ثلث الإماراتيين أنفقوا أكثر من المحدد في زفافهم.. و«مِديم» تضع حداً للإسراف في الأعراس
شباب مدينون ومشكلات اجتماعية..حفلات الزواج بين البذخ والاستدانة
أبلغ شباب مقبلون على الزواج «الإمارات اليوم»، بارتفاع تكاليف الأعراس بما يراوح بين 10 و20% خلال فترة عيد الأضحى، فيما حذر مستشارون أسريون من عودة مظاهر البذخ والإسراف المبالغ فيها في أعراس العديد من الشباب، بعدما كانت قد تراجعت بشكل كبير خلال جائحة «كوفيد-19»، والفترة التي تلتها، مشيرين إلى أن مظاهر البذخ والمباهاة جعلت الكثير من الأسر لا تكتفي بحفل زفاف واحد، بل تقيم حفلاً للعريس، وحفلاً منفصلاً تقيمه العروس، إضافة إلى حفل يوم «الحنا»، ما يكلف الشباب مبالغ طائلة، ويؤثر في استقرارهم المادي والاجتماعي في بداية زواجهم، ويتسبب في المشكلات والطلاق.
بدورها، أفادت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، بأن واحداً من كل ثلاثة أزواج إماراتيين (الثلث) أنفق أكثر من الميزانية الأولية المخصصة لحفل زفافه.
ارتفاع الأسعار
وتفصيلاً، أكد شباب مقبلون على الزواج، محمد خالد، وهزاع منصور، وعمر البلوشي، رفع فنادق وشركات تنظيم الأعراس أسعارها بنسب تراوح بين 10 و20% خلال أسبوع عيد الأضحى المقبل، مقارنة بالأسعار الحالية وما بعد إجازة العيد، وذلك للاستفادة من الإقبال الكبير على إقامة الأعراس خلال أسبوع العيد، على حد قولهم.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم»، إن كلفة الأعراس أحد أكثر الهموم والمعوقات التي تواجه الشاب المقبل على الزواج، وتعد سبباً رئيساً في تأخر سن الزواج لدى البعض، حيث تدفع كثيرين إلى الاستدانة واللجوء إلى القروض البنكية في مقتبل حياتهم العملية، ما يترتب عليه مشكلات اقتصادية تؤثر في استقرارهم الاجتماعي.
زيادة الوعي
وأكد مستشاران أسريان، لـ«الإمارات اليوم»، أهمية زيادة الوعي المجتمعي وإخضاع المقبلين على الزواج لدورات تأهيلية وتدريبية بأهمية الحياة الزوجية وخطورة الانسياق وراء مظاهر البذخ والإسراف المبالغ فيها، التي تدخل الشاب في نفق الديون، مشيرين إلى ضرورة وضع إطار واضح لمفهوم حفل العرس والهدف منه، بعد أن تحولت من حفل إلى حفلات يتم تنظيمها قبل الزواج وبعده، خاصة من جانب النساء، ما يرهق ميزانية الأسر الإماراتية، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
وشددا على أن انتشار ظاهرة البذخ والإسراف في المناسبات، هو سلوك غير مرغوب فيه، لما له من مردودات سلبية، أهمها زيادة عدد الشباب العازفين عن الزواج في المجتمع.
وحذرا من أن الإسراف المادي في غير محله يؤدي حتماً إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية خاصة للشباب، حيث يقيمون أعراساً لا تتماشى مع قدراتهم المالية، ما يضطرهم إلى الاستدانة من البنوك والدخول في نفق الديون، الذي يعود بآثار سلبية على الأسرة، وقد يؤدي إلى تفككها، وذلك لعدم استطاعة الأب تلبية احتياجات الأسرة.
ظاهرة
وقال المستشار الأسري، أستاذ الثقافة الإسلامية ومجتمع الإمارات، الدكتور سيف الجابري: «الزواج سنّة ربانية وفطرة خلقها الله، سبحانه وتعالى، لتعم السعادة بين الذكر والأنثى، إلا أن ثقافة الإسراف والتبذير هي طريق الشيطان، لأن الله أمرنا بالإحسان، وبأن نقيم الأعراس بأقل كلفة، كما جاء على لسان الرسول، صلى الله عليه وسلم: (خير النساء أقلهنّ مئونة)، أي تكلفة».
وأضاف: «تعد ظاهرة البذخ والإسراف من الظواهر التي لا تقوم على أسس اجتماعية أو دينية أو قيم أخلاقية، وما يؤسف له أن العروس تسلم عقلها إلى الذين يؤثرون في أفكارها، وفي المقابل يستحي العريس أو الزوج فلا يملك إلا الدفع والاستدانة».
وأكد الجابري، أن الدولة عملت على المحفزات، إلا أن المقبلين على الزواج تنقصهم الثقافة (ثقافة الزواج والتزويج)، وكيفية المحافظة على الأسرة وعلى الاستقرار الأسري والبعد عن الإسراف والبذخ والمبالغة في هذه الأفراح.
وأكد الجابري أن الحل في العودة لثقافة الزواج المعتدل، قائلاً: «علينا كمجتمع أن نتكاتف، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا سفراء لأبنائهم وبناتهم في المحافظة على الزوج وعدم إغراقه بالمطالبات غير الضرورية التي تؤدي للاستدانة، وفي النهاية الطلاق، وأن ننصح الشباب ونحميهم بالمبادرات والمحاضرات حتى لا نتركهم فريسة لتجار الأعراس وسلعهم الكاذبة، لما يشكله هذا الأمر من خطورة على الأسرة الإماراتية».
مبالغة
من جانبها، قالت المستشارة الأسرية، لبنى أحمد، إن المبالغة في تكاليف حفلات الزواج وما يصاحبها من صرف مبالغ طائلة، يشكل عبئاً يثقل كاهل الأسرة، ويتسبب في ظهور العديد من المُشكلات المجتمعية، ما يحتاج تدخلاً جذرياً من كل أطياف المجتمع، سواء الأكاديمية عبر إجراء دراسات شاملة للظاهرة وأسبابها وسبل مواجهتها، مع وضع لوائح تمنع تفاقم هذه الظاهرة، وتعمل على القضاء عليها، لمنع الشباب من الاستسهال واللجوء للاستدانة من أجل المظاهر الكاذبة.
كلفة عالية
وفي السياق ذاته، حذر اختصاصيون اجتماعيون، محمد سعيد، ومنال محارب، وعزيزة البلوشي، من تأخر سن زواج كثير من الفتيات، نتيجة عزوف شباب عن الزواج، وتأخر بسبب التكاليف المادية المترتبة على هذه الخطوة وما يصاحبها من المهر، وحجوزات الفنادق وأسعار شركات تجهيز حفلات الأعراس وخدمات الضيافة و«الكوشة» والديكور والزهور وملابس الزفاف، إضافة إلى السفر للخارج لقضاء شهر العسل، مشيرين إلى أن كلفة المظاهر المصاحبة للزواج تراوح بين 200 ألف ومليون درهم، مؤكدين أن المغالاة في التكاليف والمظاهر تدخل الزوجين في نفق الديون وعدم الاستقرار منذ بداية حياتهما. وأكدوا، أن الكثير من الأسر تدرك أن الترف والبذخ في حفلات الأعراس وتجهيزات الزواج من الأمور الخطأ، الخارجة عن نطاق الدين والعادات الإماراتية الموروثة، وتوجهات الدولة التي تحث على التيسير في الزواج، ورغم ذلك يقومون باتباع هذا النهج الخطأ من أجل التباهي والتقليد وخوفاً من الدخول في مقارنات، ولو على حساب الاستدانة من البنوك والاعتماد على القروض، التي يقع كثيرون في نيرانها بعد الزواج، ودعوا إلى نشر ثقافة ترشيد الزواج، بدءاً بالمهور وانتهاء بتكاليف الأعراس، واستنفار الوعي المجتمعي لمواجهة الظواهر الدخيلة التي تهدد استقرار الأسرة التي هي عماد المجتمع.
مبادرة «مِديم»
بدورها، ذكرت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن واحداً من كل ثلاثة أزواج إماراتيين أنفق أكثر من الميزانية الأولية المخصصة لحفل زفافه، لذلك قد يساعد التخطيط السليم على تفادي ذلك، لافتة إلى أنها أطلقت مبادرة «مِديم»، لتشجيع الشباب المواطنين في إمارة أبوظبي على استلهام القيم الإماراتية الأصيلة التي تتسم بالاعتدال والتواضع في ممارسات حفلات الزفاف، والتفكير بحكمة عند التخطيط لكل ما يتعلق في حياتهم الزوجية المقبلة، بما في ذلك تجهيزات الزواج وغيرها من الأمور المرتبطة بالاستعداد للزواج. وأوضحت الدائرة، أن «مِديم» تحثّ المقبلين على الزواج، على الابتعاد عن التوجهات الرائجة حالياً في إقامة حفلات الزفاف التي تتسم بالبذخ والمغالاة، والاكتفاء بدلاً عن ذلك بالاحتفاء بالمعنى الحقيقي للزواج، وبجوهره الثمين والمغزى الحقيقي من ورائه، وهو تكوين أسر مستقرة تظللها السعادة والمودة والرحمة، مبينة أن مبادرة «مِديم» ترتكز على أربع ركائز أساسية؛ هي: مركز «مِديم» لإعداد الأسرة، وبرنامج المزايا والمنافع من «مِديم»، ومنصة «مِديم» الإلكترونية، ونموذج «مِديم» لأعراس النساء.
دليل
ودعت الدائرة المقبلين على الزواج إلى الاستفادة من أدوات وموارد «مِديم» للتخطيط بحكمة ووعي لإقامة حفل زفاف أنيق ومميز، مشيرة إلى قيامها بتصميم دليل «مِديم» للزواج، وذلك لمرافقة وإرشاد الشباب خلال كل مرحلة من مراحل رحلة الزواج، بما في ذلك وسائل الإعلان عن حفلات الزفاف، الخطوبة، والإجراءات القانونية، وكل المستلزمات المالية المقترنة بالزواج، كما توفر لهم دليل رحلة الزواج الذي سيسهم في تعريفهم بكيفية تأسيس حياة زوجية سعيدة.
ولفتت إلى أن منتسبي برنامج تأهيل المقبلين على الزواج في مركز «مِديم» لإعداد الأسرة سيتمكنون من الحصول على بطاقة برنامج «المزايا والمنافع» من «مِديم»، والتي تشمل باقة مميزة من العروض الخاصة والحصرية التي يقدمها أكثر من 30 شريكاً للمبادرة من القطاعين الحكومي والخاص، في العديد من المجالات، تشمل الفنادق، وخدمات حفلات الزفاف، والعقارات، ومتاجر المفروشات، والمجوهرات، والعطلات، وغيرها.
• %10 إلى 20% ارتفاعاً في تكاليف الأعراس خلال عيد الأضحى.
مزايا ومنافع
أكدت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، أن منتسبي برنامج تأهيل المقبلين على الزواج في مركز «مديم» لإعداد الأسرة سيتمكنون من الحصول على بطاقة برنامج «المزايا والمنافع» من «مِديم»، التي تشمل باقة مميزة من العروض الخاصة والحصرية التي يقدمها أكثر من 30 شريكاً للمبادرة من القطاعين الحكومي والخاص، في العديد من المجالات، تشمل الفنادق، وخدمات حفلات الزفاف، والعقارات، ومتاجر المفروشات، والمجوهرات، والعطلات، وغيرها. وأشارت إلى أنها صممت حاسبة ميزانية الزفاف لجعل مسألة وضع ميزانية محددة لحفل الزفاف عملية سهلة وبسيطة، حيث تتيح معرفة تكلفة كل عنصر بالتفصيل، ووضع ميزانية زفاف واقعية ومدروسة في وقت قصير للغاية، مشددة على أهمية التزام (منذ البداية) وضع ميزانية مدروسة لحفل الزفاف والتزامها، كي لا يتسبب الإنفاق العشوائي في ضغط مالي كبير على الزوجين، وهو ما قد يؤثر في سعادتهم المستقبلية.
أعراس النساء
أكدت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، أن نموذج «مِديم» لأعراس النساء يعكس تصوراً جديداً لحفلات الزفاف، حيث يسمح هذا النموذج بإقامة حفلات زفاف عدة في القاعة ذاتها لأيام متتالية، وباستخدام التجهيزات الرئيسة نفسها، مع السماح لكل زوجين مشاركين باختيار عدد من العناصر، مثل الزينة والديكورات الأنيقة التي تلائم ذوقهم الشخصي، ومن ثم توزيع الكلفة الإجمالية لحفل الزفاف على المشاركين بالتساوي.
وقالت إن النموذج التجريبي لهذا الحفل، أثبت أنه يقلل كلفة حفل الزفاف على الزوجين بنسبة كبيرة، مقارنة بحفلات الزفاف التي تقع في الفئة نفسها، من حيث نوع القاعة والتجهيزات وعدد الضيوف، مشددة على أن النموذج يتسم بسمات الكرم والأصالة الممزوجة بلمسات الأناقة العصرية، التي تتجلى في ترتيبات الضيافة وتصاميم الديكور، التي تعكس الإرث الثقافي لمجتمعنا الأصيل.
اختصاصيون اجتماعيون:
• كثير من الأسر تدرك أن الترف والبذخ في الأعراس خطأ، ورغم ذلك تتبع هذا النهج من أجل التباهي والتقليد.
سيف الجابري:
• يجب على الآباء أن يكونوا سفراء لأبنائهم وبناتهم في المحافظة على الزوج وعدم إغراقه بالمطالبات غير الضرورية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news