شباب حتا.. التنور.. ذاكرة حتا المتوقّدة

«لا يوقد التنور إلا في المناسبات السعيدة»، هذا ما قاله الشاب المواطن خليفة سعيد المطيوعي، البالغ من العمر (34 عاماً)، صاحب مطعم التنور بمدينة حتا، الذي حرص على نقل إرث الأجداد من مزارع أهالي حتا إلى مطعمه الخاص، لتبقى ذاكرة التنور مستمرة عبر الأجيال القادمة.

والتنور في حتا ليس مجرد مكان لطهي اللحوم خلال عيد الأضحى، وإنما هو رمز يحمل معاني عميقة لماضي المدينة وتراثها، من خلال اجتماع الأهالي في المزارع، يوم عيد الأضحى، حاملين معهم تاريخاً طويلاً من العادات والتقاليد، تتجسّد فيها معاني الإخاء والتعاون بين الأهل والجيران، الذين يتشاركون في تحضير وطهي لحوم الأضاحي على تنور واحد.

يقول خليفة المطيوعي: «كان التنور يستوعب أكثر من 15 ذبيحة، إذ تُضاف علامات، لتمييز ذبيحة كل عائلة، حيث يتم دفن اللحوم في التنور خلال العيد، ثم يعود الأهالي إلى منازلهم، ويتركون اللحوم فترة للطهي، ثم يعودون في اليوم التالي إلى التنور مرة أخرى مع أهازيج يرددها الأطفال طوال رحلة الطريق من المنزل إلى المزرعة، تعبيراً عن الفرح والاحتفال، أبرزها: «ني يا عيال علي.. تنوركم ناضي يا عيال القاضي».

وكان أهالي حتا في الماضي، كما يقول المطيوعي، يعزلون بعض لحم الأضاحي، ويضيفون عليه البهارات الخاصة، وبعد ذلك يضعون على اللحم أوراق شجر يُطلق عليها «الشحص» أو «الشوع»، ثم يقومون بوضع اللحم والأوراق بداخل الخصف، «وهي عبارة عن سعف نخيل منسوج، ويتسع لوضع لحم خروف فيه، وتتم خياطتها من ثم توضع في حفرة التنور من 15 إلى 17 ساعة، وتزيد بحسب نوع اللحم المستخدم في الطهي.

ويعد التنور تقليداً سنوياً يحمل في طياته هوية المدينة، ويعد ذكرى طيبة، حسب وصف المطيوعي، تترسخ في قلوب أهلها، إذ استثمر هذا التاريخ الغني في «مطعم التنور»، بهدف توفير تجربة في تقديم التراث، موضحاً أن مشروعه يُجسّد روح المزارعين في حتا، الذين كانوا يدفنون التنور بين واحات النخيل، ويعكس التقليد السنوي من خلال خلق جسر بين الماضي والحاضر، يحمل معه قصص المدينة وتاريخها العريق.

وبدأ المطيوعي فكرة المشروع منذ 11 عاماً، وكان مقره مزرعة في مدينة حتا، يتم استقبال الطلبات من حساب المشروع الخاص ببرامج التواصل الاجتماعي، ثم تحول المشروع من المزرعة إلى فكرة مطعم في 2014، فكان أول مطعم تنور في الدولة، يقدم وجبة التنور، كما يتميز بأنه متخصص في تقديم وجبة تقليدية ترمز للمدينة.

وذكر أنه لا يدخل الوجبات المختلفة في المطعم حتى يركز على إرث المدينة الثقافي والتراثي، ومع كثرة السياح والمرتادين على المطعم، قام بإضافة بعض الوجبات البسيطة للأطفال أو الكبار كالمشاوي بوجر حتى يتمكن الأطفال أو الأشخاص الذين لا يرغبون في أكل اللحم من أكل وجبة تناسب ذوقهم، كما قام بإجراء توسعة للمطعم، ليتمكن من استيعاب الأسر والأشخاص.

وأشار إلى أن إرث مدينتي حتا والعين الثقافي، ارتبط بوجبة التنور، إلا أن طرق إعدادها تختلف عن الدول الأخرى، وترتبط بشكل مباشر بتقاليد أهالي هذه المناطق.

ويدعم المطيوعي المزارعين في مدينته من خلال عرض منتجاتهم في ركن داخل المطعم، وسيضيف ركناً خاصاً لعرض ودعم عدد أكبر من المزارعين في حتا، ويأمل أن يصبح «مطعم التنور» محطة ثقافية تجسّد جمال وتراث مدينة حتا، ليظل هذا التقليد الجميل، حاضراً في ذاكرة المدينة، وفي قلوب سكانها.

خليفة المطيوعي:

. الأهالي يرددون الأهازيج بعد نضج اللحم في التنور.

. خصصت ركناً في المطعم لعرض منتجات المزارعين في مدينة حتا.

لمشاهدة الفيديو الرجا، يرجى الضغط على هذا الرابط

الأكثر مشاركة