«صحة»: تشمل التوقعات الاجتماعية والخوف من إظهار الغضب وعدم معرفة الأعراض
3 أسباب تدفع الرجال لرفض العلاج النفسي
لا يتلقى الكثير من الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية العناية الطبية اللازمة، بسبب خوفهم من ردود الفعل الاجتماعية المصاحبة لطلب المساعدة، على الرغم من أن الأمراض النفسية لا تختلف عن أي مرض آخر يستلزم المعالجة تحقيقاً للشفاء، إذ كلما بدأت المعالجة بوقت مبكر، فإن الشفاء يكون أسرع، وبالتالي يتحتم على المريض طلب المساعدة من المختصين من دون خوف أو خجل، خصوصاً أن سلامة الصحة النفسية عامل أساسي للحفاظ على سلامة المجتمع، وعدم الإصابة بالأمراض غير المعدية وطول العمر.
فيما أكدت شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، أن الرجال أكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية ومع ذلك فهم أقل طلباً للمساعدة، مشيرة إلى أن الرجال لا يلجأون إلى المساعدة لثلاثة أسباب تشمل: التوقعات الاجتماعية، والخوف من إظهار الغضب، ونقص الوعي بالعلامات والأعراض، لذا يواجهون عدداً من التحديات النفسية منها الاكتئاب والقلق ومتلازمة الإرهاق إضافة إلى الميول للانتحار.
وتفصيلاً، أكد أطباء، أنه على الرغم من التقبّل الكبير والفهم الذي شهده المجتمع بخصوص الأمراض النفسية خلال السنوات الأخيرة فإن الشعور بالوصمة الاجتماعية إثر الإصابة بمرض نفسي لايزال يلازم المرضى الرجال بشكل خاص، ويضغط على المريض، ليؤخر العلاج أو حتى لا يُفكر فيه من الأساس، خوفاً من التداعيات الاجتماعية المترتبة على ذلك، وحددوا خمس خطوات يمكن اتباعها للتعامل مع الوصمة الاجتماعية للأمراض النفسية.
ووفقاً لجمعية الطب النفسي الأميركية، فإن أكثر من نصف المصابين بمرض نفسي لا يتلقون المساعدة في علاج اضطراباتهم، لأن الكثيرين يتجنبون أو يؤخرون طلب العلاج، بسبب مخاوف بشأن معاملتهم بشكل مختلف أو مخاوف من فقدان وظائفهم وسبل عيشهم، وذلك لأن وصمة العار والتحيز والتمييز ضد الأشخاص المصابين بمرض عقلي لاتزال تُمثل مشكلة كبيرة.
الخوف من العلاج
وأكد استشاري الطب النفسي، الدكتور نوفل إياد، أنه من الضروري مناقشة مسألة الصحة النفسية للرجال، فمن الممكن أن يصاب أي شخص بالمرض النفسي، وفي الأغلب يكون لذلك تأثيره الخطر والمدمر على الصحة، وبالنسبة لأي رجل يعاني أي مرض نفسي، من المهم للغاية أن يعتني بنفسه جيداً، وأن يتحدث ويتواصل مع الآخرين، للحصول على الدعم.
وقال نوفل: «يشعر الكثير من الرجال بالضغط بسبب فكرة أنه يجب أن يكون (الرجل المثالي)، حيث يعتقد معظم الرجال بأنه من الضروري المحافظة على صورة الشخص القوي والمسيطر، وفي المعظم تؤدي محاولة الالتزام بهذه الفكرة إلى تعرض الرجال للتوتر والقلق وغيرهما من حالات الصحة النفسية ذات الصلة».
وأضاف: «بعض الرجال يخافون من العلاج النفسي بسبب الأضرار الجانبية لبعض الأدوية التي قد تؤثر في الخصوبة أو الانتصاب، إلا أننا نحاول قدر الإمكان عدم اللجوء إلى هذه الأدوية، واستخدام بدائل تحقق النتائج نفسها، إضافة إلى العديد من الحالات المرضية التي قد لا تحتاج إلى أدوية في خطة علاجها».
الوصمة الاجتماعية
وأشار نوفل، إلى أنه يُمكن للشخص المصاب بمرض نفسي وذويه القيام ببعض الخطوات التي من شأنها مساعدة المريض في التعامل مع الوصمة الاجتماعية، منها تذكير المريض بأنّه ليس الشخص الوحيد الذي يعاني مرضاً نفسياً، وطلب المساعدة الطبية، والتفاؤل والتذكر بأن العلاج مفيد دوماً، وتقديم الدعم الأسري اللازم في حال سعي المريض للحصول على المساعدة، والمشاركة الفعّالة في تنفيذ خطة المعالجة، والبقاء نشطاً وعدم الانعزال الاجتماعي الذي قد يكون أحد الآثار الجانبية للشعور بالوصمة الاجتماعية.
وحذّر من أن الوصمة المتعلقة بالصحة النفسية تشكل عبئاً على المريض والمجتمع، وتخلّف آثاراً عميقة تشمل منع طلب المساعدة خوفاً من الحكم والتمييز، وتأخير العلاج أو تجنبه، ما يؤدي إلى تفاقم حالات الصحة النفسية، والعزلة الاجتماعية، والتمييز، ما يسهم في تفاقم المرض، وانخفاض نوعية الحياة وتدني احترام الذات، وضعف الأداء، إضافة إلى الأثر الاقتصادي، وما يترتب عليه من فقدان الإنتاجية وزيادة كُلفة الرعاية الصحية.
الأمراض الأكثر شيوعاً
من جانبها، أكدت الأخصائية النفسية، الدكتورة سارة فريد، أن الأمراض النفسية لا تفرق بين الرجال والنساء، إذ إن كلا الجنسين يعانيان مشكلات نفسية متشابهة في كثير من الأحيان إلا أن الاختلاف يكون في طريقة التعامل معها، وهو ما يتضح من عدد مراجعات النساء للعيادات النفسية مقارنة بالرجال، لافتة إلى أن حالات الاكتئاب أكثر شيوعاً بين النساء، فيما تزداد اضطرابات القلق بين الرجال، وعلى الرغم من ارتفاع عدد المراجعات النساء فإن عدد الرجال الذين يترددون على العيادات النفسية في زيادة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
فيما أشار أخصائي الطب النفسي، الدكتور أحمد السيد، إلى أن الصحة النفسية للرجال تلعب دوراً أساسياً في جودة حياتهم، وتؤثر في علاقاتهم، مشيراً إلى أن الصحة النفسية تُعدُّ مفتاحاً لتحقيق التوازن الداخلي والتأقلم مع التحديات اليومية ويتطلب الحفاظ عليها الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية والشخصية، وتطوير مهارات التحدث والاستماع، وإدارة الوقت، مع التوازن والتفهم للجوانب المختلفة في الحياة، والتركيز على التواصل العاطفي، وإدارة الضغوط، إضافة إلى طلب المساعدة عند الحاجة.
وقال: «الصحة النفسية تؤثر تأثيراً كبيراً في الصحة الجسدية، وإهمالها يزيد من احتمالية الإصابة بالعديد من الأمراض منها أمراض القلب، والسكري، كما إن اضطرابات النوم، تُعدُّ من ضمن المشكلات المرتبطة بالصحة النفسية، إضافة إلى أن إهمال الصحة النفسية يزيد من الشعور المتواصل بالتعب والإنهاك، بينما تساعد الصحة النفسية الجيدة في التعامل مع العقبات والصعوبات بشكل مرتب والحياة بطريقة بسيطة».
تحسين النفسية
وحدد الأطباء خطوات لتحسين الصحة النفسية عند الرجال تضمنت الوعي عبر تحديد ما يمنع من الوصول إلى حالة مزاجية جيدة، والتحدث مع الأشخاص الموثوقين، والبحث واكتشاف المزيد من المعلومات حول حالات الصحة، والتشجيع لاتخاذ خطوات للحصول على المساعدة، إضافة إلى طلب المساعدة الطبية والحصول على الدعم الصحي المناسب.
«سكينة»
من جانبها، أطلقت مجموعة «بيورهيلث» المنصة المتخصصة بالصحة النفسية «سكينة»، لتقديم مجموعة واسعة من الخدمات، تشمل مراكز الصحة النفسية للمرضى الخارجيين، ومراكز التنوُّع العصبي، ومؤسسات للمرضى الداخليين، والعيادات الفرعية المتخصِّصة، وخدمات الرعاية المنزلية. وأعدت هذه الخدمات المتخصِّصة في مجال الطب النفسي لفئات متنوّعة من الأفراد، تبدأ من الفحوص الأولية والتدخل المبكر لتصل إلى تأهيل الأفراد وإعادة دمجهم في المجتمع.
وستوفِّر منصة «سكينة» 34 عيادة فرعية، ومركزَين للصحة النفسية، ومركزَين متخصصين للتباين العصبي، وتسع عيادات متكاملة. وستوظّف المنصة أيضاً أكثر من 500 متخصِّص من الأطباء والعاملين والممرضات، إضافة إلى 77 موظفاً للدعم الإداري. وتتبنى «سكينة» نهجَ رعاية متدرجاً، مع التركيز على الأطفال تحت 10 أعوام، والمراهقين من 10 إلى 18 عاماً، والبالغين وكبار السن حول جميع أعراض الصحة النفسية.
برنامج الصحة النفسية
يقدم مركز أبوظبي للصحة العامة، برنامجاً للصحة النفسية يهدف إلى تعزيز الصحة النفسية للمجتمع وتقليل الوصمة المتعلقة بالاضطرابات النفسية والعلاج المرتبط بها، ويشمل البرنامج عدداً من المشاريع والأنشطة بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين في كل من قطاع الصحة والتعليم وتنمية المجتمع والهيئات الرقمية.
وأشار المركز إلى أن إسهاماته تشمل وضع البرامج الخاصة لتحسين الصحة النفسية لأفراد المجتمع، وتضمين الفحوص النفسية مع الفحوص المبكرة الصحية الأخرى خلال مراحل الحياة، بهدف الكشف المبكر عن المشاكل النفسية، وتوفير المعلومات الموثوقة من خلال المنشورات والمطبوعات لجميع الفئات العمرية، وحشد الجهود للاحتفال سنوياً بيوم الصحة النفسية العالمي، إضافة إلى مواجهة التحديات العصرية المتعلقة بالصحة النفسية والعمل مع الجهات الحكومية والخاصة لمواجهتها والحد من تبعاتها.
. 47 عيادة ومركزاً توفرها «سكينة» للعلاج النفسي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news