«أم مواطنة» تدرس علم النفس لمساعدة ابنها على التعافي من الإدمان
تخصصت أم مواطنة في دراسة علم النفس من أجل مساعدة ابنها على التعافي من الإدمان، بعد انتكاسته ست مرات، وأصبحت متمكنة وملمة بطبيعة المرض ومضاعفاته. وانطلقت الأم من فكرة أن الإدمان مرض يحتاج إلى العلاج اللازم، وقدّمت لابنها الدعم اللازم أثناء رحلة العلاج حتى سلك الطريق الصحيح لمواصلة التعافي من مرض الإدمان.
وقال المدير التنفيذي لمركز إرادة للعلاج والتأهيل في دبي عبدالرزاق أميري، إن هناك تفاوتاً في تعامل الأسر مع الابن المدمن، فهناك أسر متفهمة تدرك طبيعة المرض، وتوفر الدعم والمساندة لابنها حتى يتعافى ويسترد حياته الطبيعية، كأم تمثل نموذجاً رائعاً درست علم النفس حتى تستطيع مساعدة ابنها على التعافي بعد انتكاسته ست مرات، وأصبحت متمكنة وملمة بطبيعة المرض ومضاعفاته، لدرجة أذهلت القائمين على المركز.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أنه في المقابل هناك أسر لاتزال تعتبر الإدمان وصمة عار وآباء غير متعاونين، يتعاملون بقسوة غير مبررة مع أبنائهم، من بينهم شخص ضرب ابنه الذي يخوض رحلة التعافي، وأبلغ عنه الشرطة لشكه في عودته إلى الإدمان، وحضر الشاب باكياً إلى المركز طالباً العون، وتبين من خلال الفحص أنه لم يتعاطَ مرة ثانية وإنما كان في حالة تعب وإرهاق.
وأكّد أن الأهل في حاجة إلى تأهيل نفسي مثل الأبناء تماماً، حتى يدركوا طبيعة المشكلة وكيفية احتوائها، لافتاً إلى أن مركز إرادة يضم نخبة من المعالجين والأطباء المتخصصين في مجال تأهيل المرضى وأسرهم.
وقال أميري، إن الأسرة تلعب دوراً فاعلاً في تعافي الأبناء المدمنين، وهناك نماذج رائعة من آباء وأمهات آمنوا بأنهم يتحملون جانباً من مسؤولية سقوط أبنائهم في هذا الفخ، ومن ثم تقبلوا فكرة أن الإدمان مرض يحتاج للعلاج اللازم، وقدّموا لهم الدعم اللازم أثناء رحلة العلاج حتى سلكوا الطريق الصحيح لمواصلة التعافي من مرض الإدمان.
وأضاف أن جميع المرضى الذي يلجأون إلى المركز يأتون طواعية سواء بأنفسهم أو من قبل ذويهم، وهذا يعكس قدراً كبيراً من التفهم الذي يساعد بدوره في نجاح برنامج العلاج.
وأشار إلى أن هناك نماذج رائعة من الآباء والأمهات، من بينهم أم وصل بها الأمر إلى دراسة علم النفس لمساعدة ابنها حتى صارت متمكنة لدرجة أذهلت الجميع، إذ درست أدق التفاصيل، وأصبحت لديها القدرة على الشرح والمقارنة والتفسير، وكانت تؤمن أن المدمن مسجون بالمخدرات، ويحتاج إلى من يحرره، حيث إنها تتحدث بأريحية عن مشكلتها وتؤمن أنه لا يوجد ما تخجل منه، وقد صبرت على انتكاسات ابنها قرابة ست مرات، فلم تيأس على الإطلاق بل قاومت بكل قوة حتى سلك طريق التعافي.
وأشار إلى أن هناك في المقابل أسراً لاتزال تتعامل مع الإدمان باعتباره وصمة عار، فترفض الإفصاح كلياً والإقرار بالمشكلة، حتى يتأخر بهم اللجوء للعلاج، ويصبح الحصول على التعافي أكثر صعوبة، وتنتهي الحال بالابن إلى مأساة، لمجرد تمسك ذويه بحالة إنكار غير مبررة.
وأفاد بأن هناك حالات أسوأ من ذلك لأسر تتعامل بعنف مع ابنها المريض بالإدمان، لافتاً إلى أن هناك حالة لشاب عانى كثيراً، وظل يخضع للعلاج داخل المركز لمدة تقارب خمسة أشهر، ثم غادر بعد حصوله على العلاج اللازم، ولفت إلى أنه فوجئ بعودة الشاب باكياً بحرارة، وحكى أنه كان جالساً لتناول العشاء مع والده، وبدا غير طبيعي في ظل الأدوية التي يتناولها بغرض العلاج، فظن والده أنه قد انتكس وعاد للإدمان، ما دفعه إلى ضريه وإبلاغ الشرطة التي أخضعته للفحص، وجاءت النتيجة سلبية. وأضاف أن رحلة التعافي تستلزم قدراً كبيراً من الصبر والمرونة، لأن اليأس يقتل فرص التعافي، مشيراً إلى أن هناك حالة انتكست 11 مرة، وعولج صاحبها مرتين في الخارج، ولجأ إلى المركز، وسجلت ضده قضايا عدة، لكنه تمكن من سلك طريق التعافي أخيراً والالتحاق بوظيفة وأصبح فرداً صالحاً في المجتمع.
وقال: «من الضروري الإيمان بالقدرة على التعافي والتحلي بالأمل، وعدم الشعور بالذعر أو الارتباك، فهناك قناعات خاطئة متعلقة باستحالة العلاج، ويؤمن المركز بقدرة الجميع على التعافي ويوفر العلاج الدوائي والنفسي اللازم لنزلائه».
وتابع أميري أن من أكثر الفئات تأثيراً على المتعاطين الراغبين في العلاج، هم المتعاطون السابقون، لذا يستعين المركز باثنين منهم، وهما من أفضل المعالجين الذين يشعر المرضى معهم بالراحة حين يدركون أنهم خاضوا التجربة قبلهم وتجاوزوها بنجاح.
وأفاد أميري بأن المركز لديه خطة لتعيين أحد المواطنين المتعافين، ضمن برنامج «الأخ الأكبر» ما يمكن المركز من الاستفادة من المرضى الذين قد أتموا عامين من التعافي من مرض الإدمان، وذلك عن طريق تدريبهم وتأهيلهم لتقديم الدعم للمرضى المدمنين، الذي سيسهم في تقليل الانتكاسة وزيادة نظام الدعم للمريض وأسرته.
يُذكر أن مركز إرادة يحتفل دورياً بمشوار نجاح مريض، وتمكنه من الاستمرار في التعافي، وأفاد أميري بأن الإدمان مرض مزمن يتعرض صاحبه لانتكاسات عدة ومتكررة، لكن بالإرادة والمتابعة يتعافى من الأعراض ويمارس حياته، بل ويمكنه تحقيق الكثير من النجاحات المميزة في حياتهم.
عبدالرزاق أميري:
الأسر المتفهمة لطبيعة المرض أكثر نجاحاً في رحلة العلاج.
شاب في المركز تعافى من الإدمان بعد 11 انتكاسة بفضل «الأمل».