مواطنون يحولون فائض الأطعمة إلى فرص للتكافل الاجتماعي

أسهم مواطنون في مواجهة هدر الأطعمة، حيث بادروا إلى تحويل الفائض من موائدهم إلى وجبات يومية توزع على الأسر المحتاجة والعمال، ما أسهم في تعزيز قيم التكافل الاجتماعي والاستدامة البيئية.

وأكدت باحثة وخبيرة في شؤون البيئة والاستدامة، أن هدر الأطعمة يمر بثلاث مراحل رئيسة، تبدأ بشراء الأغذية بكميات تفوق الحاجة الفعلية، مروراً بإعداد وجبات تفوق قدرة أفراد الأسرة على تناولها في مواعيد مناسبة، وصولاً إلى استهلاك كمية تقل عمّا هو متاح على المائدة.

وذكرت صاحبة مشروع منزلي في الفجيرة، الطاهية حليمة العطر، أنها تنظم دورات متخصصة في الطبخ والإدارة المنزلية، وتستهدف العمالة المنزلية في بعض الدورات «باعتبارها الأكثر قدرة على الحفاظ على الأطعمة من التعرض للتلف».

وشرحت أن «العمالة المنزلية في عدد كبير من الأسر تتحمل مسؤولية حفظ الفائض من الأطعمة وطرق تخزينها»، مضيفة أنها تدرب العاملات على الأساليب الصحيحة لحفظ الأطعمة وتغليفها بدلاً من تعريضها للتلف، وتالياً هدرها.

كما أنها تتيح لهن إعداد وجبات متنوعة من الأطعمة الفائضة، مثل تحويل الدجاج الفائض من وجبة الغداء إلى سندويشات شاورما وفاهيتا لوجبة العشاء، إضافة إلى تزويدهن بطرق صناعة الشيبس المنزلي من الأطعمة الفائضة وغيرها من الحيل الغذائية التي تسهم في تقليل هدر الأطعمة.

وشددت العطر على أهمية تدريب أفراد الأسرة على كيفية حفظ الأطعمة الزائدة، بدءاً من شراء المواد الغذائية التي تتناسب مع عدد أفراد الأسرة، مروراً بطبخ الوجبات بكميات معتدلة، للحيلولة دون هدر الموارد الغذائية، مؤكدة أن «الجهود المشتركة بين العاملات وأفراد الأسرة، تسهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة الغذائية والمحافظة على الموارد الطبيعية».

وأكدت معلمة في مدرسة حكومية في الفجيرة، أسماء علي، أنها اتخذت خطوات لمواجهة هدر الأطعمة في وجبات الطلبة منذ بداية العام الدراسي، حيث لاحظت أن بعض الأطعمة تفيض عن حاجة الطالب وترمى في سلة المهملات وهي في حالة سليمة.

وتابعت أنها عمدت إلى إرسال ملاحظات شخصية لذويهم وضحت فيها نوع الأطعمة التي لا يتناولها أبناؤهم، بهدف توعيتهم بعدم إرسال كميات كبيرة أو أطعمة غير مفضلة لدى الأطفال.

وقالت: «اعتمدت هذا الإجراء بهدف تقليل هدر الأطعمة من خلال تحسين اختيار الوجبات».

وأكدت أنها وجدت تجاوباً منهم، إذ أسهموا بشكل كبير في تقليل كميات الطعام المهدر خلال فترة الاستراحة في المدرسة، حيث تسهم المدرسة بجهود مشتركة مع ذوي الطلبة في تعزيز وعي الطلبة حول أهمية تقليل هدر الأطعمة، وتحقيق الاستدامة في استهلاك الغذاء.

وقالت ربة منزل من مدينة كلباء، عائشة محمد الزعابي، إنها تقسم الأطعمة الفائضة من وجبات الغداء والعشاء في علب مخصصة للوجبات، وتوزعها على العمالة في الطرق والمنازل قيد الإنشاء، إضافة إلى الأسر المتعففة في المنطقة، ما فتح لها أبواب الخير، ومنع تكدس الأطعمة الفائضة في الثلاجة، مشيرةً إلى أنها اكتسبت معرفة كافية بمقدار الأطعمة التي تطهوها لأسرتها بدلاً من الإسراف.

وأضافت أنها لاحظت أن ميزانية شراء المواد الغذائية بدأت في الانخفاض، إذ كانت تخصص سابقاً نحو 3000 درهم شهرياً لشرائها، لكنها تنفق حاليا أقل من 2000 درهم، لافتة إلى أنها تتوقع انخفاض هذه القيمة تدريجياً نتيجة لمعرفتها الكافية بطرق إعادة طبخ الوجبات الفائضة، وإعداد وجبات جديدة منها لأسرتها.

وأكدت الباحثة والخبيرة في شؤون البيئة والاستدامة، فاطمة الحنطوبي، أن «الدولة تأخذ على عاتقها تعزيز الممارسات والسلوكيات التي تسهم في تقليل الفائض من الأطعمة»، مشيرةً إلى أن «عملية هدر الأغذية تُعدُّ معقدة وتتألف من مراحل متعددة، حيث يتم تصنيفها ضمن تسلسل هرمي يبدأ من شراء الأطعمة التي تفوق الحاجة الفعلية، مروراً بإعداد وجبات تفوق احتياجات الأسرة، وانتهاءً بالاستهلاك الأقل من المتاح على المائدة». وأوضحت أن عملية هدر الأغذية تتسبب في إنتاج كميات كبيرة من النفايات الغذائية. ووفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة، فإن 1.3 مليار طن من الطعام ينتهي به الأمر إلى هدر، وذلك من مرحلة الإعداد حتى مرحلة الاستهلاك.

وأوضحت أنه للوصول إلى فهم شامل لظاهرة هدر الأطعمة، يتعين التركيز على العوامل الشخصية والسلوكية التي تلعب دوراً رئيساً في تحديد كميات الأطعمة المهدرة في السلوك والعوامل الشخصية، بما في ذلك مهارات تخزين الأغذية وإعادة تدويرها.

وتابعت أن بعض الأفراد يفتقرون إلى المعرفة الكافية حول تخزين الأغذية وإعادة تدويرها ضمن إطار حفظ الأطعمة، حيث يلعب التغليف دوراً مهماً في المساعدة على تقليل تلوث الأطعمة التي يمكن إعادة استهلاكها. وهذا الأمر بالغ الأهمية، وهو يساعد الأسر في التقليل من نفايات الأطعمة، إذ يسهم التغليف والتعبئة الصحيحة في حماية الخصائص الحيوية للأطعمة ويمنع تسرب العناصر الخارجية التي تسرع التلف، ما يساعد على إطالة العمر الافتراضي للطعام، بحيث يكون أمام الأسرة أو المستهلك فرصة أطول لاستخدامه.

وأشارت إلى أن استخدام التعبئة والتغليف له قدرة على إحداث تأثير كبير في الحد من نفايات الأغذية، التي تعد خطراً على البيئة، ما يحقق مكاسب بيئية واجتماعية واقتصادية ويسهم في خفض هدر النفايات إلى النصف.

وقالت إن دراسات حديثة وجدت أن سلوك المستهلك هو وراء إحداث هذه الكميات الكبيرة من نفايات الأطعمة، كما أشارت دراسة أجريت على تغليف اللحوم في المنازل، كشرائح الدجاج، إلى أن الفئة التي استخدمت عبوات تخزين مناسبة خرجت بنتائج إيجابية يمكن بها توفير ما يقدر بـ10 آلاف طن من لحوم الدجاج بدلاً من هدره، لذا فإن ترسيخ سلوك التعبئة المنزلية والتغليف الصحي للأغذية يثبت فاعليته في سياق الأسرة.

سماد عضوي منزلي

أكد المزارع محمد اليماحي أنه يجمع الأطعمة الفائضة من منزله ويضعها في الأجهزة الذكية المتخصصة في صناعة الأسمدة عبر تحويلها إلى أفضل أنواع السماد العضوي المنزلي، موضحاً أن هذه الممارسة أسهمت في تحسين جودة التربة الزراعية لديه، إضافة إلى دورها الفعّال في تقليل هدر الأغذية ومنع رميها في سلة المهملات.

وأضاف اليماحي أن استخدام السماد العضوي المنتج من فضلات الطعام، أسهم بشكل كبير في تعزيز إنتاجية مزرعته، وتحسين جودة المحاصيل، ما ساعد في تحقيق الاستدامة البيئية والزراعية.

الأكثر مشاركة