارات للأسر وفئات المجتمع كافة.

وأوضح أنه في هذا السياق تأتي المادة 89 من القانون، التي تنص على أنه «لا تقام الدعوى الجزائية على متعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، إذا تقدم المتعاطي من تلقاء نفسه أو زوجته أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية أو ممن يتولى تربيته إلى الوحدة أو النيابة العامة أو الشرطة قبل ضبطه، أو قبل صدور أمر بالقبض عليه، طالبين إيداعه للعلاج لدى الوحدة فيودع لديها إلى أن تقرر الوحدة إخراجه».

وحول موقف الأسر من التطور التشريعي والاستراتيجي في التعامل مع مرض الإدمان، قال المعمري، إن هناك تحولاً ملموساً في موقف كثير من الأسر، إذ تتلاشى تدريجياً ثقافة الخجل والإخفاء، وخوف الأسر من التحدث عن الأمر تحسباً لما درج على تسميته بـ«وصمة العار».

وتحدث عن مخاطر وصفها بـ«الكبرى» كانت تترتب على عدم مواجهة المشكلة وتعمد إخفائها، منها التأخر في العلاج، وعدم اتخاذ القرار المناسب، ومن ثم يغرق الابن أكثر في مستنقع الإدمان، ويصبح العلاج أكثر صعوبة.

وشدد على ضرورة إدراك طبيعة المشكلة، وهو أنه مرض يقع نتيجة خطأ، في لحظة غفلة، أو بسبب فضول أو صديق سيئ، أو استدراج، ومن ثم يجب وضع الأمر في نصابه الصحيح والتعامل مع المشكلة بقدر من الحكمة والسرعة.

وأوضح أن كثيراً من الأسر أصبحت تتمتع بالوعي العلمي والثقافي الكافي، إذ أصبحت تتعرف إلى أنماط وأنواع العقاقير المخدرة، ما ساعدهم في إحاطة أبنائهم بسياج منيع، ونجحوا بشكل بارز في حمايتهم، أو مساعدتهم في النجاة من فخ الإدمان.

وأشار إلى أن هناك أسراً بدأت تميل للعمل التطوعي، فيعرضون على المركز مشاركة تجاربهم في رحلة العلاج من الإدمان مع الآخرين، لمساعدة غيرهم، لأن من رأى ليس كمن سمع وتعايش.

وذكر المعمري أن الوعي بخطورة المشكلة أهم خطوات العلاج، فلا يجب التساهل إطلاقاً مع مشكلة التعاطي، مؤكداً حرص كثير من الأسر على إعداد برامج حاضنة لوقاية أبنائهم، مثل الاشتراك لهم في أندية رياضية، وفعاليات ثقافية تقيهم خطر العزلة والانطوائية، وأشار إلى أن تنوع مراكز وجهات العلاج والتوعية والمكافحة ساعد إلى حد كبير في توفير العناية اللازمة لمرضى الإدمان.

• 104 حالات استقبلها «الفحص الدوري» عام 2022 وحولها للعلاج.

• 2791 متعافياً من 3933 شخصاً خضعوا لجدول الفحص الدوري منذ عام 2000.

الأكثر مشاركة